تفاهمات أمنية وعسكرية بين بغداد وأربيل حول المناطق المتنازع عليها

اتفاق على تشكيل مركزي للتنسيق للقيام بعمليات مشتركة ضد «داعش»

TT

تفاهمات أمنية وعسكرية بين بغداد وأربيل حول المناطق المتنازع عليها

أعلنت قيادة العمليات المشتركة في وزارة الدفاع العراقية، أمس، المباشرة بتشكيل مركزي للتنسيق الأمني المشترك في بغداد وأربيل، وتنسيق الجهود للقيام بعمليات أمنية ميدانية مشتركة، وتشكيل لجان أمنية لتقييم الوضع في كافة القواطع المشتركة بين قوات الجيش العراقي والبيشمركة، بعد اجتماع مع وفد من وزارة البيشمركة.
وقال اللواء تحسين الخفاجي، مدير إعلام العمليات المشتركة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «قيادة العمليات المشتركة استضافت اجتماعا مهما مع وفد من وزارة البيشمركة، لبحث التنسيق الأمني والعسكري بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان»، مشيرا إلى أن «الاجتماع أثمر عن المباشرة بفتح مراكز تنسيق مشتركة، والمباشرة بالعمل الأمني والعسكري في قاطع عمليات ديالى وإنشاء مراكز تنسيق أمنية فيها، والتحضير للقيام بعمليات ملاحقة لفلول (تنظيم داعش)»، مبينا أنه «تم تشكيل لجان أمنية ميدانية لتقييم التحديات في قواطع العمليات والمحاور الأخرى ضمن خط التماس بين قوات البيشمركة والقوات الاتحادية»، و أكد الخفاجي أن «هذه الجهود تأتي لسد الفراغات الأمنية بين قوات الاتحادية وقوات البيشمركة والتي تستغلها المجاميع الإرهابية».
وعن تنسيق الجهود في مناطق كركوك وسهل نينوى وعودة انتشار قوات البيشمركة فيها، قال الخفاجي إن «التنسيق بدأ في ديالى وبعد نجاحه سيتم العمل في باقي القواطع، ولم تتم الإشارة في هذا الاجتماع إلى موضوع عودة قوات البيشمركة إلى كركوك».
من جهته، قال أمين عام وزارة البيشمركة الفريق جبار ياور لـ«الشرق الأوسط» إن «الاتفاق يتضمن فتح مركزين للتنسيق في بغداد وأربيل والمباشرة بفتح مركز مشترك في قاطع ديالى وخانقين، والاتفاق على تشكيل نقاط تفتيش مشتركة والتخطيط لعمليات عسكرية في المناطق التابعة لقاطع ديالى، إضافة إلى الاتفاق على اجتماع اللجان الميدانية في كركوك ومخمور ونينوى لإعداد خطة عمل لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه لاحقا».
الخبير في الشؤون العسكرية العميد المتقاعد حسن زهير يرى أن «هذا الاتفاق جاء بعد عملية استهداف أربيل بصواريخ من قبل مجاميع مسلحة في منطقة سهل نينوى الأسبوع الماضي، وهدفه منع هذه العمليات خلال الفترة القادمة خاصة بعد تلويح الولايات المتحدة الأميركية بسحب سفارتها من بغداد»، مبينا أن «التنسيق بين القوات الاتحادية والبيشمركة مهم جدا كونه سيقطع الطريق أمام المجاميع المسلحة ويمنعها من استغلال الفراغات العسكرية خاصة بعد أن أعلنت فصائل الحشد الولائي في بيان وقف مشروط لعمليات استهداف السفارة الأميركية في بغداد، حيث يتوقع قيامها بعمليات استهداف من خارج بغداد وتحديدا مناطق الفراغ الأمني على خط التماس مع قوات البيشمركة كاستهداف الأرتال الأميركية أو النقاط والقواعد العسكرية الأخرى»، مضيفا أن «العمليات المشتركة لقوات البيشمركة والاتحادية ستساعد أيضا على ملاحقة فلول (داعش) التي تمركزت في بعض المناطق بين القوتين وقامت بعدة عمليات مؤخرا مثلما حصل في منطقة حمرين قرب ديالى».
وكان الأمين العام لوزارة البيشمركة صرح يوم الاثنين أن وفدا من وزارة البيشمركة مؤلفا من اللجنة العليا للتنسيق العسكري والأمني سيتوجه إلى بغداد للاجتماع مع لجنة التنسيق العسكري والأمني في وزارة الدفاع الاتحادية (قيادة القوات المشتركة)، مبينا أن المحادثات ستتركز على ثلاثة موضوعات، الأول تشكيل مركز للتنسيق بين ضباط قوات البيشمركة والجيش العراقي، والثاني تأسيس الخط الدفاعي المشترك بين قوات البيشمركة والقوات الاتحادية، والثالث تنفيذ عمليات عسكرية ضد «داعش»، موضحا أن هذه الأمور الثلاثة ستكون في حدود محافظات كركوك وديالى ونينوى.
يشار إلى أن المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة، اللواء يحيى رسول، أكد مؤخراً أن المراكز التنسيقية التي تم التباحث بشأنها في ثلاث محافظات تضم ممثلين من وزارتي الدفاع والداخلية الاتحاديتين والقطعات العسكرية ووزارة البيشمركة، وتعمل على تبادل المعلومات والتنسيق في متابعة «داعش» وحركة الأرتال والعجلات المدنية.
وكانت بغداد وأربيل قد اتفقتا قبل أشهر على تشكيل مراكز تنسيق مشتركة لمحاربة فلول «تنظيم داعش» في المناطق المتنازع عليها، وبدأت المحادثات بين القوات العراقية وقوات البيشمركة، بهدف العمل المشترك، منذ عام 2019 إلا أن تداعيات الاحتجاجات العراقية، تسببت في تعليق المحادثات، ليتم استئنافها في يوليو (تموز) الماضي.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.