الجزائر: أويحيى وسلال يواجهان أحكاماً جديدة بالسجن

حقوقيون يواصلون الضغط على الحكومة للإفراج عن مراقب «مراسلون بلا حدود»

جانب من المظاهرات المطالبة بالإفراج عن مراقب «مراسلون بلا حدود» في العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)
جانب من المظاهرات المطالبة بالإفراج عن مراقب «مراسلون بلا حدود» في العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)
TT

الجزائر: أويحيى وسلال يواجهان أحكاماً جديدة بالسجن

جانب من المظاهرات المطالبة بالإفراج عن مراقب «مراسلون بلا حدود» في العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)
جانب من المظاهرات المطالبة بالإفراج عن مراقب «مراسلون بلا حدود» في العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)

يواجه أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، رئيسا وزراء الجزائر سابقاً، أحكاماً ثقيلة جديدة بالسجن، تتعلق بتبديد أموال عامة وتمكين رجال أعمال مقربين من السلطة من مشروعات وصفقات عمومية «بدافع التربّح غير المشروع». وفي غضون ذلك، نظم عشرات الصحافيين والناشطين مظاهرة بالعاصمة للمطالبة بالإفراج عن الصحافي مراقب «مراسلون بلا حدود» خالد درارني.
وانطلقت المحاكمة مساء أول من أمس، ثم استؤنفت أمس صباحاً بسماع محاضر أجهزة الأمن، التي أجرت تحقيقات في مشروعات حصل عليها رجل الأعمال البارز علي حداد، المتهم الرئيسي في القضية، الذي أدانته المحكمة الابتدائية الشهر الماضي بـ18 سنة سجناً، فيما حكمت على أويحيى وسلال بـ12 سنة سجناً لكل منهما. واحتدم جدل كبير في بداية المحاكمة الجارية في الدرجة الثانية من التقاضي (محكمة الاستئناف بالعاصمة)، يتعلق بمدى تخصص محكمة الاستئناف بشأن متابعة رئيس وزراء سابق في وقائع مرتبطة بفترة توليه المسؤولية، حيث طالب محامو أويحيى وسلال بأن تتولى «المحكمة العليا للدولة» محاكمتهما، طبقاً لما ينص عليه الدستور، في حال توجيه تهم ذات طابع جزائي لرئيس الجمهورية ورئيس الوزراء. لكن هذا الهيكل القضائي غير موجود بحكم أن السلطات لم تنشئه، وعليه قدّر القاضي أن محاكمتهما يجب أن تتم في إطار ما هو متوفر في القضاء العادي من هياكل. وقد استغرق هذا الجدل وقتاً طويلاً، انتهى بموافقة المحامين على مواصلة المرافعات عن موكليهما، التي استمرت حتى ساعة متأخرة من ليل أمس.
يذكر أن محاكمة أويحيى وحداد تجري بطريقة «التحاضر من بعد»، لأنهما موجودان في سجنين بعيدين عن العاصمة. في حين جرى إحضار سلال المسجون بالعاصمة، كما جرى إحضار وزيري الصناعة السابقين يوسف يوسفي ومحجوب بدة، ووزير التجارة سابقاً عمارة بن يونس، ووزيري الأشغال العمومية السابقين عمر غول وعبد القادر قاضي، ووزيري النقل سابقاً بوجمعة طلعي وعبد الغني زعلان، وكل هؤلاء المسؤولين يوجدون في السجن منذ عام، وبعضهم متابع في قضايا أخرى لها صلة بفترة تسيير البلاد في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. وقال أويحيى بخصوص المشروعات التي منحها لحداد، بصفته رئيس «المجلس الوطني للاستثمار»، إن «عدة وزراء وضباط عساكر، ممثلين في هذه الهيئة الحكومية، ويدرسون كل الصفقات العمومية، وهم من يرفضونها أو يوافقون عليها إذا كان المعني لا تتوفر فيه شروط الاستثمار»، مؤكداً أن القرار لا يعود له بمفرده. وأفاد أويحيى بأن ملف القضية «يتضمن وقائع منسوبة لي في وقت لم أكن فيه رئيساً للحكومة».
وأدان القضاء مطلع العام أويحيى بالسجن لمدة 15 سنة سجناً، وسلال بـ12 سنة بتهم فساد خطيرة، ذات صلة بالفترة التي كان فيها بوتفليقة غائباً عن المشهد السياسي بسبب المرض (بعد عام 2013).
إلى ذلك، تظاهر أمس عشرات الصحافيين والناشطين بالعاصمة، للأسبوع الثامن للمطالبة بإطلاق سراح الصحافي خالد درارني، الذي أدانته محكمة الاستئناف الشهر الماضي بالسجن عامين مع التنفيذ.
وحمل المتظاهرون، الذين تجمعوا في «دار الصحافة»، صور الصحافي المسجون منذ مارس (آذار) الماضي، ونددوا بالقضاء الذي خضع، حسبهم، لإملاءات السلطة في القضية على أساس أن الرئيس عبد المجيد تبون اتهم الصحافي درارني في مؤتمر صحافي بـ«التخابر لصالح سفارة فرنسا بالجزائر»، وهي تهمة غير واردة في ملفه القضائي. ويرى محامو الصحافي أن تصريحات تبون أثرت على المحكمة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».