مطالب أممية بـ«إصلاحات شاملة» في لبنان

«الثقب الأسود» للفساد يطرد المساعدات

TT

مطالب أممية بـ«إصلاحات شاملة» في لبنان

حذر مسؤولون ودبلوماسيون في نيويورك من «انهيار الاقتصاد» في لبنان، إذا أخفق زعماؤه في تشكيل حكومة تطبق إصلاحات شاملة، مؤكدين أن الاستعدادات قائمة لعقد مؤتمر دولي جديد لدعم الشعب اللبناني. غير أنه لا أحد يقبل بعد الآن بوضع الأموال الدولية في «الثقب الأسود» للفساد المستشري في البلاد.
ورداً على أسئلة «الشرق الأوسط» حول خطط الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ومسؤولين دوليين آخرين لعقد مؤتمر دولي جديد لدعم لبنان، رفض مسؤول كبير في الأمم المتحدة تأكيد ما إذا كانت الاستعدادات لا تزال جارية لعقد هذا المؤتمر خلال أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، كما كان مقرراً. وشدد على ضرورة تشكيل «حكومة جديدة تقوم بعمل شامل من الإصلاحات»، وأوضح أنهم «لا يريدون أن يذهب التمويل مباشرة إلى الحكومة للإغاثة من الانفجار».
وعن المخاوف من انتشار الأسلحة على نطاق واسع في البلاد التي يمكن أن تنزلق إلى حرب أهلية أخرى، قال: «نحن دائماً قلقون على لبنان. لنكن صادقين للغاية: نحن قلقون مما يقوله الجميع عن انهيار الاقتصاد»، معترفاً أنه «بالفعل يمكن أن ينهار».
وأشار دبلوماسي رفيع في مجلس الأمن إلى أن الرئيس الفرنسي «سيواصل العمل من أجل دعم لبنان»، ملاحظاً أنه «ذهب إلى هناك مرتين وهو مستعد لتنظيم مؤتمر آخر لدعم لبنان». وذكر بما قاله ماكرون مراراً في شأن لبنان، موضحاً أنه «لا يمكن أن نساعد لبنان في الإصلاح إذا لم يغير (المسؤولون) اللبنانيون سلوكهم، أو الطريقة التي يتعاملون فيها مع بلدهم». وأفاد أن المجتمع الدولي يحض لبنان على تشكيل حكومة جديدة وتطبيق إصلاحات اقتصادية ومالية». وأضاف: «لنكن صرحاء، سنواصل الدفع من أجل لفت انتباه العالم حول لبنان، ولإنقاذ هذا البلد لأنه عزيز للغاية على قلوبنا». لكنه استدرك أنه «لن نواصل جمع الأموال الدولية ووضعها في ثقب أسود». وعبر عن اعتقاده أن «الناس ملوا لأن درجة الفساد عالية للغاية. وما نحتاج إليه هو التأكد من أن الدعم الدولي للبنان سيستخدم لدعم الشعب اللبناني». وشدد على أن هناك «صلة واضحة بين الحكم والإصلاح والدعم الدولي».
ورداً على ما أشيع سابقاً، أكد أنه «لا يوجد مشروع قرار في مجلس الأمن حول لبنان»، مضيفاً: «لن نصلح لبنان بمشروع قرار».
- الترسيم «خبر جيد»
واعتبر الدبلوماسي الرفيع أن اتفاق لبنان وإسرائيل على ترسيم الحدود البحرية «خبر جيد»، لأن المفاوضات «يمكن أن تحل» هذه المشكلة التي «تسبب توترات بين البلدين»، مشيراً في الوقت ذاته إلى «وجود احتياطات من الغاز قبالة سواحل لبنان وإسرائيل». ولفت إلى ترحيب الدول الأوروبية بهذا التطور المتعلق بالمفاوضات، بيد أنه أقر بأن «الولايات المتحدة منخرطة كثيراً في هذا النقاش بين إسرائيل ولبنان. وكذلك الأمم المتحدة». وقال: «سنقوم بما في وسعنا من أجل دعم هذه المفاوضات بين لبنان وإسرائيل تحت رعاية الأمم المتحدة»، موضحاً أن المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش هو المسؤول عن هذا الملف.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.