لبنان: تثبيت موعد الاستشارات النيابية رهن بمشاورات التكليف

TT

لبنان: تثبيت موعد الاستشارات النيابية رهن بمشاورات التكليف

قال مصدر سياسي في المعارضة بأنه لم يكن هناك خيار أمام الرئيس ميشال عون سوى تحديد موعد لإجراء الاستشارات النيابية المُلزمة لتسمية رئيس الحكومة المكلف، وأن الخيارات الأخرى باتت معدومة، وأن التأخير في إنجازها سيرتد عليه سلباً، مع أن الدستور اللبناني لا يلزمه بمهلة زمنية لإتمام الاستشارات، كما سيؤدي التأخير إلى إحراجه أمام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي أمهل القوى السياسية ما بين 4 و6 أسابيع لتقرر ما تريد بعد انقضاء المهلة التي حددها لتشكيل الحكومة من دون التوصل إلى تفاهم، ما اضطر الرئيس المكلف السفير مصطفى أديب للاعتذار. ولفت المصدر السياسي لـ«الشرق الأوسط» إلى أن تحديد تاريخ 15 كتوبر (تشرين الأول) الجاري لإجراء الاستشارات النيابية المُلزمة لا يعني في ظل المعطيات الراهنة بأن الطريق أصبحت آمنة وسالكة أمام ولادة الحكومة الجديدة، وقال بأن الموعد الذي حدده عون لا يزال يتموضع في خانة الافتراض، ويمكن تأجيله في حال لم تتبدل العوائق التي ما زالت تؤخر تأليفها باتجاه توفير الشروط لتحقيق التلازم بين التكليف والتأليف.
ورأت بأن عون توخى من خلال تحديد موعد إجراء الاستشارات الخروج من الحصار السياسي المفروض عليه والذي بات يتسبب له بإحراج فرنسي، وآخر يقوده البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي لم يدع إلى تشكيل حكومة إنقاذ من جهة والإصرار على التزام لبنان بالحياد الإيجابي.
وأكدت المصادر نفسها بأن شبح العقوبات الأميركية لا يزال يلاحق أكثر من طرف في المنظومة الحاكمة في ضوء ما يتردد عن وجود نية لإصدار رزمة جديدة بأسماء شخصيات ستكون مشمولة بهذه العقوبات، وقالت بأن الكارثة التي حلت ببيروت من جراء الانفجار في المرفأ لم تحرك ساكناً لدى حكومة تصريف الأعمال التي تتصرف وكأن الانفجار حصل في مكان آخر خارج الحدود اللبنانية.
واعتبرت بأن عون أراد بتحديد موعد لإجراء الاستشارات أن يرمي كرة النار في أحضان القوى السياسية لإبعاد الشبهة عنه بأنه المسؤول عن تعطيل تأليف الحكومة من ناحية وبأن يوجه رسالة إلى ماكرون مفادها أنه لن يتزحزح عن التزامه بالمبادرة الفرنسية ولن ينتظر انتهاء المهلة التي حددها ماكرون ليتخذ قراره النهائي.
لكن رسالة عون إلى ماكرون بخصوص تحديد موعد للاستشارات النيابية لن تقدم أو تؤخر في رسم المسار العام لمصير المبادرة الفرنسية، وتعزو المصادر السياسية السبب إلى أن باريس ليست في وارد مقاربة الخطوة التي أقدم عليها رئيس الجمهورية وتتعامل معها على أنها شأن داخلي ولا علاقة لها بالتداول في أسماء المرشحين لتولي رئاسة الحكومة، وبالتالي ستراقب ما ستؤول إليه هذه الخطوة وما إذا كانت ستتم في موعدها.
لذلك تنأى باريس بنفسها - بحسب هذه المصادر - عن إبداء رأيها في الاستشارات لأن ما يهمها إصدار الأحكام إلى ما بعد تشكيل الحكومة، وما إذا كانت على استعداد لمقاربة خريطة الطريق التي تقدم بها ماكرون كما أنها لن تُقحم نفسها في لعبة تسمية هذا المرشح أو ذاك.
وعليه تستبعد هذه المصادر تأجيل موعد الاستشارات إلا في حال إلحاح الأطراف على تأجيلها لقطع الطريق على أن تكون التسمية مفتوحة على عدة أسماء ما يؤخر تأمين ثقة نيابية راجحة للحكومة.
في ضوء كل ذلك تتجه الأنظار إلى المواقف التي صدرت عن رئيس تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري في المقابلة التي أُجريت معه ليل أمس على محطة «إم تي في» للوقوف على مقاربته للمرحلة السابقة التي كانت وراء اعتذار أديب، وأيضاً للمرحلة الحالية في ضوء الدعوة لإجراء الاستشارات.
وفي هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» بأن الأطراف المعنية بتأليف الحكومة تنتظر ما سيقوله الحريري بالتلازم مع الموقف المرتقب لنادي رؤساء الحكومات السابقين الذين التقوا مساء أول من أمس في «بيت الوسط» في إطار لقاءاتهم المفتوحة للتداول في طبيعة المرحلة الراهنة والخطوات الواجب اتخاذها حيال المحاولات الجارية لتشكيل حكومة جديدة.
كما علمت بأن المبادرة التي كان طرحها الرئيس نجيب ميقاتي والتي تنص على تشكيل حكومة عشرينية تتشكل من 14 وزيراً من ذوي الاختصاص و6 وزراء دولة لا يحملون حقائب وزارية قد نوقشت من قبل الرئيسين فؤاد السنيوة وتمام سلام إضافة إلى الحريري وتقرر في نهاية النقاش أن ما طرحه ميقاتي يعكس وجهة نظره وأنه ملتزم بموقف رؤساء الحكومات السابقين الذين سيقولون كلمتهم في الوقت المناسب، وبالتالي لن تكون لها مفاعيل في المشاورات، ويخطئ من يتعامل مع موقف ميقاتي من زاوية الرهان على أن الرؤساء في طريقهم إلى الافتراق وهذا ما سيظهر جلياً في مشاورات تشكيل الحكومة، فهم متمسكون بموقفهم تحت سقف الطائف والدستور ولن يكونوا طرفاً في حكومة للآخرين.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.