«فتح» و«حماس» تقران اتفاق الانتخابات الفلسطينية

عباس ينتظر اتفاقاً شاملاً على البرنامج السياسي قبل إصدار المرسوم الرسمي

الرجوب من «فتح» والعاروري من «حماس» أثناء مباحثاتهما عبر الفيديو في يوليو الماضي (رويترز)
الرجوب من «فتح» والعاروري من «حماس» أثناء مباحثاتهما عبر الفيديو في يوليو الماضي (رويترز)
TT

«فتح» و«حماس» تقران اتفاق الانتخابات الفلسطينية

الرجوب من «فتح» والعاروري من «حماس» أثناء مباحثاتهما عبر الفيديو في يوليو الماضي (رويترز)
الرجوب من «فتح» والعاروري من «حماس» أثناء مباحثاتهما عبر الفيديو في يوليو الماضي (رويترز)

أقرت حركة «حماس» الاتفاق الذي توصل إليه وفدها للحوار مع وفد حركة «فتح» حول المصالحة الداخلية بينهما، وقالت إن قيادة الحركة تبارك التفاهم الذي تم بين وفدي الحركتين، وتؤكد أنه معروض على الفصائل الوطنية كافة لمناقشته، على قاعدة أن الحوار الثنائي -رغم أهميته- ليس بديلاً عن الحوار الشامل، بل هو مقدمة له، بغرض التسهيل والمضي إلى الأمام.
وإقرار «حماس» الاتفاق جاء بعد يوم من إقرار قيادة حركة فتح له، وهو ما يعني عملياً مناقشته مع الفصائل الفلسطينية الأخرى قبل أن يصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس مرسوم الانتخابات رسمياً. وكانت الحركتان قد اتفقتا، الأسبوع الماضي، على إجراء انتخابات متدرجة، تبدأ بالتشريعية ثم الرئاسة ثم المجلس الوطني لمنظمة التحرير، على أن تكتمل كلها في غضون 6 أشهر.
وأكدت حركة حماس ضرورة تهيئة الأجواء الداخلية، وإشاعة أجواء الحريات وتكريس التعددية وإنهاء الملفات العالقة كافة، لنجاح مسار الوحدة والشراكة والمصالحة، بما يضمن المضي دون عقبات، وبما يزيد من ثقة الشعب الفلسطيني بالجدية في تحقيق الوحدة الوطنية.
وقالت الحركة في البيان الذي وزعته أمس إن «الشراكة الوطنية وإنجاز الوحدة خيار استراتيجي وإلزامي لحماس ولفتح، ولكل القوى السياسية والمجتمعية، فلا بديل عن الوحدة، وهي الضمان الوحيد لتحقيق حلم شعبنا في التحرير والعودة وتطهير الأرض والمقدسات». وعدت الحركة أن «الشراكة الوطنية تتجلى في إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني كاملاً على أسس ديمقراطية سليمة، من خلال الانتخابات الشاملة الحرة النزيهة في كل المناطق، وفي المقدمة منها القدس المحتلة، وبالتزامن وبالتوافق الوطني، بما يضمن مشاركة الجميع دون استثناء، فالمشاركة في مختلف المؤسسات والمرجعيات الوطنية حق لكل أبناء شعبنا الفلسطيني في الداخل والخارج، بدءاً من منظمة التحرير الفلسطينية وكل الأطر والمؤسسات المنبثقة عنها».
وتابع البيان: «إن قيادة الحركة ستعمل بكل قوة لتحقيق الشراكة وإنجاز الوحدة، وستقدم كل ما يلزم في سبيل ذلك، حتى يقف شعبنا صفاً واحداً في مواجهة المحتل الغاصب الذي يدنس الأرض والمقدسات».
ودعت «حماس» إلى البدء فوراً بتشكيل هيكلية القيادة الموحدة، والانطلاق في العمل الميداني دون تردد. كما دعت إلى ضرورة الإسراع في عقد جلسات الحوار الفلسطيني الشامل بمشاركة الجميع للاتفاق بشكل نهائي «على خريطة الطريق الوطنية التي تحقق الشراكة والمصالحة».
وجاء بيان «حماس» بعد يوم من إقرار «فتح»، في اجتماع ترأسه الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الاتفاق مع «حماس». وقالت «فتح» إن اللجنة المركزية صادقت بالإجماع على التوافقات التي تمت مع وفد الأخوة في «حماس»، مؤكدة أن مسار الشراكة الوطنية خيار استراتيجي لا رجعة عنه. وفوضت اللجنة المركزية جبريل الرجوب وروحي فتوح وعزام الأحمد بمواصلة العمل لإنضاج العملية الانتخابية، وصولاً لإصدار المراسيم ذات العلاقة بأسرع وقت ممكن. وقال أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل الرجوب إن اللجنة أقرت خلال اجتماعها تشكيل قيادة موحدة تتحمل مسؤولية العمل من أجل تطوير وتفعيل المقاومة الشعبية والفعاليات الوطنية في الوطن والشتات. وأوضح الرجوب أن مركزية فتح أقرت كذلك البدء فوراً في حوار مع الفصائل لاستكمال وضع الآليات المطلوبة التي تم التوافق عليها خلال لقاء الأمناء العامين لجميع الفصائل الفلسطينية، ووفق البيان رقم واحد للقيادة الوطنية الموحدة.
وأكد نائب رئيس «فتح»، محمود العالول، للصحافيين في رام الله أن القيادة المشكلة ستتحمل مسؤولية العمل على تطوير وتفعيل المقاومة الشعبية والفعاليات الوطنية داخل الأراضي الفلسطينية وخارجها.
وذكر العالول أن الخطوة تستهدف إيجاد قيادة موحدة للعمل الشعبي، تتولى تطوير المقاومة السلمية وإكسابها زخماً جديداً في كل الأراضي الفلسطينية، لزيادة تأثيرها ورفع الكلفة على الاحتلال الإسرائيلي.
ويفترض الآن أن تتفق الفصائل على موعد لعقد اجتماع الأمناء العامين للفصائل الذي سيسبق إعلان تحديد موعد إجراء الانتخابات الفلسطينية العامة. وقال العالول إن الاتصالات الجارية تستهدف التوصل إلى قواسم مشتركة حول الملفات كافة ذات العلاقة بالوحدة الوطنية وموعد الانتخابات. وأكد العالول الحاجة للتوافق على قانون الانتخابات وآليات إجرائها، والتفاصيل ذات العلاقة كافة، قبل أن يصار إلى إصدار مرسوم بتحديد موعد الانتخابات. كما أشار إلى الحاجة للحصول على موافقة خطية من الفصائل كافة بشأن جميع القضايا ذات العلاقة بملف الانتخابات، فضلاً عن التفاهم على البرنامج السياسي، والالتزام بوحدانية تمثيل منظمة التحرير.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.