سلاح البحرية الإسرائيلية يقيم «جدارا إلكترونيا متطورا» في المتوسط

الجيش سرب النبأ حتى لا يسبقه نتنياهو ويستفيد منه في دعايته الانتخابية

سلاح البحرية الإسرائيلية يقيم «جدارا إلكترونيا متطورا» في المتوسط
TT

سلاح البحرية الإسرائيلية يقيم «جدارا إلكترونيا متطورا» في المتوسط

سلاح البحرية الإسرائيلية يقيم «جدارا إلكترونيا متطورا» في المتوسط

شرع سلاح البحرية وسلاح الهندسة في الجيش الإسرائيلي، هذه الأيام، في إقامة جدار إلكتروني بحري قرب رأس الناقورة، على خط حدود المياه الإقليمية اللبنانية، وذلك بدعوى «منع عمليات تسلل بحرية من الشمال»، وكشفت في الوقت نفسه أن حاجزا مماثلا أقيم في منطقة الجنوب لمنع التسلل من قطاع غزة.
وأوضحت مصادر عسكرية أن الجدار هو عبارة عن خط وهمي يرسمه سلاح البحرية على الخريطة، ويتم تفعيل مجسات وأجهزة استشعار وتصوير متطورة، وتحريك دوريات عسكرية مكثفة ومفاجئة على طول هذا الخط، بهدف الكشف عن عمليات التسلل فوق الماء وتحته من جنوب لبنان ومن قطاع غزة.
وجاء في تقرير تلفزيوني إسرائيلي، أن أجهزة الاستشعار المستخدمة تتيح للجيش الإسرائيلي الكشف عن تحركات غواصين أفراد أو مراكب بحرية بمختلف الأحجام أو غواصات. وأوضح أن عمليات إقامة الحاجز تتم تحت حماية سفن حربية وبمساعدة شركات أميركية وأوروبية.
وأضاف التقرير أن فكرة الحاجز البحري تدور في رؤوس الجنرالات منذ سنوات، بعدما نجحت إقامة الجدار العازل على الحدود البرية مع الضفة الغربية ولبنان وسوريا. ومع تدهور الأوضاع الأمنية في سوريا، واقتراب خطر «داعش» من حدود إسرائيل مع سوريا والأردن، تقرر البحث في إمكانية بناء حاجز على طول الحدود مع الأردن وتعزيز الجدار في هضبة الجولان. ثم بدأ التفكير في حاجز بحري. ولكن خلال الحرب الأخيرة على غزة، أصبح الموضوع ملحا، وخصوصا بعد أن اكتشفت الاختراق الأمني قرب كيبوتس (زيكيم) على شاطئ البحر المتوسط جنوب إسرائيل. فقد شهد هذا الشاطئ عملية تسلل قوية نفذها الكوماندوز البحري التابع لكتائب القسام، الذراع العسكرية لحركة حماس.
وتسود قناعة في إسرائيل، بأن «حزب الله» اللبناني، الذي يسعى لتعزيز قدراته البحرية بشكل حثيث، سيشكل خطرا مماثلا لخطر الكوماندوز الحماسي، لأن لديه كوادر مدربة أكثر. وأضافت المصادر العسكرية، بحسب التقرير المذكور، أن «(حزب الله) يستثمر الكثير من الأموال في السنوات الأخيرة لشراء معدات بحرية يستخدمها وقت الحاجة، من أجل تنفيذ عمليات بحرية ضد إسرائيل، كالتي قامت بها حماس خلال عملية الجرف الصامد، وكانت تهدف للوصول إلى داخل مناطق حساسة داخل إسرائيل، من بينها قواعد عسكرية بحرية قريبة من المنطقة الحدودية».
ولم يكشف التقرير عن المكان المحدد للجدار الأمني البحري، بيد أن عمليات مراقبة هذا الجدار البحري تتم من خلال غرف محوسبة، مربوطة بأجهزة الحاسوب في القوارب البحرية وطائرات سلاح الجو، حتى يستطيع من خلالها الجنود الرد على أي خرق أمني بسرعة كبيرة.
الجدير ذكره، أن تقرير شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، الذي يعرض التوقعات بشأن الشرق الأوسط في عام 2015، اعتبر أن «حزب الله» وحماس انتقلتا من طرق الدفاع والاستنزاف بواسطة الصواريخ إلى طرق الهجوم والاحتكاك بواسطة تفعيل القوى في المناطق الإسرائيلية. وهدفهما هو رسم صورة انتصار وضرب قدرة الصمود لدى المدنيين. وقد رأينا هذا التغيير في عملية الجرف الصامد وفي حرب الأنفاق وفي إنشاء الوحدات الخاصة للعمل داخل الأراضي الإسرائيلية. في المقابل شدد «حزب الله» وحماس على ضرب إسرائيل بواسطة السلاح الدقيق: صواريخ شاطئ – بحر، طائرات من دون طيار وقذائف متطورة. من بين الدروس المستخلصة من عملية الجرف الصامد، إدخال صواريخ قصيرة المدى ولكن محملة برؤوس متفجرات كبيرة تساعد على تدمير المباني قرب الحدود، الأمر الذي اعتبر خلال الجرف الصامد مركبا حيويا لتحطيم روح العدو. وبالفعل فإن «حزب الله» يمتلك صواريخ «الفرقان» التي تصل إلى مدى 4 – 5 كلم، لكنها تحمل رأسا متفجرا ضخما. إن« حزب الله» على أهبة الاستعداد في الجنوب اللبناني بانتظار صدور الأمر الإيراني في اللحظة التي ستشعر فيها إيران بالتهديد. وهو يواصل التسلح، حسب خطة عمل متعددة السنوات.
من جهة ثانية، وفي حديث خاص بـ«الشرق الأوسط»، أشار مصدر سياسي مطلع، إلى أن الجيش الإسرائيلي سرب المعلومات عن الجدار البحري، موجها النشر، ليس فقط إلى «حزب الله» وحماس بل إلى المعركة الانتخابية الإسرائيلية أيضا. ففي الجيش يلاحظون أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يكثر من زيارة المواقع العسكرية منذ سقوط حكومته. ويطلق التصريحات التي يبرز فيها الموضوع الأمني، بعدما أشارت استطلاعات الرأي إلى أن اليمين برئاسة نتنياهو يتغلب على الوسط واليسار في الموضوع الأمني ويخسر أمامهما في الموضوع الاقتصادي الاجتماعي. ولذلك فإنه سمح لنفسه بأن يفاجأ سلاح البحرية قبل يومين بالإعلان عن انضمام 4 سفن حربية جديدة إليه، من دون أن يعرف بذلك. فقد تبين أن الحديث يجري عن محادثات أولية وليس عن صفقة ناجزة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.