بغداد تطمئن واشنطن ولندن بإجراءات كفيلة بأمن البعثات الأجنبية

معلومات عن قائمة أهداف من 40 اسماً من قادة الفصائل المسلحة

الكاظمي مجتمعاً مع وزير الدفاع الإيطالي (تويتر)
الكاظمي مجتمعاً مع وزير الدفاع الإيطالي (تويتر)
TT

بغداد تطمئن واشنطن ولندن بإجراءات كفيلة بأمن البعثات الأجنبية

الكاظمي مجتمعاً مع وزير الدفاع الإيطالي (تويتر)
الكاظمي مجتمعاً مع وزير الدفاع الإيطالي (تويتر)

في وقت حبس فيه العراقيون أنفاسهم خلال المؤتمر الصحفي للرئيس الأميركي دونالد ترمب في ساعة متأخرة من فجر أمس (الاثنين)، بشأن ما إذا كان سيتطرق إلى الوضع العراقي، تجاهل ترمب تماماً ما يجري في العراق من جدل حول إذا كانت ستغلق سفارة واشنطن الأكبر في العالم في بغداد أم لا. السفارة الأميركية من جانبها وفي ذروة الجدل المحتدم بين مختلف الأوساط السياسية بشأن الأخبار عن غلقها، أعلنت أنها سوف تجري سلسلة اختبارات خلال اليومين المقبلين، ما يستوجب إطلاق مزيد من صفارات الإنذار، الأمر الذي جعلها تعتذر من السكان لما يتسبب به هذا الإجراء من إزعاج لهم.
الرئاسات العراقية الثلاث ومجلس القضاء الأعلى أصدرت من جهتها بياناً شديداً هو الأقوى من نوعه حيال السلاح المنفلت ومحاولات الجهات الخارجة عن القانون إعلان الحرب بديلاً عن الدولة. وقال بيان رئاسي إن «التطورات الأمنية التي حدثت في الآونة الأخيرة من استمرار استهداف المراكز والمقرات المدنية والعسكرية، وتواصل أعمال الاغتيال والخطف بحق ناشطين مدنيين إنما تمثل استهدافاً للعراق وسيادته». وأضاف البيان أن «المنحى الذي تتجه إليه أعمال الجماعات الخارجة عن القانون ضد أمن البلاد وسيادتها، يمثل منحى خطيراً يعرض استقرار العراق إلى مخاطر حقيقية».
إلى ذلك، التقى مستشار الأمن الوطني العراقي قاسم الأعرجي أمس (الاثنين)، بكل من السفير الأميركي في بغداد ماثيو تولر، والسفير البريطاني ستيفن هيكي، في محاولة من الحكومة العراقية طمأنة الجانبين الأميركي والبريطاني بشأن قدرة الحكومة العراقية على تأمين حماية البعثات الدبلوماسية الأجنبية والتعامل بقوة مع الخارجين عن القانون. وقال بيان صادر عن مكتب الأعرجي إنه «جرى خلال اللقاء بحث تعزيز التعاون المشترك بين العراق والولايات المتحدة الأميركية في جميع المجالات، والسبل الكفيلة بتطوير العلاقة المتنامية بين بغداد وواشنطن». وأكد السفير الأميركي وفقاً للبيان، «استمرار دعم بلاده للحكومة العراقية في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب والمساعدة في تخطي التحديات الراهنة». وفي هذا السياق، يقول عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي الدكتور ظافر العاني لـ«الشرق الأوسط»، إن «غلق السفارة سوف تتبعه على الأغلب إجراءات عقابية على مستوى الأفراد والمؤسسات»، مشيراً إلى أن «المعلومات لدي أن واشنطن أعدت قائمة بأربعين اسماً من قادة الفصائل المسلحة ستعتبرهم أهدافاً لها وستصدر بحقهم عقوبات مالية وقانونية». وأضاف أنه «فيما يتعلق بالعراق، فإنها سوف تعامله بالطريقة ذاتها التي تعامل بها طهران من حصار اقتصادي وتضييق مالي ونقدي وعزلة سياسية، فضلاً عن قطع أشكال التعاون الأمني والعسكري». وأوضح العاني أن «قرار الغلق والمقاطعة سيكون جماعياً، إذ إن هناك نحو 13 بعثة دبلوماسية أوروبية ستتخذ الموقف نفسها، فضلاً عن عدد من الدول العربية»، مؤكداً أن «هذا يعني في النهاية أن النظام السياسي برمته سيكون مشكوكاً بشرعيته، وبالتالي يكون الوضع مفتوحاً على كل الخيارات».
في السياق ذاته، يرى الخبير الأمني والاستراتيجي فاضل أبو رغيف لـ«الشرق الأوسط» أن «من غير المتوقع غلق السفارة الأميركية في بغداد، كما لا أتوقع وجود تهديد مثلما جرى تهويله في وسائل الإعلام، حيث إنه من الصعوبة بمكان أن تتخلى الولايات المتحدة الأميركية بهذه البساطة عن عمقها الاستراتيجي والسوقي في منطقة الشرق الأوسط، وهو العراق». وأضاف أبو رغيف أنه «في الوقت الذي يمكن فيه القول إن التصعيد سوف يستمر، فإنه يندرج ضمن الدعاية بالرغم من وجود رسائل يمكن أن تكون وصلت، وهي في الغالب شخصية إلى حد كبير لكن تم تسريبها بطريقة أربكت الوضع خلال الأيام الثلاثة الماضية». وأوضح أبو رغيف أن «عملية غلق السفارة مستبعدة، لكنه حتى في حال تم اتخاذ مثل هذا القرار، فإنه لا يعني قطع العلاقات أو توجيه عقوبات أو حتى توجيه ضربات عسكرية انتقائية».
إلى ذلك، أعرب زعيم «ائتلاف الوطنية» ورئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي عن خشيته من تأثر العراق بحزمة الصراعات المندلعة في المنطقة. وقال علاوي في بيان، إن على الساسة والمسؤولين في العراق التحلي بمزيد من الصبر والحكمة والروية، معرباً عن خشيته من أن «ينال العراقيين أذى جراء سياسات أو قرارات غير مدروسة».
وأضاف أن «في الشرق بوادر حرب بين أرمينيا وأذربيجان، وتوتراً إيرانياً - أميركياً، فضلاً عن تعثر عملية السلام الفلسطيني، والصراع التركي - الكردي والتوتر التركي - اليوناني والتركي - السوري شمالاً وغرباً، بالإضافة إلى التصعيد الذي يشهده جنوب العراق والذي لا يسر أبداً». وتابع علاوي: «نحذر من توسع تلك الصراعات وتأثيرها على العراق وشعبه»، داعياً إلى «ضرورة تغليب مصلحة الوطن والنظر إلى معاناة أبنائه والدعوة إلى حوار الأضداد وتغليب المصالح ونبذ العنف».



محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة إلى «مشاورات أوسع» بشأن «لجنة إدارة غزة»

فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
TT

محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة إلى «مشاورات أوسع» بشأن «لجنة إدارة غزة»

فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)

مشاورات موسعة تتجه لها محادثات حركتي «حماس» و«فتح» بالقاهرة، بعد اتفاق أولي على تشكيل لجنة إدارة لقطاع غزة، واختلاف بشأن وضع إطار مؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية يشمل فصائل فلسطينية جديدة، ضمن مساعٍ مصرية جادة لترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، وعقد اجتماع قريب للفصائل لحسم تفاصيل بشأن اللجنة ومسار ما بعد الانتخابات الأميركية المقررة الثلاثاء.

جاء ذلك بحسب مصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، كاشفة عن أن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس المتواجد بالقاهرة لديه اعتراض على أي تغييرات حالية في منظمة التحرير الفلسطينية، تؤثر على أي مسار مستقبلي للقضية الفلسطينية، لافتين إلى أن اللجنة المؤقتة تم التوافق الأولي عليها خلال محادثات القاهرة، وتنتظر اجتماع الفصائل لحسم التفاصيل وإصدار مرسوم رئاسي.

واختتمت محادثات بين حركتي «حماس» و«فتح» يومها الثالث بالقاهرة، عقب الاستمرار في نقاش استمر بشأن ملفين اثنين، هما: تفاصيل إعلان اللجنة المجتمعية لإدارة قطاع غزة، ومساعي وضع إطار مؤقت لـ«منظمة التحرير الفلسطينية» يضمن مشاركة «حماس» و«الجهاد» وباقي الفصائل، وفق مصدر فلسطيني مطلع على مسار المباحثات تحدث إلى «الشرق الأوسط»، أكد أن المحادثات ستجدد بشكل موسع عقب الاتفاق الأولي على تشكيل اللجنة واختلاف بشأن الإطار لم يحسم بعد.

وكانت «اجتماعات حركتي (فتح) و(حماس) بالقاهرة انطلقت السبت، بشأن إنشاء (لجنة الإسناد المجتمعي) المعنية بإدارة شؤون غزة، والسعي لتحقيق الوحدة الفلسطينية، وعدم فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة»، وفق مصدر أمني مصري، تحدث لقناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، لافتاً إلى أن «الحركتين لديهما نظرة إيجابية تجاه التحركات المصرية بشأن تشكيل (لجنة الإسناد المجتمعي) رغم التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية».

ووفق المصدر الأمني «تتبع (لجنة الإسناد المجتمعي) السلطة الفلسطينية، وتتضمّن شخصيات مستقلة، وتصدر بمرسوم رئاسي من الرئيس محمود عباس وتتحمّل اللجنة إدارة قطاع غزة».

وبحسب تصريحات للقيادي في «حماس» أسامة حمدان، مساء الاثنين، فإن «أجواء اللقاء مع حركة (فتح) في القاهرة كانت إيجابية وصريحة»، لافتاً إلى أنه «تم النقاش مع (فتح) حول تشكيل هيئة لمتابعة أمور غزة واحتياجاتها»، دون تفاصيل أكثر.

وكشف القيادي في حركة «فتح»، أستاذ العلوم السياسية، الدكتور أيمن الرقب، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «المعلومات المتوفرة تشير إلى أن المحادثات انتهت في يومها الثالث دون غلق الباب أو إصدار نتائج لحين مشاورات موسعة ستجري وتشمل كل الفصائل في اجتماع قد يكون هذا الشهر بالقاهرة».

وبحسب الرقب «تم تأجيل النقاش بشأن الإطار المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتم الاتفاق المبدئي على تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي، وينتظر الأمر مرسوماً رئاسياً من الرئيس الفلسطيني واجتماع الفصائل المرتقب لبحث أسماء أعضاء اللجنة وتشكيلها وعملها»، لافتاً إلى أن «هذا التأجيل لا يقلل من مسار القاهرة، ولكنه مسعى لتعزيز الاتفاق على تشكيل اللجنة بعد اجتماع الفصائل».

وشهدت محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة، تجاوز خلافات بشأن مرجعية عمل اللجنة هل تتبع الحكومة الفلسطينية أم لا، بـ«التوافق على أنها تتبع»، وفق معلومات الرقب، مستدركاً: «بالنسبة لملف الإطار المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، فأبو مازن وحركة (فتح) رفضا ما كانت (حماس) تريد إنجازه بشأن وضع إطار مؤقت وتأجل لنقاشات لاحقة».

وأكد الخبير الاستراتيجي المصري، اللواء سمير فرج، أن الاجتماع أسفر عن «الاتفاق مبدئياً على تشكيل لجنة إدارة غزة بعد خروج إسرائيل، ولها 4 مهام، وهي أنها تدير الناحية الإدارية بغزة، ومسؤولة عن توزيع المعونات الإغاثية، وتعد خطة إعمار القطاع، وأن يصدر قرار رئاسي بشأنها من السلطة».

وهناك محاولات لتقريب وجهات النظر بشأن وضع الإطار المؤقت بشأن منظمة التحرير الفلسطينية، وخاصة المنظمة تعترف بحل الدولتين و«هناك اعتراضات من (حماس) على ذلك»، وفق فرج، مؤكداً أن مساعي مصر مستمرة في توحيد الموقف الفلسطيني ودعمه بشكل مطلق.

وفي هذا الصدد، أكد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الاثنين، في لقاء بالقاهرة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، «دعم مصر قيادة وشعباً للقضية الفلسطينية، ورفض كل أشكال التصعيد الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني الشقيق في غزة أو الضفة الغربية، مع استمرار الجهود المصرية المكثفة، الهادفة للتهدئة ووقف إطلاق النار وإنفاذ المساعدات الإنسانية، والعمل، في الوقت ذاته، على حماية حق الشعب الفلسطيني المشروع في إقامة دولته المستقلة».

وشدد الرئيس المصري على «دعم مصر للسلطة الفلسطينية، وبذلها جهوداً كبيرة لمساعدة الأشقاء في الوصول لتفاهمات وتوافق في الرؤى بين جميع أطياف الشعب الفلسطيني، لضمان مواجهة التحديات الجسيمة والتهديدات التي تواجهها القضية الفلسطينية في هذا الظرف التاريخي الدقيق»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

وهذا الموقف المصري هو استمرار لتأكيد دعم القضية الفلسطينية، بحسب اللواء سمير فرج، مؤكداً أن القاهرة يهمها بكل السبل وقف الحرب بغزة وترتيب البيت الفلسطيني وتوحيده ليكون قوياً أمام التحديات الموجودة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور أيمن الرقب، أن «مصر تستشرف الخطر وتريد ترتيب الأوراق الفلسطينية، خاصة مع اقتراب إعلان الفائز بانتخابات الرئاسة الأميركية، بما يسهم من تقوية موقفها التفاوضي والتوصل لحل جاد».ويتوقع أن تكون هناك عراقيل محتملة ستواجه اللجنة، منها الرفض الإسرائيلي، وعدم الاتفاق على ترتيبات بين الفصائل في أسرع وقت، مثمناً الجهود المصرية المتواصلة لإيجاد حلول سريعة وتحقق المزيد من الحقوق الفلسطينية.