شكاوى أممية من تعرض المحتجزين في ليبيا لـ«انتهاكات»

فريق طبي تابع للمنظمة الدولية للهجرة في حملة توعوية بمركز للمهاجرين في طرابلس (المنظمة الدولية للهجرة)
فريق طبي تابع للمنظمة الدولية للهجرة في حملة توعوية بمركز للمهاجرين في طرابلس (المنظمة الدولية للهجرة)
TT

شكاوى أممية من تعرض المحتجزين في ليبيا لـ«انتهاكات»

فريق طبي تابع للمنظمة الدولية للهجرة في حملة توعوية بمركز للمهاجرين في طرابلس (المنظمة الدولية للهجرة)
فريق طبي تابع للمنظمة الدولية للهجرة في حملة توعوية بمركز للمهاجرين في طرابلس (المنظمة الدولية للهجرة)

في ظل شكاوى أممية من تعرض المحتجزين في ليبيا لـ«انتهاكات»، وتدفق موجات جديدة من الهجرة على ليبيا، خلال الأسابيع الماضية، رعت المنظمة الدولية للهجرة في ليبيا ورشة لتدريب معنيين بملف المهاجرين غير الشرعيين والعاملين في المجال الإنساني بطرابلس، بهدف تدريبهم على إجراء عمليات البحث وإنقاذ المهاجرين المتسللين عبر الصحراء.
وقالت المنظمة الدولية، أمس، إن أكثر من 95 في المائة من المهاجرين يصلون إلى ليبيا عبر الصحراء، في تجربة تتحول إلى محنة لغالبية المتسللين عبر الحدود المترامية، والمشتركة مع 4 دول عربية وأفريقية.
وتنشط عصابات تهريب المهاجرين على حدود ليبيا مع التشاد والنيجر، بالإضافة إلى مصر والسودان، عبر رحلة في قلب الصحراء الشاسعة، غالباً ما تكون محفوفة بالمخاطر وتفوح منها «رائحة الموت» إما بالعطش، أو بالتعذيب على يد العصابات التي تبتز المهاجرين قبل بيعهم إلى طرف آخر.
وتعتمد الورشة التدريبية، حسب المشاركين، على كيفية إنقاذ المهاجرين من التيه في الصحراء من خلال توحيد جهود الأجهزة الأمنية لتوفير الحماية لهم، قبل أن يقضوا عطشاً وجوعاً، أو يقعوا فريسة عصابات التهريب التي تتاجر بهم. وتطرقت الورشة إلى الوسائل التي يستوجب توفيرها، من خيام وتسيير دوريات في عمق الصحراء، بالتنسيق بين جميع المؤسسات الليبية العاملة على الحدود.
وتجني العصابات العاملة في الهجرة أموالاً طائلة من المتاجرة في شراء وبيع المهاجرين، الذين يتم نقلهم عبر شاحنات مغلقة من جنوب إلى غرب ووسط البلاد، قبل تسريبهم إلى البحر الذي يلتهم أعداداً كبيرة منهم.
وفرض الاتحاد الأوروبي منتصف الأسبوع الحال، عقوبات على موسى دياب، الذي يتهمه بالاتجار بالبشر والاغتصاب وقتل اللاجئين.
ودياب أو «إذياب» ناشط كبير في تهريب المهاجرين وخطفهم في مدينة بني وليد (شمال غرب)، وسبق أن ورد اسمه في تقارير أممية عدة، اتهمته بارتكاب جرائم «تعذيب بشعة» بحق مهاجرين، وقتل من يحاول الهرب أو يرفض أهله دفع الفدية.
في السياق ذاته، ألقت «منظمة العفو الدولية»، أمس، اللوم على الاتحاد الأوروبي بسبب الانتهاكات التي يتعرض لها اللاجئون والمهاجرون في ليبيا، وانتقدت دوله الأعضاء بسبب دعم حكومة «الوفاق» في طرابلس، وخفر السواحل التابع لها، في اعتراض المهاجرين واللاجئين في البحر وإعادتهم مجدداً إلى ليبيا. وقالت المنظمة إنه يتم نقل المهاجرين إلى مراكز احتجاز بعد ذلك؛ حيث «يتعرضون لاحتجاز تعسفي لأجل غير مسمى، في ظل ظروف غير إنسانية».
وذهبت «منظمة العفو الدولية» إلى أن الاتحاد الأوروبي لم يضغط على حكومة «الوفاق» المدعومة من الأمم المتحدة من أجل صون حقوق اللاجئين والمهاجرين. إذ قال ماركوس بيكو، الأمين العام للمنظمة في ألمانيا: «على الرغم من الوعود المنتظمة من جانب السلطات الليبية باتخاذ إجراءات ضد مثل هذه الجرائم، فإن معظمها لا يزال دون حل، ودون عقاب».
وتحاول الدول الأوروبية التوسط للتوصل إلى حل، بعد أن هيأت الفوضى التي تضرب ليبيا الظروف لمهربي البشر للعمل في البحر المتوسط.
وأجرت منظمة العفو الدولية مقابلات مع 43 شخصاً في سياق ذلك التقرير، من بينهم 32 لاجئاً ومهاجراً تم اعتقالهم جميعاً لمرة واحدة على الأقل في ليبيا. وأمضى كثيرون بعض الوقت خلف القضبان في مراكز اعتقال بدون أحكام قضائية. وقد تم خطف جميع هؤلاء من أجل الحصول على فدية، وجرى تعذيبهم أو اغتصابهم أو حرمانهم من الطعام لحين تدبير أسرهم مبالغ الفدية. وتقول المنظمة الدولية إن الوضع في شرق ليبيا، الخاضعة للحكومة المؤقتة، ليس أفضل حالاً؛ حيث يواجه اللاجئون والمهاجرون الإعادة القسرية إلى البلدان المجاورة، دون أن تتاح لهم إمكانية طلب الحماية الدولية. وقالت منظمة العفو الدولية إن أكثر من 5 آلاف شخص طردوا هذا العام، بعضهم ترك على الحدود مع السودان وتشاد دون أي طعام أو ماء.
وأضافت المنظمة أن طرفي النزاع وميليشيات أخرى «لم تبذل سوى القليل من الجهود لضمان وصولهم للمعلومات والرعاية الصحية منذ تفشي (كوفيد 19) في ليبيا».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».