المغرب: بدء التحقيق مع صحافي متهم بـ«التخابر»

TT

المغرب: بدء التحقيق مع صحافي متهم بـ«التخابر»

انطلقت أمس بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، جلسة التحقيق التفصيلي مع الصحافي المغربي عمر الراضي (34 عاما)، الذي يواجه تهم «المس بسلامة الدولة»، و«التخابر»، إضافة إلى تهمة «الاغتصاب»، وهي تهم تتجاوز عقوبتها 10 سنوات سجنا. وجاء ذلك بالتزامن مع تنظيم نشطاء حقوقيين وقفة احتجاجية تضامنية مع المتهم أمام المحكمة، مطالبين بالإفراج عنه.
وبدأت هذه القضية في يونيو (حزيران) الماضي حين نشرت «منظمة العفو الدولية» تقريرا يفيد بتعرض هاتف الصحافي الراضي للتجسس، باستعمال برنامج معلوماتي لشركة إسرائيلية، واتهمت المنظمة الدولية السلطات المغربية بالوقوف وراء التجسس على هاتف الصحافي. لكن السلطات نفت بشدة هذا الاتهام، وطالبت «أمنستي» بتقديم دليل على ذلك. وقد خلفت هذه القضية توترا بين السلطات المغربية والمنظمة ما زال مستمرا إلى اليوم.
وتقدمت النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بمدينة الدار البيضاء بملتمس لإجراء تحقيق حول الاشتباه في تلقي الصحافي الراضي أموالا من جهات أجنبية «بغاية المس بسلامة الدولة الداخلية، ومباشرة اتصالات مع عملاء دولة أجنبية بغاية الإضرار بالوضع الدبلوماسي للمغرب»، كما توبع في قضية أخرى تتعلق بـ«الاغتصاب»، بعدما تقدمت سيدة بشكوى ضده في هذا الشأن، فتم اعتقاله نهاية شهر يوليو (تموز).
وأصدرت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، أمس بيانا قالت فيه إن قضية «التجسس» المثارة ضد الراضي «ترتكز أساسا على عمله الصحافي، وعلى أبحاث أجراها بموجب عقود مع شركات أجنبية». أما تهمة الاغتصاب فهي «ناجمة عن علاقة قال إنها كانت رضائية».
وكانت منظمة العفو الدولية قد أطلقت حملة دولية لمطالبة الحكومة المغربية بالإفراج عن الراضي، لكن «المجلس الأعلى للسلطة القضائية»، وهو مؤسسة دستورية تمثل السلطة القضائية في المغرب، رد بأن حملة المنظمة تحمل «مغالطات تمس استقلال القضاء، وتعطي الانطباع بتحكم الحكومة فيه»، معتبرا أن حملة (أمنستي) «تتجاهل كون السلطة القضائية في المغرب مستقلة عن الحكومة، وأنه لا يحق لأي أحد التدخل في أحكام القضاة، وأن المجلس الأعلى للسلطة القضائية مؤتمن على حماية استقلال القضاء، ومنع التأثير في القضاة وفي أحكامهم». كما اعتبر المجلس أن المتابعة الجارية في حق الراضي «لا علاقة لها بكتاباته الصحافية»، وإنما «باتهامه باغتصاب سيدة، وهتك عرضها بالعنف، بناء على شكوى هذه الأخيرة، والمس بسلامة الدولة الخارجية، بمباشرة اتصالات مع عملاء سلطة أجنبية بغرض الإضرار بالوضع الدبلوماسي للمغرب».
يذكر أنه سبق لمحكمة في الدار البيضاء أن حكمت على الراضي في مارس (آذار) الماضي بالسجن أربعة أشهر موقوفة التنفيذ، بتهمة «المس بالقضاء» بعد انتقاده أحكاما صدرت بحق نشطاء (حراك الريف)، وهي الحركة الاحتجاجية التي اندلعت في شمال المغرب في 2016، بعد وفاة بائع سمك.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.