بعد أن أمضى أسطورة كرة القدم البرازيلية زيكو الجزء الأكبر من حياته الكروية مع نادي فلامنغو، انطلق زيكو في مغامرة كروية قادته للانتقال إلى العديد من بلدان العالم. فبعد أن لعب في إيطاليا واليابان، دخل عالم التدريب وعمل في كل من اليابان والبرازيل وتركيا وروسيا واليونان والعراق وقطر والهند، قبل أن يتولى منصبه الحالي مع نادي كاشيما أنتلرز في الدوري الياباني الممتاز.
وفي مدينة ريو دي جانيرو، مسقط رأسه، يتمتع زيكو بشعبية أكبر من أسطورة كرة القدم البرازيلية والعالمية بيليه. سجل زيكو 334 هدفاً في استاد ماراكانا الشهير، ويُعد معشوقاً لجماهير نادي فلامنغو وأفضل لاعب في تاريخ هذا النادي العريق، الذي يعد الأكثر شعبية في البلاد. وعلى الرغم من أن زيكو لم يفز أبداً بكأس العالم، فإنه صنع تاريخاً حافلاً مع منتخب البرازيل، وسجل الهدف الذي جعل البرازيل أول دولة من أميركا الجنوبية تفوز على منتخب إنجلترا على ملعب ويمبلي، وكان ذلك في مايو (أيار) 1981.
وقبل يومين من إقامة تلك المباراة في لندن، كان زيكو غير قادر على الحركة بسبب معاناته الشديدة من دمل تحت ذراعه. يقول النجم البرازيلي عن ذلك: «لم أشارك في التدريبات، وكان يتعين عليّ الخضوع لعملية جراحية صغيرة. في ذلك الوقت، قال الطبيب إنه لا توجد طريقة لإعطائي مخدراً، وقرر استئصاله بالمشرط. وضعت منشفة في فمي وأمسكت بأحد زملائي في الفريق، وأدخل الطبيب مشرطه تحت ذراعي».
وإذا كان طبيب المنتخب البرازيلي قد ساعده في التخلص من آلامه واللحاق بالمباراة، فإن حارس مرمى المنتخب الإنجليزي، راي كليمنس، قد ساعده من غير قصد على تسجيل هدف الفوز في المباراة. يقول زيكو: «هناك حراس مرمى يحبون وضع منشفة أو حقيبة داخل المرمى، لكن مثل هذه الأشياء تساعد بعض المهاجمين في تحقيق أهدافهم، فعندما كنت أقوم بالدوران رأيت تلك الحقيبة في زاوية المرمى، وسددت الكرة لتذهب مباشرة إلى الحقيبة داخل المرمى».
ولم يلعب زيكو لأي نادٍ إنجليزي - قضى موسمين في أودينيزي خلال الفترة التي كان فيها الدوري الإيطالي الممتاز هو الأفضل في العالم - لكنه يقول إن الدوري الإنجليزي الممتاز هو البطولة المفضلة بالنسبة له في الوقت الحالي.
ويضيف: «كمشاهد، لن أستبدل بالدوري الإنجليزي الممتاز أي دوري آخر. إنني دائماً أشاهد مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز، لأنه يقدم نوعاً مختلفاً من كرة القدم بالمقارنة بما كانت تقدمه الأندية الإنجليزية عندما كنت لاعباً».
ويتابع: «عندما كنت لاعباً، كانت الأندية الإنجليزية تقدم كرة قدم مباشرة، كما يقولون بلغة اليوم، بمعنى أن يقوم اللاعب بركل الكرة في الهواء ثم يقوم آخر بإرسال كرة عرضية إلى منطقة الجزاء فقط. لكن هذا الأمر لم يعد موجوداً الآن، حيث نجح الدوري الإنجليزي الممتاز في استقطاب أفضل اللاعبين الدوليين في عالم كرة القدم، وهو الأمر الذي رفع مستوى البطولة كثيراً. لقد طورت إنجلترا طريقة اللعب، حتى في المنتخب الإنجليزي نفسه، كما ظهر لاعبون إنجليز بإمكانات وقدرات مختلفة عما كان عليه الأمر في الماضي».
ويعتقد زيكو أن تطور اللاعبين الإنجليز يعكس الآن ما شهده في إيطاليا في الثمانينات من القرن الماضي، قائلاً: «لقد حدث هذا في إيطاليا مع اللاعبين الأجانب، حيث أدى التعاقد مع لاعبين بارزين إلى تطوير مستوى المنتخب الإيطالي آنذاك. ونتيجة لذلك التغيير فازت إيطاليا بكأس العالم عام 1982، قبل أن تفوز به مرة أخرى عام 2006. وظهر لاعبون بارزون بقدرات وإمكانات مختلفة عن النمط التقليدي لكرة القدم الإيطالية، مثل بيرلو، وديل بييرو، وروبرتو باجيو. كما وصل المنتخب الإيطالي إلى الدور نصف النهائي لكأس العالم عام 1990».
ويضيف: «لقد تغير الحمض النووي للإيطاليين قليلاً، إن جاز التعبير، حيث توقفوا عن اللعب بالطريقة الدفاعية البحتة التي تعتمد على مراقبة لاعب للاعب، وبدأوا يبدعون داخل الملعب ويقدمون كرة قدم جميلة وممتعة، بدلاً من التفكير في الدفاع في المقام الأول والأخير. عندما يكون لديك لاعبون دوليون كبار، فإن ذلك يساعد اللاعبين الشباب في التطور واكتساب مهارات أخرى. وهذا هو ما يحدث حالياً مع كرة القدم الإنجليزية ومع اللاعبين الإنجليز الصاعدين. لقد فازت إنجلترا بكأس العالم تحت 20 عاماً وكأس العالم تحت 17 عاماً، وهذا دليل على أسلوبهم الحالي في كرة القدم - أسلوب جديد بكل تأكيد».
وأشار قائد منتخب البرازيل في كأس العالم 1982 إلى أنه يستمتع بمشاهدة مانشستر سيتي وليفربول أكثر من باقي الأندية.
وبالطبع، فإن زيكو لديه ذكريات جميلة عن اللعب ضد ليفربول، ففي عام 1981، قاد نادي فلامنغو للفوز على ليفربول بثلاثية نظيفة في المباراة النهائية لكأس العالم للأندية، وهي المباراة التي شهدت مواجهة قوية بين بطلي أوروبا وأميركا الجنوبية في ذلك الوقت.
يقول زيكو إن الشيء الذي كان له تأثير كبير على نتيجة هذه المباراة هو الاستعداد الجيد، مضيفاً: «لقد وصل الفريق الإنجليزي وهو لا يعلم شيئاً عنا، بينما كنا نعرف عنهم كل شيء. كان لدينا رجل هنا يعمل مع المنتخب البرازيلي منذ فترة طويلة فيما يتعلق بدراسة الفرق المنافسة، وكان يدعى جايرو دوس سانتوس. لقد كان لديه كل شيء يتعلق بهذا المجال، فلم تكن لديه مقاطع فيديو فحسب، لكن كان لديه أيضاً مجلات وصحف أوروبية. لقد كان يعرف كل شيء عن الفرق الأوروبية، وقد أرسل كل المعلومات التي يعرفها إلى المدير الفني لنادي فلامنغو آنذاك، باولو سيزار كاربيجياني».
ويضيف: «لقد كانت لدينا معلومات عن إمكانات وقدرات كل لاعب، والتغييرات الخططية والتكتيكية التي يقومون بها، والطريقة التي يقف بها اللاعبون في النواحي الدفاعية. لقد استفدنا كثيراً من مواقف معينة - على سبيل المثال الخط الذي كانوا يلتزمون به عندما يتحولون للنواحي الدفاعية - وقد سجلنا هدفين بهذه الطريقة، حيث كنا نمرر الكرة سريعاً مع الحرص على عدم الوقوع في التسلل. لقد صنعت هدفين لنونيس بهذه الطريقة».
وأقيمت هذه المباراة الشهيرة ضد ليفربول في اليابان، وهي الدولة التي تحول فيها زيكو إلى أسطورة بعد ذلك. وربما يتذكر النجم الإنجليزي غاري لينيكر أيضاً أنه لعب المباراة الافتتاحية للدوري الياباني الممتاز عام 1993 ضد زيكو.
فقد نجح النجم البرازيلي، الذي كان في الأربعين من عمره آنذاك، في تسجيل ثلاثة أهداف في المباراة التي فاز فيها كاشيما أنتلرز على ناغويا غرامبوس إيت بخماسية نظيفة. يقول زيكو: «لقد كان ذلك شيئاً رائعاً، لأن هذه كانت المباراة الافتتاحية للموسم وكانت هناك توقعات كبيرة للغاية بشأن هذه المباراة، خصوصاً أن الجميع كان ينتظر المواجهة بيني وبين لينيكر. لقد حظيت هذه المباراة بتغطية كبيرة للغاية من الصحافة اليابانية ووسائل الإعلام الدولية».
وقد لعب زيكو مع نادي كاشيما أنتلرز، كما تولى القيادة الفنية للفريق بعد ذلك وتولى منصب مدير الكرة بالنادي أيضاً. كما تولى القيادة الفنية لمنتخب اليابان في كأس العالم 2006، وقد يفسر هذا سبب كون زيكو أحد البرازيليين القلائل الذين أقيمت لهم تماثيل خارج البرازيل. في الواقع، هناك ثلاثة تماثيل لزيكو تكريماً له في اليابان.
زيكو: الدوري الإنجليزي الأفضل في العالم الآن
البرازيلي {الأسطورة} يستعيد ذكريات الفوز على ليفربول ومسيرته في إيطاليا واليابان
زيكو: الدوري الإنجليزي الأفضل في العالم الآن
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة