الانتخابات الأميركية... الحدث الأعلى مخاطرة لأسواق المال في التاريخ

المستثمرون يتحوطون لـ«أزمة دستورية»

تعتبر «بلومبرغ» الانتخابات الرئاسية الأميركية الحالية الحدث الأعلى مخاطرة لأسواق المال في ضوء الطريقة المعتادة للمراهنة على التقلبات (رويترز)
تعتبر «بلومبرغ» الانتخابات الرئاسية الأميركية الحالية الحدث الأعلى مخاطرة لأسواق المال في ضوء الطريقة المعتادة للمراهنة على التقلبات (رويترز)
TT

الانتخابات الأميركية... الحدث الأعلى مخاطرة لأسواق المال في التاريخ

تعتبر «بلومبرغ» الانتخابات الرئاسية الأميركية الحالية الحدث الأعلى مخاطرة لأسواق المال في ضوء الطريقة المعتادة للمراهنة على التقلبات (رويترز)
تعتبر «بلومبرغ» الانتخابات الرئاسية الأميركية الحالية الحدث الأعلى مخاطرة لأسواق المال في ضوء الطريقة المعتادة للمراهنة على التقلبات (رويترز)

تتزايد احتمالات تحول الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة يوم 3 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، إلى فوضى. وهناك مجموعة من السيناريوهات المطروحة أمام العاملين في أسواق المال، كان لا يمكن التفكير فيها من قبل.
وطرحت وكالة «بلومبرغ» هذه السيناريوهات في صورة أسئلة، منها ماذا لو خسر الرئيس دونالد ترمب الانتخابات ورفض الاعتراف بالنتيجة؟ وماذا لو خسر منافسه الديمقراطي جو بايدن ورفض الاعتراف بالنتيجة؟ وماذا لو فاز ترمب بالأغلبية في المجمع الانتخابي وخسر في التصويت الشعبي؛ مما يفتح الباب أمام موجة احتجاجات شعبية لم تشهدها البلاد من قبل؟
وبحسب جيرد ديليان، المحلل الاقتصادي ومؤلف كتاب «نزوة الشارع: المال والجنون في ليمان برازرز»، الذي حصل على جائزة أفضل كتاب عام 2011 من مجلة «نيوزويك»، فإن هذه السيناريوهات ليست الوحيدة المطروحة.
وأوضح ديليان، أنه يميل إلى السيناريو المرتبط بحساب الأصوات التي ستتم عبر البريد والتي قد تسجل رقماً قياسياً هذه المرة بسبب جائحة فيروس كورونا. فالديمقراطيون بشكل عام يميلون إلى التصويت عبر البريد في ظل الجائحة، في حين يميل الجمهوريون إلى التصويت في مراكز الاقتراع. لذلك؛ فإن ترمب قد يتقدم على منافسه بايدن مع بدء فرز الأصوات، ثم يبدأ التراجع مع وصول بطاقات الاقتراع القادمة بالبريد وفرزها. لذلك؛ يمكن أن نتخيل شكل المناخ السياسي في ظل مثل هذا السيناريو. ويقول ديليان، إنه لا يتحدث عمن يفوز بالانتخابات؛ لأن أسواق المال تركز الآن على طبيعة العملية الانتخابية أكثر من تركيزها على النتيجة.
فالمشكلة في التصويت عبر البريد، من وجهة نظره ليست في احتمالات التزوير، وإنما في الوقت الطويل الذي ستستغرقه عملية فرز وتجميع هذه الأصوات. وسيسخر العالم من الولايات المتحدة عندما يأتي يوم 3 نوفمبر ويمر دون إعلان اسم الرئيس الفائز بالانتخابات، والذي قد يتأخر إعلانه أسابيع عدة.
ويقول ديليان «علمنا أن المستثمرين اتخذوا إجراءات تحوط قبل الانتخابات بهدف حماية محفظتهم الاستثمارية من أي تراجع سريع»، وعادة ما تأخذ هذه الخطوة شكل شراء «وضع الخيارات» على مؤشر سوقي واسع، لكن أيضاً يمكن أن تتضمن هذه الإجراءات استراتيجيات تحوط أشد تعقيداً.
ويذكر أن عقود «وضع الخيارات» تتيح للمستثمر أو صندوق الاستثمار المراهنة على مستقبل شركة أو مؤشر، حيث يتيح العقد لمالكه بيع سهم الشركة بسعر معين قبل تاريخ محدد بغض النظر عن سعر السهم في السوق. وقد أصبحت التحوطات شائعة؛ مما أدى إلى زيادة كبيرة في مستويات التقلبات الضمنية للأسواق.
وذكرت خدمة «بلومبرغ نيوز» الإخبارية، أنه يتم اعتبار الانتخابات الرئاسية الأميركية الحالية الحدث الأعلى مخاطرة لأسواق المال على مر التاريخ في ضوء الطريقة المعتادة للمراهنة على التقلبات... ولكن غير المعتاد هو أن التقلبات تتزايد مع ارتفاع أسعار الأسهم، وهو أمر نادر الحدوث. ويعتبر التحوط ضد الانتخابات مسؤولاً جزئياً عن هذه الظاهرة. ويقول التاريخ إنه عندما يكون حجم التداول في أسواق المال كبيراً للغاية، فإنه من غير المحتمل أن تمضي الأمور وفقاً للمطلوب. تخيل لو أن كل صندوق استثمار اشترى عقود «وضع خيارات» على مؤشر سوقي واسع، قبل الانتخابات. فإذا تراجعت أسعار الأسهم بعد الانتخابات كما هو متوقع، فإن الصناديق ستبيع خياراتها كإجراء احترازي، حيث ستكون العقود قد زادت من حيث القيمة، لكن قرار تخلي الصناديق عن مشتريات التحوط ستسبب المزيد من الارتفاع لسوق الأسهم. معنى ذلك، فإنه إذا كان الجميع يتوقع انخفاض الأسعار، فمن الصعب أن تتراجع السوق بصورة مستدامة، وهذا سيؤدي إلى نوع من التناقضات التي نراها مؤخراً، حيث يقع حادث سلبي وفي الوقت نفسه ترتفع الأسواق.
ويمكن القول، إن صناديق التحوط الاستثماري والعاملين في سوق الأوراق المالية لا يتحوطون حالياً ضد النتيجة غير المرغوبة بالنسبة لهم للانتخابات؛ أي فوز المرشح الديمقراطي جو بادين الذي يتقدم على ترمب في أغلب استطلاعات الرأي الكبرى، ويتعهد بزيادة الضرائب هو أمر سيئ بالنسبة للاقتصاد والأسواق، لكنهم يتحوطون لما هو أخطر وهو انهيار العملية الانتخابية بالكامل ودخول البلاد في أزمة دستورية. فماذا لو تدخلت المحكمة الدستورية لحسم الخلاف حول نتيجة الانتخابات كما حدث عام 2000؟
وفي تلك الفترة كانت سوق الأسهم بالفعل في ذروة أزمة انفجار فقاعة أسهم التكنولوجيا، لكن الغموض الذي أحاط بنتيجة الانتخابات شكّل ضغوطاً قوية ومستمرة على الأسهم طوال الربع الأخير من ذلك العام.
أخيراً، يقول المحلل الاقتصادي ديليان، إن المستثمرين أمضوا أغلب شهور العام الحالي وهم يحاولون معرفة كيف تكون سوق الأسهم جيدة بهذه الصورة في حين أن أوضاع الاقتصاد سيئة للغاية. ويمكن للمرء أن يتخيل مدى التناقض والتنافر الذي سيواجهه المستثمرون خلال الشهرين الأخيرين من العام الحالي بعد إجراء الانتخابات.


مقالات ذات صلة

قبيل بيانات التضخم... الدولار قرب أعلى مستوى في أسبوعين

الاقتصاد أوراق نقدية من فئة الدولار الأميركي (رويترز)

قبيل بيانات التضخم... الدولار قرب أعلى مستوى في أسبوعين

تداول الدولار بالقرب من أعلى مستوى له في أسبوعين مقابل الين، قبيل صدور بيانات التضخم الأميركي المنتظرة التي قد تكشف عن مؤشرات حول وتيرة خفض الفائدة.

«الشرق الأوسط» (طوكيو )
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن (أ.ف.ب)

بايدن: خطة ترمب الاقتصادية ستكون «كارثة»

وصف الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن اليوم الثلاثاء الخطط الاقتصادية لخليفته دونالد ترمب بأنها «كارثة».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مبنى بنك «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

«سيتي غروب» تعدّل توقعاتها وتنتظر خفضاً للفائدة 25 نقطة أساس

انضمّت «سيتي غروب» التي توقعت سابقاً خفضاً لأسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس من قبل «الاحتياطي الفيدرالي»، إلى بقية شركات السمسرة في توقعها بخفض 25 نقطة أساس.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد شخص يحمل لافتة حول معارضته حظر «تيك توك» أمام مبنى الكابيتول في مارس 2023 (أ.ف.ب)

هل ينقذ ترمب «تيك توك» من الحظر؟

أيَّدت محكمة استئناف أميركية قانوناً يلزم «بايت دانس» المالكة لـ«تيك توك» ببيع المنصة أو مواجهة حظر العام المقبل، مما يوجه ضربة كبيرة للشركة الصينية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد لافتة توظيف معروضة على واجهة متجر بيع بالتجزئة في كارلسباد بكاليفورنيا (رويترز)

سوق العمل الأميركية تتعافى في نوفمبر بإضافة 227 ألف وظيفة

شهدت سوق العمل الأميركية انتعاشاً قوياً في نوفمبر؛ إذ أضافت 227 ألف وظيفة، في تعافٍ ملحوظ بعد التباطؤ الكبير الذي شهدته في أكتوبر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

مسؤولون في بنك اليابان: تأخير رفع الفائدة لن يتسبب في تكاليف كبيرة

العلم الوطني يرفرف أمام مبنى بنك اليابان في طوكيو (رويترز)
العلم الوطني يرفرف أمام مبنى بنك اليابان في طوكيو (رويترز)
TT

مسؤولون في بنك اليابان: تأخير رفع الفائدة لن يتسبب في تكاليف كبيرة

العلم الوطني يرفرف أمام مبنى بنك اليابان في طوكيو (رويترز)
العلم الوطني يرفرف أمام مبنى بنك اليابان في طوكيو (رويترز)

قال مسؤولون في بنك اليابان إن التأخير في رفع أسعار الفائدة لن يتسبب في تكاليف كبيرة وإن البنك يظل منفتحاً على رفع أسعار الفائدة في اجتماعه الأسبوع المقبل، استناداً إلى البيانات وتطورات السوق، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر.

وأفادت «بلومبرغ» بأن البنك المركزي الياباني لا يعتبر أن هناك تكلفة كبيرة للتأجيل حتى رفع أسعار الفائدة التالي. وأشار التقرير إلى أن بعض صناع السياسات لا يعارضون رفع الفائدة في ديسمبر (كانون الأول) إذا تم طرح الفكرة. وأضاف أن المسؤولين ينظرون إلى الزيادة المقبلة في أسعار الفائدة باعتبارها مسألة «متى» وليس «ما إذا كانت ستحدث»، معتبرين أنها مجرد «مسألة وقت».

وحتى إذا قرر بنك اليابان الانتظار حتى يناير (كانون الثاني) أو لفترة أطول قليلاً، فإن المسؤولين يرون أن هذا التأجيل لن يشكل عبئاً كبيراً، إذ تشير المؤشرات إلى أن هناك خطراً ضئيلاً من تجاوز التضخم المستهدف، وفقاً للمصادر. في الوقت نفسه، لا يعارض بعض المسؤولين رفع أسعار الفائدة في الاجتماع المقبل إذا تم اقتراح ذلك.

وأشار صناع السياسة أيضاً إلى أن تأثير ضعف الين على زيادة الضغوط التضخمية أصبح محدوداً في هذه المرحلة.

وفي الأسواق، تُسعر التداولات احتمالية رفع بنك اليابان أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس خلال اجتماعه المقبل بنسبة تقارب 26 في المائة، ما يعكس ترقباً حذراً من المستثمرين لخطوة البنك المقبلة.