نيابة أمن الدولة السودانية تدوّن بلاغات ضد رئيس «المؤتمر الوطني» المنحل

TT

نيابة أمن الدولة السودانية تدوّن بلاغات ضد رئيس «المؤتمر الوطني» المنحل

قالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن نيابة الجرائم الموجهة ضد الدولة ومكافحة الإرهاب في السودان، دونت بلاغات جنائية ضد رئيس حزب «المؤتمر الوطني» (المنحل) وزير الخارجية الأسبق، إبراهيم غندور، وآخرين، تصل عقوبتها السجنية إلى ما بين 3 و5 سنوات مع الغرامة. وألقت سلطات الأمن السودانية القبض على غندور في 29 من يونيو (حزيران) الماضي، بعد مداهمة منزله وتفتيشه. وسبق توقيف غندور احتجاز السلطات تسعة من قادة الحزب والحركة الإسلامية، بمزاعم التخطيط لارتكاب أعمال عدائية ضد مسيرة مليونية لأنصار الحكومة الانتقالية في 30 من يونيو الماضي. وأفادت المصادر أن التحريات لا تزال مستمرة مع غندور حول التهم الموجهة إليه.
وجرى تكليف غندور برئاسة الحزب (المنحل)، عقب عزل الرئيس عمر البشير من الحكم بثورة شعبية في أبريل (نيسان) 2019، انحازت لها القوات المسلحة وقوات الدعم السريع. وأضافت المصادر المتطابقة أن النيابة كفلت كافة الحقوق القانونية للمتهم، وسمحت له بالتحدث إلى محاميه، وزيارة الأقارب من الدرجة الأولى، مشيرة إلى أنه بصحة جيدة.
وقال أحمد، نجل غندور، لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا توجد تهمة، ولا نعرف الجهات التي تقدمت بالدعوة».
مبرزاً أن توقيف والده «اعتقال سياسي بحت، وإذا كانت هنالك بلاغات حقيقية، فإننا نطالب النيابة بإكمال التحريات وتقديم الملف إلى المحكمة».
ويواجه غندور بلاغاً آخر في النيابة تحت المادة 2/177 من قانون الإجراءات الجنائية، يشمل تهم خيانة الأمانة، وتبديد المال العام، واستغلال النفوذ.
وكانت لجنة تفكيك واجتثاث النظام المعزول، قد أصدرت في ديسمبر (كانون الأول) 2019 قراراً بحل حزب «المؤتمر الوطني» الذي كان يتزعمه الرئيس المعزول عمر البشير، وشمل القرار حل واجهات الحزب من منظمات ونقابات. ونص القانون الذي تقدم به «تحالف قوى الحرية والتغيير»، المرجعية السياسية للحكومة الانتقالية، وأجازه مجلسا (السيادة والوزراء)، الهيئة التشريعية المؤقتة، بمصادرة أصول وممتلكات الحزب، والحجز على دوره بالعاصمة والولايات، وتجميد حساباته المالية بالبنوك.
ويحظر القانون أي نشاط سياسي للحزب (المنحل) خلال الفترة الانتقالية البالغة 39 شهراً، ويعاقب من يخالفه بالسجن 10 سنوات. وقد فشلت محاولات بعض القوى السياسية في الضغط على شركاء الحكم لإصدار قانون العزل السياسي لحزب «المؤتمر الوطني».
وكان غندور قد صرح بعدم اعترافه بقانون حل حزبه، وكتب قبيل أيام من اعتقاله تدوينة على صفحته الشخصية بـ«فيسبوك»، تحدى فيها السلطات قائلاً: «لن يخيفنا قانون وضعته مجموعة سياسية من ممارسة حقوقنا التي هي ليست منحة من أحد، وفي سبيل تلك الحقوق نحن على استعداد تام لدفع المقابل سجناً أو غيره».
ويعاقب القانون السوداني من يعارض أو يدعو لمعارضة السلطة بالقوة، أو العنف الجنائي، وكل من يدير أو يشترك في منظمة تدبر لارتكاب أي جريمة، بالسجن من 10 إلى 5 سنوات، والغرامة أو بالعقوبتين معاً.
وتجرى حالياً محاكمة البشير، و34 من قادة الإسلاميين من المدنيين والعسكريين بتهمة الانقلاب العسكري، وتقويض النظام الديمقراطي، ويواجهون عقوبات تصل أقصاها إلى الإعدام، أو السجن المؤبد، بحسب هيئة الاتهام.
وأسس حزب «المؤتمر الوطني» منتصف تسعينات القرن الماضي، بعد استيلاء «الجبهة الإسلامية» على السلطة بانقلاب عسكري في عام 1989، خطط ودبر له عراب الحركة الإسلامية السودانية، حسن عبد الله الترابي. وانقسم الحزب إلى فصيلين بعد المفاصلة الشهيرة للإسلاميين عام 1999، استغلها البشير عبر تدابير عسكرية، وتآمر مع مجموعة من الإسلاميين للإطاحة بالترابي من مراكز اتخاذ القرار في الحكومة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».