التحقيق بانفجار المرفأ يشمل قضاة والحريق الثاني غير مفتعل

TT

التحقيق بانفجار المرفأ يشمل قضاة والحريق الثاني غير مفتعل

لم تحمل التحقيقات القضائية التي يجريها المحقق العدلي في ملفّ انفجار مرفأ بيروت القاضي فادي صوّان مفاجآت جديدة، إذ بقيت لائحة التوقيفات عند حدود 25 شخصاً، لكنّ مصادر قضائية رجّحت أن «تشهد الأيام المقبلة بعض التطورات، سواء عبر استدعاء وزراء وسياسيين أو قادة أمنيين وقضاة وإخضاعهم للتحقيق. ولم تستبعد أن «يتحوّل بعض من استمع إليهم كشهود إلى مدعى عليهم، وهذا متوقّف على تقييم إفاداتهم التي أدلوا بها، ومقاطعتها مع إفادات آخرين».
واستكمل المحقق العدلي تحقيقاته أمس، فاستمع إلى إفادة وزير الأشغال والنقل السابق يوسف فنيانوس بصفة شاهد، ثم استجواب شخصين آخرين مدعى عليهما وتركهما بسندي إقامة، وأوضحت مصادر متابعة لمسار القضية لـ«الشرق الأوسط» أن فنيانوس «أبلغ المحقق العدلي بأنه اتخذ كلّ الإجراءات التي تقع ضمن صلاحياته، وأنه زوّد القاضي صوّان بالمستندات المتوفرة لديه والتي ضمّت إلى الملفّ». وأكدت أن فنيانوس «أبدى استعداده لتقديم كل ما يفيد التحقيق القضائي ويؤدي إلى كشف ملابسات الجريمة».
وعلمت «الشرق الأوسط»، أن القاضي صوّان «سيستمع اليوم وغداً (الأربعاء والخميس) إلى مسؤولين أمنيين وعسكريين، بينهم الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمود الأسمر، خصوصاً بما خصّ الجانب المرتبط بسحب بند «نترات الأمونيوم» عن جدول أعمال المجلس الأعلى للدفاع الذي انعقد قبل انفجار المرفأ ببضعة أيام». وأشارت المعلومات إلى أن التحقيق «قد يشمل في الساعات القادمة قضاة كانت وردتهم مراسلات بوجود «نترات الأمونيوم» في المرفأ، ومعرفة الأسباب التي حالت دون اتخاذ قرار حاسم بنقلها إلى مكان آمن، أو إعادة شحنها إلى الخارج».
وردّ القاضي صوّان طلبات تخلية السبيل التي تقدّم بها عدد من الموقوفين، وقرر إبقاءهم قيد التوقيف، فيما رفض طلب مدير عام الجمارك الموقوف بدري ضاهر، تمديد مدّة إقامته في المستشفى الذي نقل إليه بعد الوعكة الصحية التي ألمت به، وأمر بإعادته إلى مكان توقيفه في سجن الريحانية التابع للشرطة العسكرية. في هذا الوقت، أمر النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، بختم التحقيقات الأولية التي أجراها الجيش اللبناني، بشأن الحريق الذي اندلع في مرفأ بيروت يوم الخميس الماضي، وتسلّم محاضر التحقيقات مع ثلاثة موقوفين من العمال الذين أجروا أعمال التلحيم التي تسببت باندلاع الحريق، وأحال الملف مع الموقوفين على النيابة العامة في بيروت للادعاء عليهم بجرم الإهمال الذي أدى إلى نشوب الحريق، وتخريب ممتلكات عامة وخاصة.
وكشف القاضي عويدات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «لم تتوفر معطيات تفيد بأن الحريق مفتعل، بل هو ناجم عن خطأ وإهمال في أعمال الصيانة». وأوضح «أن لا رابط بين هذا الحريق وانفجار المرفأ الذي وقع في الرابع عشر من أغسطس (آب) الماضي) حتى الآن، لذلك أحيل على الملف النيابة العامة في بيروت، بدلاً من المحقق العدلي».
وقال عويدات: «إذا توفرت لدى قاضي التحقيق الذي سيجري التحقيقات الاستنطاقية معطيات تثبت وجود ترابط بين هذا الحريق وانفجار المرفأ، عندها يحال الملف مجدداً على القاضي فادي صوّان تبعاً للصلاحية ويضمّ إلى الملف الأساسي».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».