سلام يجدد دعوته لمقاربة قضية العسكريين المخطوفين بـ«التكتم» وليس «المبارزة»

لا تكليف رسميا لأحد الوسيطين.. والفليطي قد يلتقي الخاطفين قريبا

نساء لبنانيات يحملن صور أقربائهن من الجنود المخطوفين لدى «داعش» و«النصرة» في مظاهرة ببيروت (إ.ف.ب)
نساء لبنانيات يحملن صور أقربائهن من الجنود المخطوفين لدى «داعش» و«النصرة» في مظاهرة ببيروت (إ.ف.ب)
TT

سلام يجدد دعوته لمقاربة قضية العسكريين المخطوفين بـ«التكتم» وليس «المبارزة»

نساء لبنانيات يحملن صور أقربائهن من الجنود المخطوفين لدى «داعش» و«النصرة» في مظاهرة ببيروت (إ.ف.ب)
نساء لبنانيات يحملن صور أقربائهن من الجنود المخطوفين لدى «داعش» و«النصرة» في مظاهرة ببيروت (إ.ف.ب)

لا يزال ملف العسكريين المخطوفين لدى «داعش» و«جبهة النصرة»، يراوح في مكانه في ظل عدم حصول أي من الوسيطين في هذه القضية؛ نائب رئيس بلدية عرسال، أحمد الفليطي، والشيخ أحمد المصري، على أي تفويض رسمي، في حين جدد رئيس الحكومة، تمام سلام، دعوته إلى مقاربة هذا الموضوع بكثير من التكتم وليس بـ«الحديث والمبارزة».
وبينما أكد المصري أن «الوساطة لم تتوقف لإطلاق العسكريين، والاتصالات بينه وبين الخاطفين أهم بكثير من أي زيارة إلى جرود عرسال»، أعلن الفليطي أنه «قد يزور جرود عرسال في أي لحظة حتى قبل الحصول على جواب الحكومة على مطالب (داعش) للإفراج عن العسكريين المخطوفين»، مشيرا إلى أنه «طلب منه رسميا التكتم الشديد بشأن الملف والتزام الصمت». وكان الفليطي قد سلم الحكومة اللبنانية مطالب التنظيم التي كان قد تسلمها قبل أيام، بعد تكليفه بتولي مهمة التفاوض من قبل النائب وليد جنبلاط، عبر وزير الصحة وائل أبو فاعور.
وقال سلام بعد لقائه البطريرك الماروني بشارة الراعي لتهنئته بالأعياد: «آمل من الجميع وفي مقدمتهم الإعلام، أن نحرص على التعاطي بكثير من الجدية والتكتم في هذا الملف. لن ولم يحرر العسكريين الفولكلور الذي شهدناه في الأشهر الماضية، بل على العكس لقد أودى بحياة 4 عسكريين. رجاء من الجميع أن يساهموا معنا في جدية هذا الملف بعدم الاستفزاز والتنافس والمبارزة، لا في المعلومات ولا في المواقف ولا في المشاعر. كفانا كل ذلك لأنه لم يعطِ نتيجة».
وكان تنظيم داعش عمد إلى إعدام عسكريين لديه، بينما قتلت «جبهة النصرة» اثنين آخرين، كان آخرهما علي البزال، قبل أسبوعين.
وأضاف سلام: «ما نقبل به وما لن نقبل به لن يكون سلعة أو مادة في أيدي أحد للمبارزة به، ما نقدم عليه وما سنراه وما سنعتمده سيتم بالتكتم لنصل إلى نتائج، كما تتعاطى به كل دول العالم عندما تتعامل مع هذه الموضوعات»، مضيفا: «الموضوع يتعلق بأرواح بشر وعسكريين لبنانيين، لا يمكن أن يتحولوا إلى سلعة للتجاذب بين هذا الفريق أو ذلك. الأمر ليس استعراضيا أو فولكلوريا كما أخذ هذا المنحى. أخذنا قرارا بالتفاوض لكن القضية تتطلب كثيرا من العناية وكثيرا من الدقة. أما إذا تم التعاطي معه بخفة، فلن نصل إلى النتائج المرجوة. وأنتم تعلمون أننا نتعاطى مع جهتين وليس مع جهة واحدة، وهناك تنافس بين تلك الجهتين».
وبعد 5 أشهر على اختطاف العسكريين في معركة عرسال بين الجيش والمسلحين، في شهر أغسطس (آب)، أمل الناطق باسم الأهالي ووالد أحد العسكريين، حسين يوسف أن «يكون أبناؤنا معنا قبل رأس السنة أو في مطلع السنة المقبلة، فيتحول العيد إلى عيد وطني كبير»، مشيرا في حديثه لـ«وكالة الأنباء المركزية»، إلى أن «الأجواء التي لمسناها خلال جولاتنا، ومن الفليطي، توحي بحلحلة في القضية، نتمنى أن تكون قريبة».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.