المحاصصة الحزبية ترفض تلميذاً لزها حديد أميناً لبغداد

الحبوبي اختير من بين 30 معمارياً عالمياً لتصميم مبنى مجلس الوزراء

TT

المحاصصة الحزبية ترفض تلميذاً لزها حديد أميناً لبغداد

اختار رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي صديقاً له أميناً لبغداد خارج سياق إرادة الكتل السياسية. هذه الكتل اعتادت إما الترشيح المباشر لمن يتولى المناصب العليا، وإما التوافق على المرشح، وإما على الأقل لا تستخدم حق «الفيتو» المفتوح لها ضده.
المفاجأة أن هذا الصديق هو المهندس المعماري العالمي منهل عزيز الحبوبي؛ الذي يذكر بيان السيرة الخاص به أنه تلميذ المعمارية العالمية عراقية الأصل الراحلة زها حديد ومنافسها أيضاً. وطبقاً لبيان السيرة؛ فإن الحبوبي، النجفي الأصل، يحمل شهادة ماجستير في «فلسفة العمارة».
جاء ترشيح الحبوبي ضمن مجموعة ترشيحات أخرى لمناصب أخرى أثارت حفيظة الكتل السياسية والقوى الحزبية. لكن الحبوبي، الشاب المبدع والتلميذ لأبرز معمارية عالمية ومنافسها الأول في تصميم مبنى مجلس الوزراء العراقي حيث تفوق على 30 معمارياً عالمياً، رُفض من قبل الكتل السياسية والحزبية أيضاً رغم أنه مستقل وتكنوقراط وذو كفاية طبقاً حتى لآراء معارضي تعيينه لهذا المنصب المهم.
بغداد التي عرفت عبر العصور بتصاميمها المعمارية؛ الإسلامية مرة؛ والحديثة مرة أخرى، زحفت عليها العشوائيات، الأمر الذي دمر ما تبقى من جماليتها. كما أن بغداد التي عرفت بتصاميم مهمة مثل «نصب الحرية» و«نصب الشهيد» و«كهرمانة»، وأخيرا مبنى «البنك المركزي العراقي» الذي صممته زها حديد قبل وفاتها والعمل جار فيه حالياً في شارع أبي نؤاس المطل على نهر دجلة، تحتاج إلى مهندس معماري مختص لكي يعيد لها وهجها الحضاري والفني، وهي الشكوى التي لطالما يتحدث عنها الجميع عند اختيار أي أمين للعاصمة لا ترضى عنه الكتل السياسية؛ لا لشيء إلا لأنه ليس من حصتها.
الكاظمي الذي صدق حكاية منحه حرية اختيار المرشحين للمناصب العليا من قبل الأحزاب والقوى الحاكمة يواجه خياراً صعباً بين التراجع عن القائمة كلها، بما فيها المهندس المعماري العالمي الذي حظي بترحيب الشارع والنخب الإعلامية والثقافية والفنية، والمضي بها لكي تنال الثقة داخل البرلمان من عدمه.
القوى الرافضة تعيين الحبوبي لهذا المنصب بررت رفضها بأنه لم يتدرج في العمل الإداري الوظيفي، وبالتالي قد لا ينجح في قيادة مؤسسة بيروقراطية مترهلة مثل «أمانة بغداد» التي تقدم الخدمات البلدية لنحو 10 ملايين نسمة هم سكان العاصمة. في مقابل ذلك؛ فإن الكتل والأحزاب الرافضة هذا المهندس المختص في شؤون العمارة، وهو ما تحتاجه بغداد، سبق لها أن قبلت كل أمناء بغداد السابقين بصرف النظر عن كفاءاتهم ومستوياتهم لا لشيء إلا لأنهم خرجوا من معاطفها.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».