عبد الوهاب بنحدو.. مصمم يعيد الاعتبار للزي الرجالي المغربي التقليدي

أشرف على طلة دي كابريو في مهرجان مراكش

من أعماله  -  المصمم في مشغله  -  المغني مصطفى قمر في أحد تصاميمه  -  تجديد الزي الرجالي التقليدي كان هاجسا يلح عليه إلى أن حققه
من أعماله - المصمم في مشغله - المغني مصطفى قمر في أحد تصاميمه - تجديد الزي الرجالي التقليدي كان هاجسا يلح عليه إلى أن حققه
TT

عبد الوهاب بنحدو.. مصمم يعيد الاعتبار للزي الرجالي المغربي التقليدي

من أعماله  -  المصمم في مشغله  -  المغني مصطفى قمر في أحد تصاميمه  -  تجديد الزي الرجالي التقليدي كان هاجسا يلح عليه إلى أن حققه
من أعماله - المصمم في مشغله - المغني مصطفى قمر في أحد تصاميمه - تجديد الزي الرجالي التقليدي كان هاجسا يلح عليه إلى أن حققه

اعتدنا أن مصممي الزي التقليدي المغربي يبدعون في خياطته مستهدفين بشكل خاص القفطان النسائي، حتى إن معظم تظاهرات الموضة تحتفي بالأزياء النسائية، رغم أن الرجل المغربي أول من ارتدى «القفطان» و«الجلباب المغربي» وكذا «الجابادور» التقليدي. انطلاقا من هذه الفكرة قرر المصمم المغربي عبد الوهاب بنحدو أن يركز على الإبداع في مجال الزي الرجالي. ويقول إنه لاحظ أنه لم يحظ بالاهتمام الكافي كما هو الحال بالنسبة للقفطان النسائي، فما كان منه إلا أن تخصص فيه مطلقا خطا بعنوان «absigniature». وهو خط يطمح إلى إبراز جمال الزي الرجالي المغربي.
وليجد عبد الوهاب طريقه إلى الإبداع في عالم الأزياء كان لا بد أن يمر عبر العديد من التجارب، أولاها كانت الدراسة، حيث اختار متابعة دراسته في الهندسة الصناعية بفرنسا قبل أن يكتشف ضعف ميوله لهذا التخصص. بعدها اتجه لدراسة المحاسبة، وفي النهاية تخصص في دراسة «تسويق المنتجات الفاخرة» وهو ما مكنه من زيارة كبريات دور الأزياء في باريس والوقوف على سبل اشتغالها من الداخل.
دراسة بنحدو في مجال الموضة منحته رؤية خاصة وساعدته فور دخوله المغرب، حيث عمل في البداية كمنظم للمهرجانات والتظاهرات الكبرى، لكن فكرة الأزياء الرجالية ظلت تلح عليه، كلما حضر مناسبة مغربية ووقف على حقيقة توجه الإبداع إلى الجانب النسائي، فيما يبقى خيار الرجل محدودا في ارتداء بدلات رسمية تخلو من كل ما هو تقليدي ويوحي بأصالته.
حتى يغير الوضع، قرر بنحدو دخول غمار الأزياء الرجالية التقليدية، وكانت تظاهرة «فاشن دايز» بمدينة الدار البيضاء فرصته الأولى للظهور والتميز في عام 2012. بعدها عرف اسمه وفتح له باب جديد للعمل كخبير لأزياء النجوم والاهتمام بإطلالاتهم في المهرجانات والتظاهرات الفنية الكبرى في المغرب. مثلا، أشرف على طلة الممثل الأميركي ليوناردو دي كابريو حين حضر مهرجان الفيلم في مراكش، كذلك النجم الهندي شاه روخان. ومن العالم العربي ارتدى تصاميمه الفنان المصري مصطفى قمر والمطرب اللبناني ريان، هذا عدا عن ثلة كبيرة من الفنانين المغاربة الذين يستعينون به في مناسباتهم.
عن أسلوبه يقول بنحدو لـ«الشرق الأوسط» إن ما يجعل الرجل المغربي يعزف عن الزي التقليدي، كونه يصنع غالبا من أقمشة ثقيلة وبطريقة خياطة سميكة تحد من حركته، وبالتالي لا تجذب فئة الشباب، مما يحصر استعمالها في المناسبات الدينية والأعياد. بنحدو وضع هذه السلبيات نصب عينيه، وقرر أن يغير من هذه النظرة بجعله كل قطعة تغري الشباب كما الكبار، بالاعتماد على أقمشة عملية يسهل غسلها وفي الوقت ذاته خفيفة عند ارتدائها. والأهم من هذا يمكن ارتداؤها في معظم المناسبات، بما في ذلك الأيام العادية. ونجح بشكل كبير في مهمته، الأمر الذي يلخصه بنحدو في طريقته في التصميم وأيضا في استخدامه للألوان التي لا يجد مانعا في اعتمادها في الزي الرجالي. هذه الرؤية أثارت الانتباه إليه، بحيث وصفته مجلة فرنسية بجون بول غوتييه المغرب، بعد تصميمه لـ«جابادور» يعتمد على الأقمشة والألوان «البحرية».
الإبداع عند بنحدو لم يتوقف عند تصميم الأزياء بل شمل جوانب أخرى منها تصميم الإكسسوارات، مثل القبعات وربطات العنق بجميع أنواعها والأحذية الرجالية التقليدية، ولم ينس المرأة التي خصها بخط محدود من الأزياء وأيضا الإكسسوارات مثل الأحزمة التقليدية، التي أضفى عليها لمسات عصرية. وبعيدا عن الموضة، اقتحم بنحدو كذلك عالم الديكور الذي وجد فيه فضاء واسعا لإطلاق العنان لخياله وطاقته الإبداع، مستقيا دائما أفكاره من الواقع المغربي.
لكن يبقى طموحه أن يدخل الزي التقليدي المغربي خزانة كل شباب المغرب، بحيث يصبح ارتداؤه عاديا في كل الأيام والمناسبات، وليس مقترنا بالمناسبات الدينية وحدها. ويرى أن الوصفة السحرية في الوصول للعالمية هي إعادة اكتشاف الإنسان المغربي لزيه التراثي وأن يتعرف عليه من جديد، قبل أن يحاول تسويقه للأجانب.



«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)
حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)
TT

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)
حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)

مع اقتراب نهاية كل عام، تتسابق المتاجر والمحلات الكبيرة على التفنن في رسم وتزيين واجهاتها لجذب أكبر نسبة من المتسوقين إلى أحضانها. بيوت الأزياء الكبيرة هي الأخرى تتسابق على حجز مكان رئيسي لها على هذه الواجهات لتسليط الضوء عليها وعلى إبداعاتها. فما لا يختلف عليه اثنان أن هذه الواجهات والزينة، بما في ذلك الأنوار التي تُزين الشوارع والساحات، تعد نقطة جذب سياحي تعتمد عليه لندن كل سنة. عادةً ما تبدأ الحجوزات قبل فترة طويلة.

وبما أن محلات «هارودز» معلمة ووجهة سياحية، فإن فرصة العرض فيها لا تقدر بثمن، وبالتالي فهي لا تمنح الفرصة لأيٍّ كان لاحتلال واجهاتها. لكنَّ «لورو بيانا» ليست أياً كان؛ فهي من أهم بيوت الأزياء العالمية حالياً. تصاميمها المترفة تجذب النظر وتحفز حركة البيع في الوقت ذاته، بدليل أنها من بين بيوت أزياء تعد على أصابع اليد الواحدة لا تزال تحقق الأرباح رغم الأزمة التي ألمَت بكثير من الأسماء الشهيرة.

احتلت «لورو بيانا» كل واجهات محلات «هارودز» بمناسبة الأعياد والاحتفالات (لورو بيانا)

هذا العام، أُتيحت لها الفرصة لتجعل 36 نافذة عرض في «هارودز» ملكها الخاص. لم يكن الأمر سهلاً. بدأت العمل عليه منذ أكثر من عام تقريباً ليأتي بصورة تسلط الضوء على تاريخها وإرثها وأيضاً مهارات حرفييها بشكل جيد، وهو ما مثَّلته «ورشة العجائب» Workshop of Wonders. فكرتُها استعراضُ خبراتهم في غزْل الصوف وأساليبهن الخاصة في المزج بين الحرفية والفن. هنا سيستمتع الناظر بقصة تُسرد من زاوية مدهشة تتبع رحلتهم، من المراعي و طرق عيش الخرفان والغزلان الخرفان وكيفية الحصول على المواد الخام وصولاً إلى المنتج النهائي.

ورشة العجائب

تتميز بديكورات متحرّكة ميكانيكية تُجسّد فكرة مسرح الدمى من خلال الآليات التي تحركها وراء الكواليس. أغلبها من الخشب لتعزيز الطابع اليدوي التقليدي. فهذه الورشة تعكس فكرة مفادها أنّ الطبيعة نفسها ورشة من الجمال والتفرد والكمال.

الجنود المجهولون أو الحرفيون أخذوا نصيبهم من الاحتفال باستعراض مهاراتهم أمام الضيوف (لورو بيانا)

تأتي التصاميم هنا مستوحاة من روح عشرينات القرن الماضي، وهي الحقبة التي أبصرت فيها الدار النور، ممّا يعزز الشعور بالعراقة من خلال استخدام القوام الخشبي والألوان الدافئة الممزوجة بلمسات من الذهب المطفي. تملأ المشهد، دمى مرسومة ومحاطة بسحب من الصوف المنسوج يدوياً. هنا أيضاً يُكشف الستار عن مجتمعات الحرفيين الماهرين Masters of Fibers والأماكن الساحرة حول العالم، حيث يعيش الماعز، والألباكا، وحيوان الأيل، والغزال. هنا كل شيء يتأرجح بين الواقع والخيال،

وخلال هذه الفترة، ستفتتح الدار متجرَين جديدَين في «هارودز»؛ الأوّل مخصّص لأزياء الصغار، والآخر للديكور المنزلي، إلى جانب منتجات وتصاميم حصرية تحتفي بتاريخ الدار وبموسم الأعياد.

الواجهة والنوافذ

الجميل في تصميم الواجهات أن التركيز لم يقتصر على عرض تصاميمها بشكل يُغري المتسوقين، بقدر ما جرى التركيز على أخذهم في رحلة ممتعة إلى أماكن بعيدة، لتُعرفهم من أين تُستورد الألياف النادرة قبل أن تتحول إلى رزمٍ قطنية ثم إلى أقمشة فاخرة، يُزيِن بعضها شجرة عيد ميلاد بارتفاع 17 متراً .

... وطبعاً لا تكتمل الإطلالات من دون حقائب تعكس اهتمام الدار بالتفاصيل (لورو بيانا)

صُممت كل نافذة بدقة لتحاكي تحفة فنية تروي مرحلة من تاريخ «لورو بيانا» وقصةً نجمُها الرئيسي أليافٌ وأنسجة خفيفة على شكل رزم تتحرك على حزام ناقل، لتتحوّل إلى قماش من خلال آلية مذهلة، وفي النهاية تتّخذ شكل شجرة عيد ميلاد بطول 17 متراً مزينة بالأقمشة وحلة العيد الفريدة.

نوافذ أخرى، تسرد فصولاً تتناول مواقع ومجتمعات «الحرفيين الماهرين» Masters of Fibers من منغوليا وأستراليا وجبال الأنديز وما بعدها، وصولاً إلى إيطاليا حيث يتم تحويل الألياف والمواد الخام إلى قطع لا تقدر بثمن.

منها ما يحكي قصص صوف الفيكونيا، ونسيج بيبي كشمير، وصوف الملوك وقماش «بيكورا نيراPecora Nera® وغيرها. النوافذ المخصّصة لـصوف الملوك مثلا تركز على عملية البحث عن أفضل المراعي الخضراء لخراف المارينو، وهي عملية تعود بنا إلى أواخر القرن الثامن عشر، حين وصل القبطان جيمز كوك إلى نيوزيلندا وأستراليا، حاملاً معه خراف المارينو لأول مرة. لدهشة الجميع، وجدت هذه الخراف مكانها المثالي، حيث حظيت بعناية مكثفة على يد المربّين المحليين ومنحتهم هذه الخراف بدورها أجود أنواع الصوف في العالم. أمّا نافذة Pecora Nera® فتروي رؤية وإبداع المزارعة النيوزيلندية فيونا غاردنر التي ركّزت على الخراف ذات اللون الداكن تحديداً. صوفها الثمين يتحوّل إلى ألياف طبيعية لا تحتاج إلى صبغات.

قطع حصرية لـ«هارودز»

احتفالاً بالذكرى المئوية للدار وأسلوبها المتميز بالفخامة الهادئة، تم طرح مجموعة جاهزة للرجال والنساء، حصرياً في «هارودز». كان من الطبيعي أن تستمد إيحاءاتها من الأناقة البريطانية الكلاسيكية مطعَّمة بلمسات مستوحاة من الفروسية وأنماط المربعات، إضافةً إلى اللون الأخضر الأيقوني الخاص بـ«هارودز» و ألوان أخرى مستوحاة من أجواء العيد، مثل الأحمر والأبيض.

لم تستسهل «لورو بيانا» عملية تزيين 36 نافذة وكانت النتيجة مرآة لتاريخها وإرثها (لورو بيانا)

الإطلالات المسائية للمرأة في المقابل تتميز بفساتين طويلة من الحرير المطرّز يدوياً وفساتين محبوكة بقصات عمودية، إلى جانب قمصان ناعمة مصنوعة هي الأخرى من الحرير تم تنسيقها مع سراويل واسعة بسيطة بعيدة عن التكلّف. تضيف أحذية الباليه المسطحة المصنوعة من المخمل الأسود، والصنادل ذات الكعب العالي المطرزة بزهور الشوك الذهبية، لمسة نهائية راقية.

من جهته يتألق رجل «لورو بيانا» في كل المناسبات الرسمية والاحتفالات الموسمية، بفضل التشكيلة الواسعة من البدلات الرسمية.

متجران مؤقتان

سيجد زائر «هارودز» كل ما يطمح إليه من أزياء أو إكسسوارات مصنوعة من أجود أنواع الألياف (لورو بيانا)

بهذه المناسبة خصصت الدار متجرَين مؤقّتَين من وحي الأعياد. الأول في الباب 6، ويشمل عناصر مستوحاة من ورش العمل والأقمشة المطرّزة. تتوسطه طاولة عمل من الجلد مضاءة بمصباح علوي، بالإضافة إلى عجلة صناعية كبيرة تعرض المنتجات الجلدية والإكسسوارات. يمكن للزوّار هنا العثور على تشكيلة حصرية من ربطات العنق والقبّعات المصنوعة من الكشمير الفاخر للأطفال، والصوف، وقماش التويل الحريري بألوان هادئة أو مزيّنة بزخارف تحمل رموز الدب وزهرة الشوك وغيرها. أما للمنزل، فتتوفر تماثيل خشبية للماعز والألباكا، بالإضافة إلى نسخ محشوة منها على قواعد خشبية. وقد جرى تخصيص زاوية خاصة لإدخال اللمسات الشخصية على وشاح Grande Unita الأيقوني، حيث يمكن للعملاء تطريز الأحرف الأولى من أسمائهم.

استلهمت الدار الإيطالية كثيراً من التصاميم من الأجواء البريطانية العريقة... من الأشكال والقطع إلى الألوان (لورو بيانا)

أما المتجر الثاني بباب 9، فخُصّص لفنّ تقديم الهدايا وتجربة حصرية يمكن حجزها لمزيد من المتعة. تبدأ بتعريف الضيوف بعالم الحرف اليدوية، من خلال أشجار الأعياد المغلّفة بالصوف والكشمير، وحيوانات محشوة على شكل الماعز، والألباكا، وحيوان الأيل، والغزال، بالإضافة إلى رؤوس أقلام على شكل حيوانات. وتتجلّى بهجة موسم الأعياد في كرة الثلج المصنوعة من الخشب والزجاج التي تضم ماعز الكشمير محاطاً بحبّات الثلج المتطايرة. يستضيف هذا المتجر أيضاً ورشة عمل تُتيح للضيوف اختبار مهاراتهم في الحرف اليدوية أو تعلّم كيفية صنع زينة العيد وتغليف نماذج خشبية بالصوف.

تستمر فعاليّات Workshop of Wonders حتّى الثاني من يناير (كانون الثاني) 2025، وتُشكّل جزءاً مهماً وأساسياً من احتفالات الدار بعيدها المئة حول العالم، وبذكرى تأسيسها عام 1924 على يد بييترو لورو بيانا.