واشنطن تعلن استعدادها لدعم الخرطوم في مواجهة آثار الفيضانات

جسر جوي من الدول العربية لمساعدة المتضررين

آثار الفيضان في منطقة أم دوم شرق الخرطوم (إ.ب.أ)
آثار الفيضان في منطقة أم دوم شرق الخرطوم (إ.ب.أ)
TT

واشنطن تعلن استعدادها لدعم الخرطوم في مواجهة آثار الفيضانات

آثار الفيضان في منطقة أم دوم شرق الخرطوم (إ.ب.أ)
آثار الفيضان في منطقة أم دوم شرق الخرطوم (إ.ب.أ)

تجاوزت أعداد المتأثرين بالفيضانات والسيول التي اجتاحت مناطق واسعة من السودان 557 ألف شخصاً. وفي أثناء ذلك، تواصل الدعم والتضامن الواسع من دول الإقليم والمجتمع الدولي مع المتضررين من الكارثة الإنسانية التي خلفت ضحايا وخسائر كبيرة في الممتلكات. وأعلنت الولايات المتحدة استعدادها لدعم السودان لمواجهة آثار الفيضانات.
وتشير إحصائيات وزارة الداخلية السودانية إلى وفاة 103، وإصابة أكثر من 45، في كل ولايات البلاد، وانهيار كلي وجزئي لأكثر من 100 ألف منزل، وأضرار كبيرة في المرافق التعليمية والصحية منذ بدء موسم الأمطار.
ومنذ إعلان السلطات السودانية، الأسبوع الماضي، حالة الطوارئ، وعد البلاد منطقة كوارث طبيعية، سيرت الدول العربية جسراً جوياً من المساعدات الإنسانية العاجلة للمتضررين من الفيضانات والأمطار الغزيرة في السودان.
وتلقى رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، ليل أول من أمس، اتصالات هاتفية من وزيري الخارجية الأميركي مايك بومبيو، والسعودي الأمير فيصل الفرحان، أكدا فيها وقفوهما إلى جانب السودان وشعبه في الظروف الصعبة التي يواجهها في أعقاب كارثة الفيضانات.
وعبر بومبيو، عن استعداد بلاده لدعم جهود الحكومة السودانية في التعافي من آثار الفيضانات التي ضربت معظم أجزاء البلاد.
وقالت الخارجية الأميركية، في بيان لها أمس، إن الإدارة الأميركية تناولت مع رئيس الوزراء السوداني كيفية المساهمة في جهود إعادة البناء التي يقوم بها السودان عقب الفيضانات التي اجتاحت البلاد، وأحدثت خسائر مادية وبشرية.
وأضاف البيان أن الطرفين تناقشا حول كيفية مساعدة الولايات المتحدة بشكل أكبر في جهود التعافي التي تجري حالياً.
وأشار تقرير مفوضية العون الإنساني التابع للأمم المتحدة بالسودان إلى استمرار تأثير الأمطار الغزيرة والفيضانات على أعداد متزايدة من الناس، والتسبب في مزيد من الدمار في جميع أنحاء السودان، وإتلاف مساحات واسعة من الأراض الزراعية.
ومن جهتها، أعلنت لجنة الفيضانات بوزارة الري السوداني استمرار انحسار مناسيب المياه في غالبية السدود والأحباس بالبلاد، عدا في خزان جبل أولياء وحبس شندي في شمال البلاد، حيث لا تزال المياه في أعلى مستوياتها.
وقالت اللجنة، في بيان لها أمس، إن معظم الأحباس تشهد انخفاضاً واستقراراً ونقصاً في المياه الواردة من الهضبة الإثيوبية.
واستقبلت الخرطوم طائرات إغاثة من السعودية والإمارات ومصر والعراق والكويت، تحمل مئات الأطنان من المواد الغذائية والطبية ومواد الإيواء (خيام وأغطية ومشمعات)، إلى جانب مواد طبية وصحية لإصحاح البيئة.
ووصلت إلى مطار الخرطوم أمس طائرة مقدمة من الهلال الأحمر الإماراتي، تحمل 30 طناً من الاحتياجات الإنسانية العاجلة لمتضرري السيول والفيضانات. كما وصلت أيضاً طائرة تحمل 170 طناً من المواد الغذائية والاحتياجات الضرورية للمتأثرين مقدمة من الشعب الكويتي.
وفي الداخل، دشنت قوات الدعم السريع التي يقودها نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي، محمد حمدان «حميدتي»، قوافل دعم اتجهت إلى عدد من ولايات البلاد.
وعبر حميدتي عن تقدير الحكومة والشعب السوداني لكل الدول التي وقفت وساهمت في تقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين.
ومن جهتها، أكدت اللجنة العليا لمعالجة آثار السيول والفيضانات التي كونها مجلس الأمن والدفاع أن الأوضاع لا تزال كارثية، وتحتاج إلى مزيد من تنسيق الجهود الرسمية والشعبية والتدخلات الدولية العاجلة لمواجهة احتياجات المتضررين.
وشددت اللجنة على ضرورة متابعة عمليات توزيع المساعدات الغذائية والإيوائية في جميع الولايات المتضررة، وضبطها إدارياً وأمنياً. وتبدي السلطات السودانية تخوفاً من انتشار الأوبئة والأمراض بسبب المياه الراكدة التي تغطي معظم المناطق بولايات البلاد.
وكانت الجامعة العربية قد وجهت بتقديم دعم مالي عاجل من صندوق دعم الشؤون الإنسانية، لمساعدة الحكومة السودانية على مواجهة تداعيات الكارثة، وتوفير الإغاثة للمتضررين من هذه السيول والفيضانات.
وأعلن مجلس الأمن والدفاع السوداني، مطلع سبتمبر (أيلول) الحالي، حالة الطوارئ في كل أنحاء البلاد لمدة 3 أشهر، وقرر عد البلاد منطقة كوارث طبيعية، كما شكل لجنة عليا لدرء ومعالجة آثار السيول والفيضانات. وفاقت معدلات مناسيب المياه الأرقام القياسية التي تم رصدها خلال الفيضانات التي ضربت البلاد في عامي 1964 و1988.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».