هجمات الحوثيين وانتهاكاتهم تدفع آلاف الأسر اليمنية إلى النزوح

اتهامات للجماعة الانقلابية بتهجير 400 ألف شخص خلال عامين

يمنية وطفلاها في مخيم للنازحين بمحافظة حجة (أ.ف.ب)
يمنية وطفلاها في مخيم للنازحين بمحافظة حجة (أ.ف.ب)
TT

هجمات الحوثيين وانتهاكاتهم تدفع آلاف الأسر اليمنية إلى النزوح

يمنية وطفلاها في مخيم للنازحين بمحافظة حجة (أ.ف.ب)
يمنية وطفلاها في مخيم للنازحين بمحافظة حجة (أ.ف.ب)

أفادت تقارير يمنية وأخرى دولية بأن التصعيد الأخير للميليشيات الحوثية في مأرب والجوف والحديدة، وغيرها من المحافظات اليمنية، إلى جانب انتهاكات الجماعة المتكررة والمرتكبة بحق المدنيين، أجبر آلاف الأسر اليمنية على الفرار والنزوح حفاظاً على سلامتها، وبحثاً عن أماكن يتوفر فيها بعض من مقومات السلامة والمأوى.
وفي الوقت الذي لم تكتفِ فيه الجماعة من خلال حربها العبثية واجتياحها المدن بتشريد مئات الآلاف من اليمنيين من مناطقهم خلال السنوات الماضية، عادت الميليشيات ذاتها من جديد لتواصل مسلسلها الإجرامي في استهداف وملاحقة النازحين إلى مخيماتهم المنتشرة في مدن ومناطق يمنية عدة.
وفي هذا السياق قال مصدر حقوقي بصنعاء، إن جرائم الميليشيات وتصعيدها للهجمات العسكرية في عدة جبهات؛ خصوصاً تلك الواقعة بمحيط مأرب وفي الجوف والحديدة والضالع ومدن يمنية أخرى، زادت من تفاقم أزمة النزوح في اليمن، وعملت على ارتفاع معدلاتها إلى أضعاف عما كانت عليه قبل أشهر قليلة ماضية.
وفي حين أشار المصدر إلى أن عدد النازحين في اليمن تجاوز أكثر من 3 ملايين نازح نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ أزيد من 5 أعوام، خدمة للمصالح والمطامع الإيرانية في اليمن والمنطقة، قال إن نحو 393 ألف شخص نزحوا من مناطقهم منذ بداية عام 2019 وفقاً لتقارير أممية سابقة.
وعدَّ المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن زيادة عدد الأسر النازحة في اليمن جاء نتيجة استمرار جرائم الميليشيات وتعسفها بحق المدنيين بمناطق سيطرتها، وكذا تصعيدها وهجماتها العسكرية المتواصلة والمستهدفة بشكل متعمد الأحياء السكنية في المدن التي تقع تحت سيطرة الحكومة الشرعية.
من جهتهم تحدث عاملون في المجال الإنساني بصنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، عن معاناة وأوضاع صعبة ومأساوية لا يزال يكابدها عشرات الآلاف من النازحين في عدة مخيمات إيوائية.
وكشفوا عن أن معاناة النازحين تبدأ من لحظات النزوح والخروج من منازلهم في المناطق التي تستهدفها الميليشيات الحوثية، وفي الطرقات التي تتسلل إليها الجماعة وحتى وصولهم إلى مقرات النزوح في المناطق البعيدة عن مناطق سيطرة الجماعة.
ونتيجة تصعيد الانقلابيين المستمر في مأرب، قالت منظمة الهجرة الدولية إن نحو 543 أسرة نزحت في محافظة مأرب خلال أسبوع واحد، بسبب عدوان الميليشيات الحوثية على المحافظة.
وذكرت المنظمة، في تقرير حديث لها، أن مصفوفة تتبع النزوح التابعة لها رصدت خلال فترة 30 أغسطس (آب) وحتى 5 سبتمبر (أيلول) نزوح 543 أسرة أو 3258 فرداً بسبب الهجمات الحوثية باتجاه مأرب.
وكانت الهجرة الدولية أعلنت مطلع الشهر الماضي عن نزوح 1290 أسرة في اليمن، جراء الصراع ومخاطر السيول وفيروس «كوفيد- 19». ومنذ مطلع العام، قدرت المنظمة أن أكثر من 134 ألف يمني تعرضوا للنزوح مرة واحدة على الأقل بسبب المواجهات أو الفيضانات.
كما تحدثت تقارير محلية في مأرب (شرق صنعاء) عن تصعيد الجماعة المسنودة من طهران مؤخراً لهجماتها في عدة جبهات بمحيط مأرب المحافظة، رافقه قصف عشوائي متعمد على المناطق السكنية ومخيمات النازحين.
وفيما يتعلق بجبهة الحديدة (غرب) أفادت منظمة الهجرة الدولية بأن تصعيد الميليشيات أجبر عدداً من الأسر على الفرار والتضحية بالممتلكات والمجتمع والمعيشة، مقابل السلامة والمأوى.
وأضافت المنظمة، في آخر تحديث لها، أنه بين 30 أغسطس، و5 سبتمبر، رصدت مصفوفة تتبع النزوح في المنظمة 118 أسرة بالحديدة، منها 58 أسرة بمديرية الدريهمي جنوب الحديدة نزحت من منازلها نتيجة زيادة عنف الجماعة الحوثية.
واعتبرت أن تصعيد الحوثيين للعنف إلى جانب الكوارث الطبيعية أدى إلى أنماط جديدة من النزوح، لا سيما في مناطق مأرب والحديدة والضالع وتعز وغيرها.
وقدرت مصفوفة تتبع النزوح التابعة للمنظمة أن 22 ألفاً و324 أسرة أو 134 ألف فرد قد تعرضوا للنزوح مرة واحدة على الأقل في الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري 2020.
إلى ذلك قالت مصادر محلية في محافظة الحديدة، إن المديريات الجنوبية من المحافظة كحيس والفازة والتحيتا، والدريهمي، والجبلية، لا تزال تتعرض لهجمات حوثية متكررة واستحداثات، ومحاولات تسلل فاشلة، وقذائف عشوائية بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة، وهو ما يشكل انتهاكاً للتهدئة المفترضة وفقاً لاتفاق استوكهولم الذي تشرف عليه الأمم المتحدة.
وأكدت المصادر أن تلك الممارسات الحوثية وغيرها تسببت في سقوط مزيد من الضحايا المدنيين، ونزوح أعداد كبيرة من العائلات من منازلها، وتدمير للمنازل وقطع سبل العيش.
وبخصوص الجرائم والانتهاكات الحوثية المتكررة والمرتكبة بحق آلاف المدنيين في مناطق سيطرة الجماعة، كشف تقرير محلي حديث عن أن أعداد الأسر النازحة إلى مدينة سيئون بمحافظة حضرموت وصل إلى قرابة 2556 أسرة قدمت من عدة مدن واقعة تحت السيطرة الحوثية، أو تلك المعرضة للقصف الحوثي المستمر بخطوط التماس.
وكشفت الوحدة التنفيذية للنازحين في سيئون عن أن النازحين قدموا بعد تعرض منازلهم للتدمير ونهب ممتلكاتهم من قبل الجماعة الحوثية في محافظات شمال اليمن، وأنهم يعيشون ظروفاً نفسية بالغة القسوة إزاء مغادرتهم مواطنهم الأصلية قسراً وتحت تهديد السلاح.
وبحسب التقرير، فإن غالبية النازحين يقبعون في منازل طينية آيلة للانهيار، في ظل موجة ارتفاع كبيرة في أسعار الإيجارات في المدينة التي تحولت إلى أهم ملاجئ النازحين في اليمن. وتفيد الوحدة التنفيذية بأن معظم النازحين لا يملكون مصدر دخل مادياً يضمن لهم توفير الغذاء لعائلاتهم وأطفالهم.
وكانت تقارير محلية سابقة، أفادت بوجود نحو 10 آلاف و571 فرداً من الذكور والإناث والأطفال النازحين في حضرموت بمعدل 1472 أسرة حتى مايو (أيار) من عام 2019، والذين كانوا قد نزحوا منذ أبريل (نيسان) 2016.
وطبقاً لتلك التقارير، فقد شكلت موجة النزوح إلى عاصمة وادي حضرموت ضغطاً كبيراً على الخدمات والمدارس والجوانب الصحية والمستشفيات، إضافة لتأرجح أسعار إيجارات الفنادق والمساكن والمنازل والشقق.
- واشنطن تدين بشدة الاستهداف الحوثي للمدنيين في السعودية
أدانت الولايات المتّحدة بشدة الهجوم الأخير الذي شنه الحوثيون، ومحاولاتهم لاستهداف المدنيين السعوديين.
ودعت واشنطن في بيان أصدرته سفارتها من العاصمة السعودية الرياض أول من أمس، المجتمع الدولي مجدداً إلى تمديد حظر السلاح الإيراني لوقف تدفق الأسلحة إلى الحوثيين ووقف «الهجمات البشعة» التي يشنها الحوثيون على الشعب اليمني وجيران اليمن.
وجددت الولايات المتحدة، دعمها العملية التي تقودها الأمم المتحدة، للتوصل إلى حل سلمي للصراع، وتحث الأطراف على التفاوض تحت رعاية الأمم المتحدة من أجل إنهاء معاناة الشعب اليمني.
وكانت قوات التحالف تمكنت صباح الخميس الماضي من اعتراض وتدمير عدد من الصواريخ الباليستية والطائرات من دون طيار «مفخخة» أطلقتها الميليشيا الحوثية الإرهابية باتجاه السعودية لاستهداف المدنيين والأعيان المدنية بطريقة ممنهجة ومتعمدة.
وذكر العقيد الركن تركي المالكي المتحدث الرسمي باسم قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن أن الميليشيا الحوثية الإرهابية تتعمد التصعيد العدائي والإرهابي لاستهداف المدنيين والأعيان المدنية باستخدام الصواريخ الباليستية والمسيرات المفخخة، مبيناً كفاءة القوات المشتركة للتحالف في التصدي لهذه التهديدات وإفشالها في رصدها من داخل مناطق سيطرة الميليشيا الحوثية وتدميرها والتصدي لها.
وأكد العقيد المالكي أن قيادة القوات المشتركة للتحالف، تطبق وتتخذ جميع الإجراءات الضرورية لحماية المدنيين والأعيان المدنية، وتتخذ الإجراءات العملياتية اللازمة لوقف هذه الأعمال الإرهابية والمحاولات الفاشلة وبما يتوافق مع القانون الدولي الإنساني وقواعده العرفية.


مقالات ذات صلة

الحكومة اليمنية ترحب ببيان السعودية إزاء التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة

الخليج منظر عام للعاصمة اليمنية المؤقتة عدن (رويترز)

الحكومة اليمنية ترحب ببيان السعودية إزاء التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة

رحّبت الحكومة اليمنية بالبيان الصادر، الخميس، عن وزارة الخارجية السعودية، وما تضمّنه من موقف إزاء التطورات الأخيرة في محافظتي حضرموت والمهرة.

«الشرق الأوسط» (عدن)
الخليج السعودية تحث «الانتقالي» اليمني على الانسحاب من حضرموت والمهرة «بشكل عاجل»

السعودية تحث «الانتقالي» اليمني على الانسحاب من حضرموت والمهرة «بشكل عاجل»

شددت الخارجية على أن «الجهود لا تزال متواصلة لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه»، معربة عن أمل المملكة في تغليب المصلحة العامة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج جانب من المشاركين في مشاورات مسقط بشأن المحتجزين والأسرى اليمنيين (إكس)

السعودية تُرحب بـ«اتفاق مسقط» لتبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن

رحبت السعودية بالاتفاق الذي وُقّع عليه في مسقط لتبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن، وعدته خطوةً مهمةً تُسهم في تخفيف المعاناة الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج أسرى يلوِّحون بأيديهم لدى وصولهم إلى مطار صنعاء في عملية تبادل سابقة (أرشيفية- رويترز)

أطراف النزاع في اليمن يتفقون على تبادل 2900 محتجز

أكد مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، أن أطراف النزاع في اليمن اختتمت، الثلاثاء، اجتماعاً استمر 11 يوماً في سلطنة عمان.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
العالم العربي الجماعة الحوثية أظهرت تحدياً لمختلف القوى الدولية رغم ما تعرضت له من هجمات (أ.ب)

عقوبات قاصرة... الحوثيون يُعيدون رسم خريطة التهديد

رغم تجديد العقوبات الدولية عليهم، يُعزز الحوثيون قدراتهم العسكرية ويحولون التهديد المحلي إلى خطر إقليمي على الملاحة والأمن الدوليين مع تحالفاتهم العابرة للحدود.

وضاح الجليل (عدن)

تحذيرات مصرية من عرقلة «مسار اتفاق غزة» وتجزئة الإعمار

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين بغزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين بغزة (أ.ف.ب)
TT

تحذيرات مصرية من عرقلة «مسار اتفاق غزة» وتجزئة الإعمار

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين بغزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين بغزة (أ.ف.ب)

تتواصل جهود الوسطاء للدفع بالمرحلة الثانية في اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط مخاوف وتحذيرات مصرية، من عرقلة ذلك المسار المرتقب أن يدخل حيز التنفيذ بعد أقل من أسبوع في يناير (كانون الثاني) المقبل.

ذلك الموقف المصري، الرافض لتجزئة الإعمار أو تقسيم قطاع غزة أو وضع شروط إسرائيلية بشأن قوات الاستقرار في القطاع، يحمل رسائل مهمة للضغط على إسرائيل قبل لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وفق تقديرات خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، وتوقعوا أن تضغط واشنطن لبدء المرحلة الثانية في ضوء تلك الرسائل المصرية.

وأعلن وزير الخارجية الألماني، يوهان فاديفول، في تصريحات، الجمعة، أن ألمانيا لن تشارك في المستقبل المنظور في قوة دولية للاستقرار في غزة ضمن خطة السلام الخاصة بالقطاع المتوقع أن تنتشر الشهر المقبل.

هذه الخطوة تعزز مخاوف مصرية، تحدث بها رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، متهماً نتنياهو بأنه «يحاول إعادة صياغة المرحلة الثانية وحصرها في مطلب نزع سلاح المقاومة، وهو ما لا ينص عليه الاتفاق، وتدركه الولايات المتحدة جيداً»، مشيراً إلى مساعٍ إسرائيلية لإقحام قوة حفظ الاستقرار في أدوار لا تتعلق بتكليفها، مثل نزع السلاح، وهو أمر لن توافق عليه الدول المشاركة.

وأكد رشوان، الخميس، وفق ما أوردت قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، أن «محاولات نتنياهو قد تؤدي إلى تأجيل أو إبطاء التنفيذ، لكنها لن تنجح في إيقاف المرحلة الثانية»، مشيراً إلى أن «نتنياهو يسعى بكل السبل لتجنب الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، ودفع واشنطن إلى مواجهة مع طهران، بما قد يعيد إشعال غزة ويُفشل المرحلة الثانية من الاتفاق».

والخميس، نقل موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي عن مصدر عسكري قوله إن نتنياهو سيُطلع ترمب على معلومات استخباراتية عن خطر الصواريخ الباليستية الإيرانية خلال اجتماعهما المرتقب قبل نهاية العام الحالي، لافتاً إلى أن بلاده قد تضطر لمواجهة إيران إذا لم تتوصل أميركا لاتفاق يكبح جماح برنامج الصواريخ الباليستية - الإيرانية.

أمين عام «مركز الفارابى للدراسات السياسية»، الدكتور مختار غباشي، قال إن التصريحات المصرية واضحة وصريحة، وتحمل رسائل للكيان الإسرائيلي وواشنطن قبل الزيارة المرتقبة، مؤكداً أن الغضب المصري عندما يصل لهذه المرحلة من الرسائل المباشرة، تضع واشنطن في حساباتها الوصول لنقطة تقارب بين القاهرة وتل أبيب.

وأكد المحلل السياسي الفلسطيني، نزار نزال، أن التصريحات المصرية تحمل في طياتها رسائل ومخاوف حقيقية من ترسيخ إسرائيلي للوضع القائم من منظور أمني وليس سياسياً، على أمل أن تتحرك واشنطن بجدية لوضع نهاية له.

منازل مدمرة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ولا يتوقف الموقف المصري عند مجرد المخاوف، بل يحمل تحذيرات واضحة، وقال وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، الخميس، في مقابلة مع التلفزيون المصري، إن «هناك خطين أحمرين في غزة، الخط الأحمر الأول يتمثل في عدم الفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، هذا مستحيل، المنطقتان تشكلان وحدة واحدة لا تتجزأ للدولة الفلسطينية القادمة، والخط الأحمر الثاني عدم تقسيم قطاع غزة».

وأضاف أن «الكلام اللغو الذي يقال عن وجود تقسيم القطاع إلى مناطق حمراء وخضراء أو أن الأماكن التي تقع تحت سيطرة إسرائيل مباشرة تأكل وتشرب وترى إعماراً، بينما الـ90 في المائة من الفلسطينيين الموجودين في الغرب تحت دعاوى أن (حماس) موجودة لا يأكلون ولا يشربون، هذا عبث ولن يتم ولن يتم التوافق عليه».

وفي ضوء ذلك، شدد مختار غباشي على أن مصر عندما تعلن خطوطاً حمراء، فهذا حد فاصل، وثمة مخالفات على أرض الواقع غير مقبولة، للقاهرة، مشيراً إلى أن القاهرة تتعمد هذه الرسائل في هذا التوقيت على أمل أن تعزز مسار الوسطاء نحو بدء المرحلة الثانية قريباً، خاصة أنه «إذا أرادت واشنطن فعلت ما تريد، خصوصاً إن كان الأمر يتعلق بضغط على الكيان لوقف مساراته المعرقلة للاتفاق».

وذكرت صحيفة «إسرائيل اليوم»، الخميس، أن لقاء نتنياهو وترمب المرتقب سيختتم ببيان عن التقدم المحرز نحو المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة.

وأكد رشوان أن جميع الشواهد تؤكد أن الإدارة الأميركية حسمت موقفها من بدء المرحلة الثانية مطلع يناير المقبل، لافتاً إلى أن استقبال ترمب لرئيس الوزراء الإسرائيلي في 29 ديسمبر الحالي يرجح أن يكون إشارة الانطلاق الفعلية للمرحلة الثانية دون لبس.

ويتوقع نزار نزال أن يحاول نتنياهو في مقابلة ترمب، تمرير سردية بقاء إسرائيل في الخط الأصفر وتقسيم غزة وبدء الإعمار في الجزء الذي يقع تحت سيطرتها، موضحاً: «لكن الرسائل المصرية التحذيرية خطوة استباقية لتفادي أي عراقيل جديدة أو تناغم أميركي إسرائيلي يعطل مسار الاتفاق».


ضربة سعودية تحذيرية في حضرموت... والانتقالي «منفتح على التنسيق»

قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)
قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)
TT

ضربة سعودية تحذيرية في حضرموت... والانتقالي «منفتح على التنسيق»

قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)
قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)

فيما أعاد البيان الصادر عن وزارة الخارجية السعودية رسم المسار المطلوب للتهدئة، شرق اليمن، إذ شدد على وقف التحركات العسكرية الأحادية، مع المطالبة بعودة قوات المجلس الانتقالي الجنوبي إلى مواقعها السابقة خارج حضرموت والمهرة، أكدت الرياض موقفها ميدانياً عبر توجيه ضربة جوية تحذيرية، وفق ما أكدته مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط».

وأوضحت المصادر أن الضربة جاءت لإيصال رسالة مفادها عدم السماح بفرض وقائع جديدة بالقوة أو تجاوز الأطر المؤسسية التي تحكم الملف الأمني في المحافظات الشرقية، محذرةً من أن أي تصعيد إضافي سيقابل بإجراءات أشد صرامة.

الخارجية السعودية كانت وصفت تحركات «الانتقالي» بأنها أحادية وأضرت بمسار التهدئة، داعيةً إلى خروج عاجل ومنظم للقوات وتسليم المعسكرات تحت إشراف التحالف وبالتنسيق مع مجلس القيادة الرئاسي والسلطات المحلية.

من جهته، أصدر المجلس الانتقالي الجنوبي بياناً، الجمعة، حاول فيه تبرير تحركاته العسكرية، معتبراً أنها جاءت استجابةً لـ«دعوات شعبية جنوبية» لمواجهة التهديدات الإرهابية وقطع خطوط تهريب الحوثيين.

وأكد «الانتقالي»، في بيانه، أنه منفتح على أي تنسيق أو ترتيبات مع السعودية، معتبراً الضربة الجوية «قصفاً مستغرباً» لا يخدم مسارات التفاهم.

وقال مراقبون لـ«الشرق الأوسط» إن التنسيق والترتيبات سيكون مرحباً بهما من قبل السعودية إذا كانت تصب في إنهاء التصعيد وخروج قوات «الانتقالي الجنوبي» واستلام قوات «درع الوطن» الجنوبية والسلطة المحلية المعسكرات والأمن في محافظتي حضرموت والمهرة. والجلوس للتشاور والحوار من دون الحاجة لاستخدام القوة.

ويتوقع مراقبون أن تؤدي الضربة التحذيرية إلى توصيل رسالة واضحة بأن الرياض قد تضطر للانتقال من سياسة الاحتواء الهادئ إلى فرض خطوط حمر لمنع أي تصعيد بالقوة.

وتشير مصادر «الشرق الأوسط» إلى أن أي تسوية مستقبلية ستقوم على عودة الأوضاع إلى ما قبل التصعيد، مدخلاً أساسياً للحفاظ على وحدة الصف اليمني، ومنع انزلاق المحافظات الشرقية إلى مسار يهدد جهود السلام.

كان البيان السعودي أكد على دعم الرياض الكامل لوحدة اليمن وأمنه واستقراره، مشدداً على أن معالجة القضية الجنوبية العادلة لا تتم عبر القوة، بل من خلال حوار سياسي شامل، ضمن المرجعيات المتفق عليها، وفي مقدمتها اتفاق الرياض وإعلان نقل السلطة.

وكشف البيان عن تنسيق سعودي - إماراتي لإرسال فريق عسكري مشترك إلى عدن، لوضع آلية لإعادة انتشار القوات ومنع تكرار التصعيد، في خطوة عدها مراقبون انتقالاً من التحذير السياسي إلى الضبط التنفيذي الميداني.


بعد 9 أشهر... الحوثيون يعترفون بمقتل قادة طيرانهم المسيّر

مركبات عسكرية تحمل نعوشاً وصوراً لكبار قادة الحوثيين العسكريين الذين قُتلوا في غارة جوية أميركية (إ.ب.أ)
مركبات عسكرية تحمل نعوشاً وصوراً لكبار قادة الحوثيين العسكريين الذين قُتلوا في غارة جوية أميركية (إ.ب.أ)
TT

بعد 9 أشهر... الحوثيون يعترفون بمقتل قادة طيرانهم المسيّر

مركبات عسكرية تحمل نعوشاً وصوراً لكبار قادة الحوثيين العسكريين الذين قُتلوا في غارة جوية أميركية (إ.ب.أ)
مركبات عسكرية تحمل نعوشاً وصوراً لكبار قادة الحوثيين العسكريين الذين قُتلوا في غارة جوية أميركية (إ.ب.أ)

بعد 9 أشهر من الإنكار والتكتم، أقرّت الجماعة الحوثية بخسارة إحدى أهم وحداتها القتالية، مع تشييع قائد سلاح الطيران المسيّر اللواء زكريا حجر وعدد من أبرز معاونيه، الذين يرجح أنهم قُتلوا في غارة أميركية استهدفتهم داخل أحد المنازل بحي الجراف شرق صنعاء خلال شهر رمضان الماضي.

الاعتراف الحوثي المتأخر أعاد فتح ملف الخسائر العسكرية الثقيلة التي مُني بها جناح الجماعة العسكري، وكشف جانباً من حجم الضربات التي طالت بنيته القيادية والتقنية خلال الأشهر الماضية.

وجاء هذا الإقرار من قبل الجماعة المتحالفة مع إيران بعد أشهر من إقرار مماثل بمقتل رئيس هيئة أركانها محمد الغماري، عبر مراسم تشييع نُظمت في صنعاء.

وشملت مراسم تشييع حجر، التي أقيمت الخميس، كلاً من مدير العمليات في وحدة الطيران المسيّر اللواء محمد الحيفي، واللواء عبد الله حجر، والعميد أحمد حجر، والعميد حسين الهاشمي. ويُعد هؤلاء من أبرز القادة في وحدة الطيران المسيّر التي أُنشئت بإشراف وتدريب مباشر من الحرس الثوري الإيراني والجناح العسكري لـ«حزب الله» اللبناني، وشكّلت خلال السنوات الماضية أحد أهم أذرع الحوثيين في تنفيذ الهجمات العابرة للحدود.

الحوثيون تعمّدوا التكتم على خبر مقتل حجر 9 أشهر (إعلام محلي)

وعلى الرغم من أن هذه الخسارة تُعد ثاني أكبر خسارة تعترف بها الجماعة بعد مقتل الغماري، فإن اللافت في مراسم التشييع كان الغياب شبه الكامل للقيادات العسكرية البارزة. إذ غاب وزير دفاع الجماعة محمد العاطفي، الذي تُرجّح مصادر إصابته في غارة إسرائيلية استهدفت اجتماعاً للحكومة غير المعترف بها في نهاية أغسطس (آب) الماضي، ومنذ ذلك الحين اختفى عن الأنظار.

كما غاب رئيس هيئة الأركان الجديد يوسف المدني، إلى جانب معظم القادة العسكريين، واقتصر الحضور على مفتي الجماعة شمس الدين شرف الدين، والقائم بأعمال رئيس الحكومة غير المعترف بها محمد مفتاح، في مؤشر فسّره مراقبون بحجم الإرباك الذي تعانيه القيادة العسكرية للجماعة.

ضربات موجعة

يرى مراقبون عسكريون أن الهجمات الأميركية التي استهدفت مخابئ القادة الحوثيين ومخازن أسلحتهم ومراكز القيادة والسيطرة، قبل التوصل إلى هدنة بين الطرفين، كادت أن تُخرج القوة الصاروخية وسلاح الطيران المسيّر عن الخدمة. فقد خسر الحوثيون خلال تلك الضربات أبرز كوادرهم المتخصصة، من قائد الوحدة ومسؤول العمليات والدراسات، إلى المسؤولين التقنيين والمشرفين على ورش تركيب وتجهيز الطائرات المسيّرة، إضافة إلى مختصين بعمليات الإطلاق والتوجيه.

غياب القادة العسكريين لجماعة الحوثي عن مراسم التشييع (إعلام محلي)

وفي هذا السياق، وصفت منصة «ديفانس أونلاين» المتخصصة في الشؤون العسكرية والأمنية زكريا حجر (39 عاماً) بأنه خبير محوري في منظومة الصواريخ وبرنامج الطيران المسيّر لدى الحوثيين، وأحد الفنيين الذين عملوا إلى جانب خبراء ومستشارين من «الحرس الثوري» و«فيلق القدس»، إضافة إلى جنسيات عربية، على تطوير القدرات القتالية للجماعة.

وأشارت المنصة إلى أن حجر يرتبط بعلاقة مصاهرة مع عائلة عبد الملك الحوثي، وأن عدداً من إخوته وأفراد أسرته يشغلون مواقع مهمة داخل هياكل الجماعة.

وحسب المعلومات، جرى تعيين حجر عقب اجتياح صنعاء ضمن هياكل وزارة الدفاع التابعة للجماعة، ومنح رتبة عسكرية رفيعة، قبل أن يتولى الإشراف على برنامج الطيران المسيّر ضمن منظومة «القوة النوعية» المرتبطة بالمجلس الجهادي للحوثيين. وتؤكد مصادر متطابقة أن هذه الوحدة لعبت دوراً رئيسياً في الهجمات التي استهدفت العمق اليمني ودول الجوار وخطوط الملاحة الدولية.

اعترافات متأخرة

تشير منصة «ديفانس أونلاين» إلى أن حجر يُعد من العناصر المطلوبين للقضاء اليمني، وقد ورد اسمه ضمن قائمة قيادات خضعت للمحاكمة أمام القضاء العسكري في مأرب منذ مطلع 2022، بتهم تتعلق بالتمرد والقتل والإرهاب.

كما أدرجه التحالف الداعم للشرعية ضمن قوائم الإرهاب في أغسطس (آب) من العام نفسه، إلى جانب أربعة آخرين، لارتباطهم المباشر بعمليات إطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، وتهريب الأسلحة الإيرانية، والمشاركة في الهجمات على الشحن الدولي في البحر الأحمر والبحر العربي وخليج عدن.

ويؤكد الصحافي المتخصص في شؤون الحوثيين، عدنان الجبرني، أن وحدة الطيران المسيّر تلقت «ضربات قاتلة» جراء الغارات الأميركية التي نُفذت خلال الأشهر الأولى من ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترمب. وأوضح أن حجر قُتل في غارة استهدفت منزلاً بحي الجراف، ومعه اثنان من أبرز مساعديه، أثناء تناول وجبة الإفطار في شهر رمضان، إلا أن الجماعة فرضت تعتيماً مشدداً على هوية المستهدفين.

ناشطون حوثيون كشفوا عن مقتل ثمانية من أشقاء حجر خلال تجنيدهم مع الجماعة (إكس)

وفي نعي آخر، أقرت قيادات حوثية بأن حجر قُتل قبل مصرع محمد الغماري، الذي يُرجّح أنه لقي حتفه في غارة استهدفت منزلاً بحي حدة جنوب صنعاء، كان الحوثيون قد استولوا عليه وحولوه إلى مركز للعمليات العسكرية، رغم ترويج شائعات آنذاك عن نجاته ومغادرته المكان قبل دقائق من الضربة.

وتجمع مصادر حكومية ومراقبون على أن هذه الخسائر القيادية والتقنية كانت عاملاً رئيسياً وراء عرض الحوثيين هدنة مع الجانب الأميركي، التزموا بموجبها بوقف استهداف السفن في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن، مقابل وقف الضربات الأميركية التي استهدفت قيادات مهمة في جناحهم العسكري، ودمرت مخازن سرية للأسلحة ومراكز للقيادة والسيطرة في صنعاء وصعدة والحديدة.

ويذهب هؤلاء إلى أن الاعتراف المتأخر بمقتل قادة الطيران المسيّر يعكس حجم الضرر الذي أصاب أحد أهم أذرع الجماعة، ويؤشر إلى مرحلة جديدة من إعادة ترتيب الصفوف تحت ضغط الخسائر.