«أمل» و«المردة» يعتبران العقوبات على وزيريهما «استهدافاً سياسياً»

رسالتان أميركيتان لتسهيل تشكيل الحكومة وترسيم الحدود

الوزيران السابقان علي حسن خليل (يمين) ويوسف فنيانوس (أ.ب)
الوزيران السابقان علي حسن خليل (يمين) ويوسف فنيانوس (أ.ب)
TT

«أمل» و«المردة» يعتبران العقوبات على وزيريهما «استهدافاً سياسياً»

الوزيران السابقان علي حسن خليل (يمين) ويوسف فنيانوس (أ.ب)
الوزيران السابقان علي حسن خليل (يمين) ويوسف فنيانوس (أ.ب)

حملت العقوبات الأميركية، التي استهدفت المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب، النائب علي حسن خليل، ومستشار رئيس «تيار المردة» الوزير الأسبق يوسف فنيانوس، رسالتين أميركيتين باتجاه الداخل اللبناني، ترتبط الأولى بمباحثات تشكيل الحكومة اللبنانية، والثانية بالجهود المبذولة على خط الوساطة الأميركية لترسيم الحدود البحرية الجنوبية مع إسرائيل.
وتلتقي «حركة أمل» التي يترأسها رئيس البرلمان نبيه بري، مع «تيار المردة» التي يترأسه النائب السابق سليمان فرنجية، على أن إدراج خليل وفنيانوس اللذين ينتميان للفريقين «هو استهداف سياسي»، وذلك في رد على واشنطن التي قالت إن الوزيرين السابقين «فاسدان، استغلا موقعيهما لتقديم دعم مادّي إلى (حزب الله)».
ويكتسب إدراج خليل وفنيانوس رمزية سياسية في هذا الوقت، بالنظر إلى أن «حركة أمل» تتمسك بأن يكون وزير المالية شيعياً، بمعزل عن هويته السياسية، لضمان توقيع وزير المال، إلى جانب توقيعي رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة على القرارات الحكومية التي تتطلب إنفاقاً مادياً. كما يأتي في ظل تولي بري مهمة التفاوض مع الولايات المتحدة في وساطتها بين لبنان وإسرائيل لترسيم الحدود البحرية الجنوبية.
وعبّرت «حركة أمل» عن الرسالتين، في بيان بعد اجتماع هيئة الرئاسة، قالت فيه إن «الرسالة وصلت»، معتبرة أن «هذا القرار لن يغير من قناعاتنا ومن ثوابتنا الوطنية والقومية على الإطلاق»، كما قالت إن «إن حدودنا وحقوقنا السيادية في البحر والبر نريدها كاملة، ولن نتنازل أو نساوم عليها مهما بلغت العقوبات والضغوطات ومن أي جهة أتت».
وأضافت الحركة: «كشفاً للحقيقة، فإن اتفاق السير بترسيم الحدود البحرية في الجنوب اللبناني اكتمل مع الولايات المتحدة، ووافقت عليه بتاريخ 9-7-2020 وحتى الآن ترفض توقيت إعلانه دون أي مبرر».
وأعلن مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شينكر، أمس، أنّ المحادثات التي تجري بوساطة واشنطن لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل تحرز «تقدّماً تدريجياً»، مبدياً أمله بتوقيع اتفاق إطار في غضون أسابيع، يتيح للبنان وإسرائيل البدء في مفاوضات لحلّ هذا النزاع.
وتحدثت «أمل» عن ارتباط توقيت العقوبات بمباحثات تشكيل الحكومة، إذ قالت إن «قرار وزارة الخزانة الأميركية جاء في توقيت كان فيه اللبنانيون بغالبية قواهم السياسية والبرلمانية قاب قوسين أو أدنى من الوصول إلى حكومة جامعة يُعوّل عليها أن تعمل على إخراج لبنان من أزماته»، متسائلة: «هل هذا القرار للقول لنا إن الذي يدفعنا هو (أحرف الجر)؟» وأضافت: «مخطئ من يعتقد ذلك».
وترى «أمل» أن واشنطن تريد من فرض العقوبات جرّ الحركة إلى التنازل عند بعض المطالب في المباحثات الحكومية، وخصوصاً المطالبة الشيعية بوزارة المال، وهو ما أشارت إليه في بيانها، من غير الخوض في التفاصيل، وتُقرأ فيه «مخاوف من أن يكون القرار الأميركي هو عرقلة لجهود تسهيل ولادة الحكومة»، بحسب ما قالت مصادر سياسية مطلعة على موقف «أمل».
ورأت الحركة أن استهداف خليل «ليس استهدافاً لشخص شغل لفترة زمنية محددة موقعاً وزارياً، إنما هو في الحقيقة استهداف للبنان ولسيادته وللخط وللتنظيم السياسي الذي ينتمي إليه، خط حركة أمل، خط الدفاع عن لبنان وعن وحدته وطناً نهائياً لجميع أبنائه، وعن عروبته وعن حقنا في الدفاع عن ثوابتنا وحقوقنا وحدودنا». وتوجهت إلى واشنطن بالقول: «أنتم مخطئون في العنوان وفي الزمان وفي المكان»، واستطردت: «لكن وصلت الرسالة».
المضمون السياسي نفسه تحدث به النائب السابق سليمان فرنجية الذي رأى أن «القرار الصادر عن وزارة الخزانة الأميركية بحق الوزير يوسف فنيانوس هو قرار اقتصاص لموقفه وقناعاته وموقعه». وقال فرنجية في بيان: «نحن كمردة لم ولن نخجل يوماً بمواقفنا، بل نفتخر ونجاهر بها من منطلق إيماننا بأرضنا وسيادتنا وهويتنا. وعليه، نعتبر القرار قراراً سياسياً، ما يزيدنا تمسكاً بنهجنا وخطّنا».
وصرح مسؤول أميركي كبير للصحافيين أنّ هذه العقوبات «ينبغي أن تكون تحذيراً. الولايات المتحدة لن تتردد في معاقبة أي شخص أو كيان يدعم الأنشطة الإرهابية غير المشروعة لـ(حزب الله) أو يجعلها ممكنة».
وأضاف أنّ «المسؤولين اللبنانيين الذين قدّموا إلى (حزب الله) شرعية سياسية مزعومة أو استغلّوا مواقعهم لتحويل أموال عامة إلى المجموعة الإرهابية هم مسؤولون عن أفعالهم».
ويشير السفير اللبناني الأسبق في واشنطن الدكتور رياض طبارة إلى أن الحراك الفرنسي والأميركي باتجاه تشكيل الحكومة «يظهر على أنه جدي لمنع انهيار لبنان»، لافتاً إلى أن «الأميركيين يساندون الفرنسيين بالعقوبات التي فرضوها». ويوضح طبارة أن توقيت العقوبات جاء في منتصف مهلة الأسبوعين التي أعطاها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للبنانيين لتأليف الحكومة، ما يعني أنها «تحمل رسالة شديدة اللهجة للقادة السياسيين اللبنانيين»، لافتاً إلى أن «توجيهها إلى قادة الصف الثاني في الفريقين المستهدفين بالعقوبات يُراد منها توجيه الرسالة لقادة الصف الأول» من غير أن ينفي أن تكون العقوبات على خليل «رسالة لحثّ بري على عدم التمسك بحقيبة المالية».
ويتوقف طبارة عند سبب آخر متعلق «بالضغط لترسيم الحدود الجنوبية مع إسرائيل، ومنع انهيار لبنان الذي يؤدي إلى توترات أمنية تنعش (داعش)، وتهدد أمن إسرائيل على الحدود الجنوبية اللبنانية، وتضرب كل الجهود المبذولة من قبل واشنطن لذلك».
ويرى طبارة أن «كل المجموعات القريبة من (حزب الله) مستهدفة بالعقوبات، وتأتي تدريجياً»، من «التيار الوطني الحر، إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي، وحلفاء آخرين في طوائف أخرى».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».