السلطات الجزائرية تعد بدستور «يحدث قطيعة» مع عهد بوتفليقة

النيابة تطلب 4 سنوات سجناً بحق الصحافي درارني

جانب من المظاهرات التي نظمت أمس في العاصمة الجزائرية بمناسبة محاكمة الصحافي خالد درارني (أ.ف.ب)
جانب من المظاهرات التي نظمت أمس في العاصمة الجزائرية بمناسبة محاكمة الصحافي خالد درارني (أ.ف.ب)
TT

السلطات الجزائرية تعد بدستور «يحدث قطيعة» مع عهد بوتفليقة

جانب من المظاهرات التي نظمت أمس في العاصمة الجزائرية بمناسبة محاكمة الصحافي خالد درارني (أ.ف.ب)
جانب من المظاهرات التي نظمت أمس في العاصمة الجزائرية بمناسبة محاكمة الصحافي خالد درارني (أ.ف.ب)

دافع رئيس الوزراء الجزائري عبد العزيز جراد، أمس، عن مشروع تعديل الدستور أمام أعضاء اللجنة القانونية بالبرلمان، تحسباً لعرضه على النواب للتصويت المقرر غداً. وفي غضون ذلك، قال الصحافي ومراقب «مراسلون بلا حدود» خالد درارني، خلال محاكمته أمس، إن السلطات «سجنتني بسبب نشاطي المهني، المتمثل في تغطيتي لأحداث الحراك الشعبي». بينما التمست النيابة عقوبة أربع سنوات سجناً بحقه.
وقال جراد في كلمة تابعها أعضاء «اللجنة» إن «تعديل الدستور يعد تجسيداً لأبرز تعهدات الرئيس لبناء جمهورية جديدة. فقد كان على رأس الوعود الانتخابية التي قطعها الرئيس». مشيراً إلى أن المسعى «يستجيب لتطلعات الشعب في بناء دولة القانون، وسيلبي مطالب الحراك الشعبي المبارك الأصيل. فالدستور الجديد المرتقب يعتبر محطة مفصلية هامة للجزائر لأنه سيعطي قوة للنهوض بالاقتصاد، وسيشكل قطيعة تامة مع أخطاء الماضي».
وأكد رئيس الوزراء أن «وضع دستور توافقي يعبر عن الإرادة الحقيقية للشعب، الذي صدح بها في 22 من فبراير (شباط) 2019. ووضع بها حدا لأخطاء شكلت تهديداً على البلاد». في إشارة إلى خروج الملايين إلى الشارع تعبيرا عن رفض ترشح الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة.
وبحسب جراد أيضاً فإن هذا المشروع «يعتبر قطيعة تامة مع ممارسات الماضي، من حیث مضمونه وطريقة إعداده، والشباب هو عموده الفقري». مبرزاً أن الدولة «ستحافظ من خلال هذا المشروع على طابعها الاجتماعي، كما ستعمل على القضاء على أوجه التفاوت الجهوي، وبناء اقتصاد منتج قادر على المنافسة».
في سياق ذلك، أكد جراد أن «الدستور الجديد سیستجیب لتطلعات الشعب الجزائري في بناء دولة ديمقراطیة، بعیدة عن التسلط والاستبداد، كما أنه يؤسس لفصل حقیقي بین السلطات، ويعزز الصلاحیات الرقابیة للبرلمان، ويكرس حرية الصحافة ويعزز الديمقراطية التشاركية». مشدداً على أن مشروع الدستور «سیعمل على إصلاح شامل للقضاء ويضمن حرية الصحافة، وبناء مجتمع مدني حر ويعزز حماية حقوق المواطن والحريات».
من جهته، أكد رئيس البرلمان سليمان شنين، الذي كان حاضراً في الاجتماع، أنّ مشروع تعديل الدستور «ينهي هيمنة السلطة التنفيذية على كل مفاصل الدولة، وذلك بإعطاء الكلمة الأولى للمؤسسات المنتخبة شعبياً، كما يستجيب لمبدأ التداول على السلطة، ولا يمكن لأحد بعد اليوم أن يخلد في الحكم وكأن الجزائر باسمه دون سواه».
وكانت الرئاسة قد كشفت ليل الاثنين عن الصيغة النهائية للتعديل الدستوري، التي أهم ما جاء فيها أن الرئيس تبون تخلى عن رغبته في استحداث منصب نائب رئيس الجمهورية، بعد أن تحفظت عليه غالبية الأحزاب التي قدمت ملاحظاتها حول الوثيقة الأولية. ومن أكثر ما استغربه مراقبون في المسودة هو أن يكون للبلاد رئيس للوزراء في حال فازت «أغلبية رئاسية» في الانتخابات، في حين يتحول المنصب إلى رئيس حكومة إذا حصلت المعارضة على الأغلبية.
إلى ذلك، طالبت النيابة أمس من رئيس محكمة الاستئناف بالعاصمة بسجن الصحافي خالد درارني أربع سنوات مع التنفيذ، وغرامة مالية بقيمة 50 ألف دينار (700 دولار). كما التمست العقوبة نفسها بحق الناشطين سمير بن العربي وسليمان حميطوش.
وأكد درارني خلال دفاعه عن نفسه أن السلطة «تابعتني وسجنتني لأنني أديت واجبي كصحافي، وذلك بنقل أطوار الحراك الشعبي».
فيما قال بن العربي إن اتهامه بتهديد الوحدة الوطنية، «كان بسبب منشورات سياسية على حسابي بـ(فيسبوك)، تعاملت معها السلطات بطريقة أمنية».
وكانت المحكمة الابتدائية قد أدانت درارني بثلاث سنوات سجناً، فيما حكمت على الناشطين بعقوبة غير سالبة للحرية. وتجمع عدد كبير من الصحافيين والسياسيين خارج المحكمة في انتظار صدور الحكم، الذي كان متوقعاً صدوره ليلاً. كما نظم صحافيون فرنسيون بباريس مظاهرة أول من أمس، للمطالبة بإطلاق سراح درارني، الذي يتعاون كمراسل مع القناة الفرنسية «موند 5».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».