جنود إسرائيليون يعتلون «الأقصى» لتركيب أجهزة إلكترونية

شكوك فلسطينية في عمليات تجسس على المصلين

جانب من المسجد الأقصى وجبل الزيتون (أ.ف.ب)
جانب من المسجد الأقصى وجبل الزيتون (أ.ف.ب)
TT

جنود إسرائيليون يعتلون «الأقصى» لتركيب أجهزة إلكترونية

جانب من المسجد الأقصى وجبل الزيتون (أ.ف.ب)
جانب من المسجد الأقصى وجبل الزيتون (أ.ف.ب)

رغم اعتراضات دائرة الوقاف الإسلامية، التي تدير شؤون الحرم القدسي، اقتحمت قوات من جنود إحدى الوحدات القتالية الخاصة في جيش الاحتلال الإسرائيلي، أمس (الأحد)، ساحات المسجد الأقصى، واعتلت سطحه وشرعت بتركيب أجهزة إلكترونية لمجسات وسماعات في منطقة باب الأسباط، داخل الأقصى.
وأعربت أوساط فلسطينية عن قلقها من هذه العملية والشكوك في أن الأجهزة الإلكترونية تتضمن أدوات مراقبة وتجسس، تحت ستار تركيب سماعات، وإن حتى السماعات جاءت لغرض مخاطبة المصلين في الأقصى وتوجيه الأوامر لهم بمغادرة المسجد كلما يروق ذلك لسلطات الاحتلال. وقال مصدر مسؤول من دائرة الأوقاف الإسلامية إن «شرطة الاحتلال طلبت قبل يومين فتح غرفة الآذان في منطقة باب الأسباط لاعتلاء السطح، بحجة تركيب سماعات في المكان»، لكن مسؤولي الأوقاف رفضوا الطلب وقالوا إنه غير ضروري، فقامت سلطات الاحتلال اليوم باقتحام الأقصى، وبالقوة اعتلت سطحه «جهة باب الأسباط»، وشرعت بتركيب معداتها.
وأضاف المسؤول أن «ما يجري هو مخالف لكل الأعراف، ولم يحدث منذ احتلال مدينة القدس والأقصى، قبل 53 عاماً، ولا نعرف الأهداف من وراء ذلك».
وكانت وزارة الأوقاف الفلسطينية قد نشرت تقريراً عن الممارسات الاحتلالية ضد المسجدين الأكثر أهمية وقداسة في فلسطين، الأقصى في القدس والحرم الإبراهيمي في الخليل. وقال وكيل الوزارة، حسام أبو الرب، إن قوات الاحتلال الإسرائيلي واصلت انتهاكاتها للمقدسات الإسلامية والمسيحية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، خاصة في المسجد الأقصى والمسجد الإبراهيمي. وقد سجلت في شهر أغسطس (آب)، أكثر من 20 عملية اعتداء واقتحام للمسجد الأقصى، ومنع رفع الأذان في المسجد الإبراهيمي في الخليل، لا أقل من 50 وقتاً، وشكا وكيل الوزارة، من أن هناك ارتفاعاً في وتيرة وأعداد الأشخاص المقتحمين للأقصى، وغالبيتهم من المستوطنين أو طلبة المعاهد الدينية، الذين يهتفون عادة «الأقصى ملك لشعب إسرائيل»، ويؤدون صلوات وحركات تلمودية والنفخ بالأبواق أمام المسجد من جهة باب الأسباط، في خطوة استفزازية لمشاعر المسلمين.
ويشارك في زيارات الأقصى، جنود وضباط المخابرات وخبراء آثار أو القائمين على ما يُسمّى جماعات الهيكل التي كثفت من دعواتها واقتحاماتها للمسجد الأقصى. وأكد التقرير أن شهر أغسطس، كما باقي الشهور، شهد جملة من عمليات الإبعاد التي شملت حراس المسجد الأقصى والمرابطين والمرابطات وتشديد الحصار على الأقصى، من خلال منع العديد من المصلين المسلمين من الدخول إليه إضافة إلى سياسة الاحتلال في احتجاز بعض هويات المصلين.
وقال التقرير إن قوات الاحتلال، وإمعاناً منها في التضييق على حراس المسجد الأقصى، صادقت على هدم منزل حارس الأقصى فادي عليان، ناهيك بسلسلة الاعتداءات بحقهم من اعتقال وإبعاد وضرب ومنعهم من القيام بأعمالهم. وحذر التقرير من نيات الاحتلال هدم مسجد القعقاع المكوَّن من طابقين في بلدة سلوان، جنوب الأقصى، إذ قامت بتسليم أمر خطي بذلك أوضحت فيه أن «القرار إداري»، أي سريع التنفيذ.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».