اتفاق مبدئي في السودان على فصل الدين عن الدولة

يمهّد لحل إحدى أعقد المشاكل التي تسببت في الحروب الأهلية

رئيس الحكومة السودانية عبد الله حمدوك (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة السودانية عبد الله حمدوك (أ.ف.ب)
TT

اتفاق مبدئي في السودان على فصل الدين عن الدولة

رئيس الحكومة السودانية عبد الله حمدوك (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة السودانية عبد الله حمدوك (أ.ف.ب)

وقعت الحكومة السودانية و«الحركة الشعبية - شمال»، بقيادة عبد العزيز آدم الحلو، في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا أمس (الجمعة)، على اتفاق يقضي بطرح قضيتي فصل الدين عن الدولة، وحق تقرير المصير لمنطقتي جبال النوبة والنيل الأزرق، على طاولة المفاوضات، على أن يتم استئناف التفاوض بين الطرفين في ضوء التقدم الذي أُحرز في المفاوضات غير الرسمية. وتهدف هذه الخطوة إلى حل إحدى أعقد المشاكل التي تسببت في الحروب الأهلية.
وأثناء ذلك، نظم المئات من أنصار الحركة الشعبية استقبالاً حاشداً لرئيس الوزراء عبد الله حمدوك في مطار الخرطوم، عقب عودته من العاصمة الإثيوبية. وذكر بيان مشترك من الجانبين أن الاتفاق جاء لمعالجة القضايا العالقة في وثيقة «إعلان المبادئ»، فيما يصبح الاتفاق ملزماً بعد المصادقة عليه من الجهات المعنية.
وتعثرت جولات التفاوض السابقة بين الحكومة وفصيل الحلو في الوصول إلى اتفاق حول قضية فصل الدين عن الدولة، التي تطرحها الحركة الشعبية كشرط أساسي للتنازل عن المطالبة بحق تقرير المصير للمنطقتين. وجاء في البيان المشترك أنه بعد مباحثات استمرت لعدة جلسات، اتفق وفد الحكومة السودانية برئاسة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، ووفد الحركة الشعبية برئاسة عبد العزيز الحلو، على استمرار التفاوض في منبر مدينة جوبا ورعاية دولة جنوب السودان، وتثمين دور الشركاء الإقليميين والدوليين.
كما اتفق الطرفان على عقد جلسات تفاوض غير رسمية تناقش القضايا الخلافية المطروحة، وأبرزها إشكالية العلاقة بين الدين والدولة وحق تقرير المصير، للوصول إلى تفاهمات مشتركة تسهل مهمة وفود التفاوض. وأشار البيان المشترك إلى أن الحكومة و«الشعبية» اتفقتا على العودة إلى طاولة المفاوضات في ضوء ما يتحقق من تقدم خلال المفاوضات غير المباشرة.
كما توافق الجانبان على وضع خريطة طريق تحدد منهجية التفاوض، ومصفوفة لتحديد المسؤوليات والمواقيت الزمنية. وجاء في ديباجة البيان المشترك بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية، أن هذا الاتفاق يؤكد ضرورة التوصل إلى حل سياسي شامل وعادل لكل قضايا السودان للوصول إلى سلام مستدام يخاطب جذور الأزمات ويحقق المواطنة المتساوية، ويؤسس لواقع جديد.
ووقعت الحكومة و«الشعبية» في أكتوبر (تشرين الأول) 2019 على إعلان مبادئ يحدد أجندة التفاوض في القضايا السياسية والمسائل الإنسانية والترتيبات الأمنية. وفي يناير (كانون الثاني)، زار عبد الله حمدوك مدينة كاودا، معقل الحركة الشعبية في ولاية جنوب كردفان، التي تعد الأولى لمسؤول حكومي منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011. وفشل الطرفان في جولات المفاوضات السابقة التي جرت بجوبا عاصمة جنوب السودان في التوصل إلى اتفاق حول علمانية الدولة وحق تقرير المصير.
ومن جانبه، رحب حزب المؤتمر السوداني، أحد أحزاب الائتلاف الحاكم في السودان، بالاتفاق واعتبره اختراقاً مهماً في طريق استكمال عملية السلام في السودان. ودعا المؤتمر السوداني إلى أن يبدأ استنئاف التفاوض بين الحكومة و«الشعبية» بتوقيع اتفاق لإعلان المبادئ يعالج قضية الدين والدولة بالنص صراحة على الفصل بينهما، ومواصلة التفاوض في بقية الملفات بصورة متوازية تضمن الوصول إلى اتفاق سلام شامل بأسرع فرصة ممكنة.
ووقعت الحكومة السودانية والحركات المسلحة في مسار دارفور والحركة الشعبية، بقيادة مالك عقار، الأسبوع الماضي، على اتفاق سلام بالأحرف الأولى، يقضي بمشاركة الحركات في هياكل السلطة الانتقالية، ودمج مقاتلي الحركات في الجيش السوداني. وانطلقت محادثات السلام بين الأطراف السودانية في أكتوبر (تشرين الأول) 2019 في مدينة جوبا برعاية رئيس حكومة جنوب السودان، سلفاكير ميادريت ودعم من الاتحاد الأفريقي ودول الجوار.



مصر تشدد على دعمها استقرار السودان ووحدة أراضيه

وزير الخارجية المصري ينقل رسالة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري ينقل رسالة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان (الخارجية المصرية)
TT

مصر تشدد على دعمها استقرار السودان ووحدة أراضيه

وزير الخارجية المصري ينقل رسالة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري ينقل رسالة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان (الخارجية المصرية)

في أول زيارة لوزير خارجية مصر إلى السودان منذ اندلاع الحرب في أبريل (نيسان) 2023، سلم وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الثلاثاء، رسالة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، الذي استقبله في بورتسودان.

ونقل الوزير المصري، إلى البرهان «اعتزاز الرئيس السيسي بالعلاقات التاريخية والأخوية بين مصر والسودان، والعزم على بذل كل المساعي الممكنة من أجل تحقيق الأمن والاستقرار للسودان».

جلسة مباحثات مصرية - سودانية موسعة (الخارجية المصرية)

وأشار عبد العاطي، وفق بيان للخارجية المصرية، إلى أن «الزيارة تأتي للإعراب عن تضامن مُخلص مع السودان في هذا المنعطف التاريخي الخطير، وللوقوف بجانب دولة شقيقة في ظل الروابط العميقة والعلاقات الأخوية بين الشعبين الشقيقين».

كما أشار إلى «حرص مصر على الانخراط بفاعلية في الجهود الإقليمية والدولية الرامية لتحقيق الاستقرار في السودان الشقيق، بما يصون مصالحه وسيادته ووحدة أراضيه»، منوهاً بـ«جهود مصر لاستئناف السودان لأنشطته في الاتحاد الأفريقي».

وشهدت زيارة عبد العاطي لبورتسودان جلسة مشاورات رسمية بين وزير الخارجية المصري ونظيره السوداني، علي يوسف الشريف بحضور وفدي البلدين، شدد الوزير المصري خلالها على «دعم بلاده الكامل للسودان قيادة وشعباً، وحرص مصر على بذل الجهود لرفع المعاناة عن الشعب السوداني».

وزير الخارجية السوداني يستقبل نظيره المصري (الخارجية المصرية)

واستعرض، وفق البيان، موقف مصر الداعي لـ«وقف فوري لإطلاق النار والإسراع من وتيرة نفاذ المساعدات الإنسانية، وأهمية التعاون مع مبادرات الأمم المتحدة ووكالاتها ومنظمات الإغاثة الدولية لتسهيل نفاذ تلك المساعدات».

كما حرص الجانبان على تناول ملف الأمن المائي باستفاضة، في ظل «مواقف البلدين المتطابقة بعدّهما دولتي مصب علي نهر النيل»، واتفقا على «الاستمرار في التنسيق والتعاون الوثيق بشكل مشترك لحفظ وصون الأمن المائي المصري والسوداني».

تضمنت الزيارة، كما أشار البيان، لقاء عبد العاطي مع الفريق إبراهيم جابر، عضو مجلس السيادة الانتقالي مساعد القائد العام للقوات المسلحة السودانية، وأكد خلاله الوزير المصري «موقف بلاده الثابت القائم على دعم المؤسسات الوطنية السودانية واحترام وحدة وسلامة الأراضي السودانية».

كما عقد الوزير عبد العاطي لقاء مع ممثلي مجتمع الأعمال السوداني لتعزيز التعاون بين رجال الأعمال من البلدين واستكشاف فرص الاستثمار المشترك والاستفادة من الفرص الهائلة التي يتيحها الاقتصاد المصري، والعمل على مضاعفة التبادل التجاري بين البلدين الشقيقين. كما التقى مع مجموعة من السياسيين وممثلي المجتمع المدني من السودان، فضلاً عن لقاء مع أعضاء الجالية المصرية في بورتسودان واستمع إلى شواغلهم ومداخلاتهم.

بدورها، نقلت السفارة السودانية في القاهرة، عن وزير الخارجية علي يوسف، تقديمه «الشكر للشقيقة مصر على وقفتھا الصلبة الداعمة للسودان»، في ظل «خوضه حرب الكرامة الوطنية ضد ميليشيا الدعم السريع المتمردة ومرتزقتھا وداعميھا الإقليميين»، على حد وصف البيان.

ولفت البيان السوداني إلى أن الجانبين ناقشا «سبل تذليل المعوقات التي تواجه السودانيين المقيمين في مصر مؤقتاً بسبب الحرب، خاصة في الجوانب الھجرية والتعليمية»، واتفقا على «وضع معالجات عملية وناجعة لتلك القضايا في ضوء العلاقات الأزلية بين الشعبين الشقيقين».