«الدستوري الحر» ينضم إلى الكتل البرلمانية المعارضة للحكومة التونسية

مظاهرة أمام سفارة إسبانيا في تونس أمس احتجاجاً على طريقة معاملة المهاجرين غير الشرعيين والمحتجزين لدى السلطات الإسبانية (إ.ب.أ)
مظاهرة أمام سفارة إسبانيا في تونس أمس احتجاجاً على طريقة معاملة المهاجرين غير الشرعيين والمحتجزين لدى السلطات الإسبانية (إ.ب.أ)
TT

«الدستوري الحر» ينضم إلى الكتل البرلمانية المعارضة للحكومة التونسية

مظاهرة أمام سفارة إسبانيا في تونس أمس احتجاجاً على طريقة معاملة المهاجرين غير الشرعيين والمحتجزين لدى السلطات الإسبانية (إ.ب.أ)
مظاهرة أمام سفارة إسبانيا في تونس أمس احتجاجاً على طريقة معاملة المهاجرين غير الشرعيين والمحتجزين لدى السلطات الإسبانية (إ.ب.أ)

أعلنت كتلة «الحزب الدستوري الحر» في البرلمان التونسي طلبها رسمياً الانضمام إلى صفوف المعارضة لحكومة هشام المشيشي. وبذلك تكون كتلة هذا الحزب الليبرالي الذي تتزعمه عبير موسي، هي الكتلة الأولى في البرلمان (16 نائباً) التي تعلن وقوفها في صفوف المعارضة، في خطوة من شأنها أن تفرز الأطراف السياسية الداعمة للحكومة من الكتل البرلمانية المعارضة لها.
ويأتي هذا القرار إثر تصويت «الحزب الدستوري الحر» ضد منح الثقة للحكومة المعروضة على البرلمان في جلسة الأول من سبتمبر (أيلول)، وذلك طبقاً للفصل 46 من النظام الداخلي للبرلمان.
ومن المنتظر أن تقود «الكتلة الديمقراطية»، الممثلة لحزبي «التيار الديمقراطي» و«حركة الشعب»، الكتل النيابية المعارضة للحكومة، باعتبار أنها تضم 38 مقعداً برلمانياً، وتتولى، وفق الدستور التونسي، رئاسة اللجنة المالية في البرلمان، والتي تُعتبر من أهم اللجان البرلمانية.
وكانت عبير موسي، رئيسة «الدستوري الحر»، القيادية السابقة في نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، قد صرحت في لقاء صحافي سابق بأن هشام المشيشي «خيب الآمال» من خلال تشكيلة الحكومة التي أعلنها، داعية إياه إلى تغيير وزيرَي الداخلية والعدل المقترحين. وأكدت أن مسار تشكيل الحكومة «انحرف في اللحظات الأخيرة»، وأن المشيشي لم يكن «وفياً للعهود» التي قدمها لحزبها إثر لقاءين عقدهما معه.
ويتهم «الحزب الدستوري الحر» حزب «حركة النهضة» بالسيطرة على الحكومة من جديد، واستمالة رئيسها إلى الحزب الإسلامي، على خلاف توقعات الرئيس التونسي قيس سعيد الذي اختار المشيشي من غير الأسماء المرشحة من قبل الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان.
وفي هذا الشأن، قالت عبير موسي أمس، في مدينة المنستير (وسط شرقي تونس)، إن الرئيس التونسي أشار وأعطى مؤشرات إلى مخاطر تنظيم «الإخوان» - على حد قولها - وذلك إثر الخطاب الحاد الذي وجهه إلى أطراف سياسية عدة. وأضافت أن «الإشارات والتهديدات اللفظية فقط لا تكفي، وعلى الرئيس التونسي المرور إلى كشف الحقائق لفرز الغث من السمين، ومعرفة من يخدم تونس ومن يدعم الإرهاب».
وفي السياق ذاته، قال عبد الكريم الهاروني، رئيس مجلس شورى «النهضة»، إن حزبه ليس معنياً بتصريحات رئيس الجمهورية خلال الاحتفال بأداء أعضاء الحكومة الجديدة لليمين الدستورية؛ لأن «النهضة» ليست في معركة مع الرئيس سعيد، على حد تعبيره. وأضاف القيادي في «النهضة» في تصريح إذاعي: «عندما نلاحظ وجود غضب لدى رئيس الجمهورية وفي البرلمان وفي الشارع التونسي، فإن الوضع غير طبيعي، لذلك لا بد من العودة إلى الهدوء والتهدئة»؛ مشيراً إلى أن العودة إلى الهدوء تكون باحترام كل طرف من مثلث السلطة لصلاحياته الدستورية، والعمل في إطار الشفافية.
من ناحية أخرى، دعا حسام الحامي، المنسق العام لـ«ائتلاف صمود»، وهو ائتلاف سياسي معارض، الحكومة الجديدة إلى النأي بنفسها عن التجاذبات، والوقوف على المسافة نفسها من كل الأطراف السياسية، والانكباب على الإصلاحات المستعجلة لإنقاذ البلاد من شبح الإفلاس، والحرص على محاربة الفساد، وتطبيق القانون دون تمييز. ونبه إلى خطورة مواصلة العمل بالمنظومة السياسية الحالية، قائلاً إنها ستؤدي إلى «فشل الانتقال الديمقراطيـ وربما إلى انهيار الدولة». ودعا كلاً من رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة والمنظمات الوطنية والأحزاب إلى الإسراع في إيجاد الآليات الكفيلة بإصلاحها إصلاحاً شاملاً وعميقاً.
وحظيت الحكومة الجديدة بأغلبية مساندة تضم حركة «النهضة»، وحزب «قلب تونس»، وحركة «تحيا تونس»، وكتلة «الإصلاح الوطني»، إضافة إلى «الكتلة الوطنية» و«كتلة المستقبل». أما الأطراف المعارضة فتضم على وجه الخصوص «الكتلة الديمقراطية» الممثلة لـ«التيار الديمقراطي» و«حركة الشعب»، علاوة على «ائتلاف الكرامة»، و«الحزب الدستوري الحر»، ما يجعل المعارضة منقسمة إلى ثلاثة أقسام من الصعب التقاؤها حول المواقف نفسها.
وقبل جلسة منح الثقة للحكومة الجديدة، سعى «الحزب الدستوري الحر» بكل قوة إلى عزل حركة «النهضة» عن المشهد السياسي، وضمان عدم مشاركتها في الحكومة الجديدة، غير أن هذه المحاولات باءت بالفشل. وقدمت «النهضة» نفسها على أنها أكبر داعم للحكومة، وانضمت إلى حزام برلماني يؤيد توجهات الحكومة، ويضم كتلاً كانت في تقارب مع «الدستوري الحر»، مثل كتلة «الإصلاح الوطني» وكتلة «تحيا تونس»، إضافة إلى «قلب تونس»، وكتلة «المستقبل». وبهذا تكون «النهضة» قد استعادت تموقعها في البرلمان، وفكت الحصار الذي كاد يعصف بها، وثبتت أقدام رئيسها راشد الغنوشي في البرلمان.
على صعيد آخر، أفادت وكالة الأنباء الألمانية بأن عشرات من أفراد عائلات المهاجرين التونسيين المحتجزين في مركز مليلة الإسباني لإيواء المهاجرين، وقفوا أمام مقر السفارة الإسبانية في تونس، أمس الجمعة، للاحتجاج ضد «انتهاكات» مزعومة لحقوق أبنائها. وتجمع الأهالي قرب السفارة في احتجاجات لا تعد الأولى ضد السلطات الإسبانية، بينما نصبت الشرطة حواجز حديدية على طرفي الشارع الذي توجد فيه السفارة، للحيلولة دون اقتراب المحتجين من مقرها. وحمل جمع من أمهات المهاجرين لافتات كتب عليها بالإسبانية: «أبناؤنا تحت مسؤولية السلطات الإسبانية»، بينما رددن وسط الوقفة الاحتجاجية: «لا للترحيل القسري».
وتشتكي العائلات من «المعاملة السيئة» ضد أبنائها من قبل الشرطة الإسبانية، وتدهور الخدمات الصحية في مركز الإيواء بمليلة.
وقال رمضان بن عمر العضو بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (منظمة مستقلة) المشارك في الوقفة الاحتجاجية: «الوضع أصبح أكثر خطورة اليوم في معتقل مليلة الذي يضم نحو 800 مهاجر تونسي غير نظامي، وسط تفشي فيروس (كورونا) في مخالفة لتوصيات منظمة الصحة العالمية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».