بيدرسن يلتقي لافروف في موسكو لتحريك «عملية جنيف»

معطيات روسية عن «دعم أميركي» لتنشيط المفاوضات

المبعوث الأممي في افتتاح اجتماعات اللجنة الدستورية في 24 الشهر الماضي (أ.ف.ب)
المبعوث الأممي في افتتاح اجتماعات اللجنة الدستورية في 24 الشهر الماضي (أ.ف.ب)
TT

بيدرسن يلتقي لافروف في موسكو لتحريك «عملية جنيف»

المبعوث الأممي في افتتاح اجتماعات اللجنة الدستورية في 24 الشهر الماضي (أ.ف.ب)
المبعوث الأممي في افتتاح اجتماعات اللجنة الدستورية في 24 الشهر الماضي (أ.ف.ب)

أعلنت الخارجية الروسية أمس، أن المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن سيزور العاصمة الروسية اليوم، لإجراء محادثات مع وزير الخارجية سيرغي لافروف.
وقالت الناطقة باسم الوزارة ماريا زاخاروفا إنه «من المخطط عقد هذا اللقاء الخميس» من دون أن توضح تفاصيل عن جدول الأعمال المطروح للمناقشة. لكن مصادر روسية أشارت إلى اهتمام موسكو بتنشيط النقاشات حول آليات دفع المسار السياسي في سوريا، على خلفية نتائج الاجتماع الأخير للجنة الدستورية، التي وصفت في روسيا بأنها «كانت إيجابية برغم أنها لم تحقق تقدما». وكذلك في إطار التوجه الروسي لتحريك المفاوضات السورية في جنيف.
وينتظر أن يركز البحث أيضا وفقا للمصادر على التطورات الميدانية في سوريا، والوضع حول إدلب، فضلا عن التحركات الأميركية في شرق الفرات، وملف المساعدات الإنسانية إلى سوريا، خصوصا في ظل انتشار وباء «كورونا» وضرورة مساعدة السلطات السورية على مواجهة تزايد معدلات التفشي.
لكن الأبرز وفقا لمصدر روسي قريب من الخارجية تحدث إلى «الشرق الأوسط» هو التوجه نحو إعادة إطلاق مسار المفاوضات السورية في جنيف، مع توافر «ظروف أفضل لتعزيز هذا المسار». ووفقا للمصدر فقد «نضج الفهم بأنه لا بد من تحريك المسار التفاوضي» منبها إلى أن هذا المسار «لم يتوقف بل واجه صعوبات لأسباب عدة أبرزها تفشي وباء (كورونا)». ولفت إلى تطور مهم رأى أنه يشكل «عنصرا دافعا من خلال تحول الموقف الأميركي نحو دعم تنشيط المسار التفاوضي». وقال إن «واشنطن قلبت موقفها بنسبة 180 درجة حول هذا الموضوع، ونلاحظ استعدادا أميركيا جديا لدعم هذا التوجه».
وقال المصدر إن اللجنة الدستورية السورية ستعود إلى الاجتماع الشهر المقبل في جنيف، وإن هذا يشكل واحدا من روافع استئناف العملية التفاوضية بشكل كامل، خصوصا أن اللقاء الأخير وبرغم أنه مر بصعوبات وخصوصا بسبب ظهور أعراض المرض على أربعة من أعضاء «الدستورية» ما أسفر عن تقليص المدة الزمنية للنقاشات لكن الأجواء عموما بعثت على الارتياح، بسبب «تجاوز الأطراف الأجواء السلبية التي سادت الاجتماعين الأول والثاني، وبروز رغبة بالاستماع لوجهات النظر المختلفة ومناقشتها» وزاد أن الوفد الحكومي تلقى تعليمات بعدم توفير ذرائع لتوجيه اتهامات جديدة ضده بأنه عرقل النقاشات في اجتماعات الدستورية، ما ساعد على توفير أجواء أفضل من الاجتماعات السابقة.
في غضون ذلك، وبرغم أن موسكو لم تعلن تفاصيل عن نتائج الحوارات التي أجراها مسؤولون روس مع وفد تركي بارز خلال اليومين الماضيين، لكن مصادر أشارت إلى أنه فضلا عن التطورات الميدانية على الأرض، فقد جرى تقويم شامل لنتائج عمل اللجنة الدستورية، وتم التطرق إلى الخطوات اللاحقة الممكنة.
وكانت الخارجية الروسية قالت في بيان إن المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف ونائب وزير الخارجية سيرغي فيرشينين التقيا في موسكو، مع وفد تركي برئاسة نائب وزير الخارجية سادات أونال. وجرت خلال اللقاء «مناقشة تفصيلية لمجموعة كاملة من القضايا المتعلقة بالتسوية السورية، مع التركيز على مهام الحفاظ على الاستقرار على الأرض، وآليات دفع العملية السياسية». كما تبادل الجانبان الآراء حول الوضع الحالي في إدلب، والخطوات الأخرى في إطار تنفيذ الاتفاقات الروسية التركية القائمة.
ووفقا للبيان فقد تم التداول حول الوضع في منطقة شرق الفرات، مع الأخذ في الاعتبار التهديدات المستمرة لتقويض سيادة وسلامة أراضي الجمهورية العربية السورية. وشدد الطرفان على أنه لا بديل عن العملية السياسية التي يقودها وينفذها السوريون أنفسهم بدعم من الأمم المتحدة، على النحو المنصوص عليه في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 وفي هذا الإطار، أشاد الجانبان باستئناف الحوار السوري في إطار اللجنة الدستورية في جنيف.
في غضون ذلك، رأى خبراء في روسيا، أن تعمد الوزير سيرغي لافروف استضافة وفد من مجلس سوريا الديمقراطية قبل أيام، حمل رسائل إلى أنقرة وإلى واشنطن، في إطار ما وصف بأنه «سعي القيادة الروسية لتخفيف التوتر بين تركيا والمكون الكردي، ولعب دور الوسيط لإزالة الأسباب التي تعرقل سير المفاوضات، وتساعد على خلق استقرار أمني في الشمال السوري، مع ما يمثله ذلك من أهمية بالغة للأمن القومي التركي».
ورغم ذلك أعربت أنقرة عن استيائها بسبب «الاستقبال الروسي على مستوى رفيع» الذي حظي به ممثلو الإدارة الذاتية في شمال سوريا، وحذرت من خطوات قد تصب في صالح الفصائل العسكرية الكردية التي تصنفها أنقرة على لوائح الإرهاب، لكن كان الملاحظ أن هذا الموضوع لم ينعكس في البيان الختامي للقاء الروسي - التركي.
من جهة أخرى، لفت خبراء إلى أن التطور الذي تمثل في دعم موسكو لتوقيع اتفاق بين الإدارة الذاتية للأكراد وحزب الإرادة الشعبية الذي يقوده رئيس منصة موسكو للمفاوضات قدري جميل، حمل رسالة إلى الأميركيين وإلى الجانب التركي بإمكان تسوية مشكلة تمثيل المكون الكردي في أي مفاوضات مقبلة من دون التوجه إلى تأسيس «منصات جديدة» غير التي أقر بها القرار الأممي 2254.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».