لبنان: تشكيك في أرقام الإصابات... و«الصحة» تدافع عن نتائج الفحوصات

السلطات والأحزاب تحدّ من التجمعات... ومتضررون من الإقفال يرفعون الصوت

عناصر من الأمن اللبناني يراقبون الالتزام بقيود «كورونا» في بيروت الجمعة (أ.ف.ب)
عناصر من الأمن اللبناني يراقبون الالتزام بقيود «كورونا» في بيروت الجمعة (أ.ف.ب)
TT

لبنان: تشكيك في أرقام الإصابات... و«الصحة» تدافع عن نتائج الفحوصات

عناصر من الأمن اللبناني يراقبون الالتزام بقيود «كورونا» في بيروت الجمعة (أ.ف.ب)
عناصر من الأمن اللبناني يراقبون الالتزام بقيود «كورونا» في بيروت الجمعة (أ.ف.ب)

دفع الانتشار الواسع لفيروس «كورونا» في لبنان، إذ أصبح المعدل اليومي نحو 600 إصابة، مؤسسات رسمية وأحزاباً إلى اتخاذ قرارات تمنع التجمعات، وسط تشكيك بدقة الأرقام رغم إعلان بلديات في مختلف المناطق عن تسجيل إصابات جديدة، أُرفقت بدعوات للتشدد في الوقاية ومنع التجمعات، ما دفع وزارة الصحة إلى الردّ، مرجعةً التفاوت إلى حالات الشفاء المخبري.
وعدّ النائب السابق الدكتور إسماعيل سكرية في تصريح أنه «حتى (كورونا) في لبنان أُدخلت في دوامة اللبننة، من خلال سياسات وأساليب المواجهة الموزعة ما بين الدولة ووزاراتها للصحة والقطاع الاستشفائي العام غير المقتدر والخاص المتهرب، والجامع الوحيد بينهم الفساد، يضاف إليه ثقافة اجتماعية مكابرة في بعضها ومستهترة في بعضها الآخر». ورأى أن «ما برز أخيراً من تراجع الثقة بفحوص pcr ونتائجها والتخبط والألاعيب في بعضها، يطرح علامات تشكيك بدقة الأرقام، إنها اللبننة التي تستوعب كل وافد إلى لبنان حتى لو كان (كورونا)».
وردت وزارة الصحة في بيان على «ما يتم تداوله عبر بعض وسائل التواصل الاجتماعي من أخبار وفيديوهات حول تأخير وعدم دقة نتائج الفحوصات المخبرية PCR أو الإيحاء الاتجاري»، قائلة إن «إجراء فحوصات مخبرية في بعض المناطق وفي وقت تجاوزت الفحوصات اليومية الأرقام التي تستطيع المختبرات استيعابها، يؤدي إلى تأخير في إصدار النتائج».
وأكدت أن «نتيجة إيجابية تتبعها بعد أيام نتيجة سلبية قد تكون علمياً ناتجة عن شفاء مخبري للمريض. كما أنه يجب الالتفات إلى أن النسبة العلمية للنتائج السلبية الخاطئة (false negative) قد تصل إلى 30% في بعض الأحيان، في حين أن النتائج الإيجابية الخاطئة (false positive) تعد نادرة علمياً». ورأت أن «التشكيك في بعض النتائج المخبرية لا يخدم المصلحة العامة خصوصاً في هذا الوضع».
ودفع الانتشار الواسع لفيروس «كورونا» السلطات والأحزاب إلى اتخاذ إجراءات تُمنع فيها التجمعات. فقد دهمت دورية من قوى الأمن الداخلي من فصيلة بشري منطقة الأرز، حفل زفاف بعدما وردها خبر إقامة حفل زفاف في صالة أحد الفنادق، وتم تسطير محضر ضبط في حق المخالفين وإنهاء الحفل، وذلك في إطار تطبيق الإقفال العام ومنع التجمعات لمكافحة فيروس (كورونا).
وفي سياق الإجراءات القضائية، أصدرت وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم، ورئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود، تعميماً مشتركاً قضى بتعليق الجلسات لغاية صباح 7-9-2020 في المحاكم والدوائر القضائية كافة، باستثناء جلسات إصدار الأحكام، والاستمرار في البت في طلبات تخلية الموقوفين من قبل المراجع القضائية الجزائية، وفقاً للتعاميم الصادرة في هذا الصدد عن مجلس القضاء الأعلى وعن النائب العام التمييزي، والاستمرار في اتخاذ التدابير المستعجلة حيث تدعو الحاجة من قِبل المراجع القضائية المدنية المختصة، بما فيها طلبات الحجز الاحتياطي، وتأمين الأعمال الإدارية في الأقلام في حدها الأدنى، من خلال وجود موظف واحد، ضمن مداورة بين الموظفين يشرف على تحديدها الرئيس الأول في كل محافظة.
وفضّل رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، أن يأتي «قداس شهداء المقاومة اللبنانية، الذي سيقام في المقر العام للحزب في معراب نهار الأحد 6 سبتمبر (أيلول) المقبل، من دون حشد شعبي»، بسبب «الظروف القاهرة التي تمر بها البلاد لناحية جائحة (كورونا)»، لكنه أصر على عدم إلغاء المناسبة لأهميتها الكبيرة لدى الحزب، وإحيائها من دون العائلات التي واظبت على حضور الذكرى سنوياً.
ولاقى الإقفال في لبنان، موجة رفض من قطاعات متضررة، إذ أعلنت نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري في لبنان أن «النقابة تراقب منذ 3 أيام تطبيق توصية الإقفال الجزئي للبلد الذي صدر عن لجنة متابعة التدابير والإجراءات الوقائية لمكافحة فيروس (كورونا)، الذي أثبت أنه غير مجدٍ لا للصحة ولا للاقتصاد». وتحدثت النقابة عن «استنسابية ضمن القطاعات في البلد والتي نراها تعمل بشكل كامل في المحميات المناطقية والاستثناءات من هنا وهناك، بقيت المؤسسات المطعمية وحدها كبش محرقة جائحة (كورونا)». ولوحت النقابة باتخاذ قرار خاص في الأيام المقبلة «خلال فترة الإقفال الحالية مع التزام التدابير الوقائية كافة».
وانسحب الاعتراض على تجار مدينة النبطية في جنوب لبنان، حيث تداعى تجار المدينة إلى وقفة احتجاجية في السوق التجارية، مطالبين بفتح محالهم والعودة إلى العمل، بعدما تسببت الأوضاع الاقتصادية وارتفاع سعر صرف الدولار في تقويض مصالحهم وانهيارها، بمشاركة رئيس جمعية تجار محافظة النبطية محمد قاسم ملي، وأعضاء من الهيئة الإدارية للجمعية وتجار. وطلب التجار «استثناءً يسمح بفتح المحال يومياً حتى الثانية بعد الظهر، على أن يلتزم أصحابها الوقاية الصحية والتعقيم وعدم الازدحام داخل المحال، وذلك بعد الالتزام الكامل بقرار الإقفال ولو على مضض».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.