«الصحة العالمية» تنبّه إسبانيا بعد ظهور الوباء في بؤر جديدة

قلق من ارتفاع الإصابات والوفيات في القارة الأميركية

إسبان ينتظرون دورهم للخضوع لفحص «كورونا» في مدريد أمس (إ.ب.أ)
إسبان ينتظرون دورهم للخضوع لفحص «كورونا» في مدريد أمس (إ.ب.أ)
TT

«الصحة العالمية» تنبّه إسبانيا بعد ظهور الوباء في بؤر جديدة

إسبان ينتظرون دورهم للخضوع لفحص «كورونا» في مدريد أمس (إ.ب.أ)
إسبان ينتظرون دورهم للخضوع لفحص «كورونا» في مدريد أمس (إ.ب.أ)

في موقف خارج عن المألوف، وجّهت منظمة الصحة العالمية تنبيهاً إلى إسبانيا بشأن إدارتها للبؤر الوبائية الجديدة التي ظهرت في الأسابيع الأخيرة بعد أن كانت قد تمكّنت من احتواء الفيروس بشكل كامل مطالع يونيو (حزيران) الماضي، وبعد أن دفعت ثمناً بشرياً باهظاً تقدّره التقارير الرسمية بحوالي 29 ألف وفاة، فيما تؤكد المصادر المستقلّة أنه تجاوز 44 ألفاً.
وجاء هذا التنبيه على لسان مدير فريق مراقبة البؤر الوبائية في المنظمة، بروس آيلوارد، خلال تعليقه على قيود السفر التي فرضتها بعض الدول مؤخراً على الوافدين من إسبانيا والمسافرين إليها، إذ قال إن «الدول تفرض هذه القيود لأنها تفتقر إلى المعلومات اللازمة لإدارة المخاطر التي تنشأ عن تنقّل السيّاح». وأضاف «توصياتنا في هذا المجال لم تتغّير. يجب تحديد المصابين بالفيروس في وقت مبكر، ثم التأكد من عزلهم وتحديد الأشخاص الذين تواصلوا معهم وإخضاعهم للحجر الصحي. من دون هذه المعلومات تجد الدول نفسها مضطرة لفرض قيود على السفر لمنع انتشار الفيروس».
وخلال استعراضه تطورات المشهد الوبائي في أوروبا الذي يشهد ارتفاعاً مضطرداً في عدد البؤر والإصابات الجديدة منذ أواخر الشهر الماضي، قال آيلوارد: «لا بد من التقيّد الصارم بالتدابير الأساسية للصحة العامة، خاصة أن موعد ظهور الفيروسات الموسمية على الأبواب. وعندما تظهر بؤرة جديدة، يجب الإسراع في تعميم الفحوصات، وعزل المصابين، وتحديد اتصالاتهم، وفرض التدابير اللازمة لمنع الفيروس من التنقّل والانتشار، أي العودة إلى القواعد الأساسية لمكافحة الوباء».
وجاءت تصريحات المسؤول في المنظمة العالمية بالتزامن مع صدور التقرير الأخير للمركز الأوروبي لمكافحة الأوبئة، الذي أفاد بأن إسبانيا تحتلّ المركز الأول في أوروبا من حيث عدد الإصابات الجديدة مقارنة بعدد السكان خلال النصف الأول من الشهر الجاري. وجاء في التقرير أن عدد الإصابات الجديدة في إسبانيا تجاوز المائة لكل 100 ألف مواطن، تليها لوكسمبورغ (98.6) ومالطا (98.2) ورومانيا (88.5) وبلجيكا (60.8).
وتجدر الإشارة إلى أن عدد البلدان التي تفرض قيوداً معيّنة على المسافرين إلى إسبانيا أو الوافدين إليها يقارب المائة، علما بأن بعض هذه القيود سارية المفعول منذ أشهر، لكن أبرزها من حيث التداعيات على قطاع السياحة الذي يتعرّض لانهيار شبه كامل، هي التي فرضتها غالبية دول الجوار الأوروبية منذ مطلع هذا الصيف.
وكانت وزارة الصحة الإسبانية قد كشفت أمس عن 6334 إصابة جديدة، منها 2744 في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة، كما ارتفع عدد الحالات التي تقتضي علاجاً في المستشفى بنسبة 8 في المائة، وتلك التي تستدعي العناية الفائقة بنسبة 11 في المائة، ولليوم الثالث على التوالي، عادت العاصمة مدريد لتكون البؤرة الرئيسية لانتشار الوباء، حيث بلغت فيها الإصابات 7.4 في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة.
وجاء في تقرير لمنظمة «أطباء بلا حدود» عن إدارة مراكز العناية بالمسنّين خلال الأشهر الأولى من الجائحة، أن معظم هذه المراكز لم يكن مجهّزاً بالموارد البشرية والعناية الصحية الكافية، ما أدّى إلى وقوع عدد كبير من الإصابات والضحايا فيها. وركّز التقرير بشكل خاص على إيطاليا وإسبانيا، مشيراً إلى «ظروف غير إنسانية» تعرّض لها المسنّون في بعض المراكز التي يقدّر عدد الضحايا فيها بنصف العدد الإجمالي في الحالتين الإيطالية والإسبانية.
وتأتي هذه التطورات مع ازدياد القلق في الأوساط الصحية الإيطالية، بعد أن تجاوز عدد بؤر الوباء الجديدة عتبة الألف في جميع أنحاء البلاد، بما فيها المناطق التي كانت في منأى عنه حتى أسابيع خلت، وبالتزامن مع تجاوز الإصابات اليومية الجديدة عتبة الألف في ألمانيا للمرة الأولى منذ ثلاثة أشهر. وكانت بريطانيا قد سجّلت ما يزيد على ألف إصابة يومية جديدة للمرة الثامنة في غضون عشرة أيام، وعادت الإصابات اليومية الجديدة في فرنسا لتتجاوز 2200 بعد أن كانت قد انخفضت إلى 493 في اليوم السابق.
ولدى استعراضه المشهد الوبائي العالمي، قال مدير فريق مراقبة البؤر الوبائية إن الفيروس الذي «يعاود الانتشار في معظم البلدان الأوروبية، يواصل منحاه التصاعدي في معظم المناطق الأخرى، حيث لا تزال القارة الأميركية موضع متابعة خاصة».
وكانت مديرة منظمة الصحة للبلدان الأميركية، كاريسّا إتيان، قد حضّت حكومات الدول الأعضاء على إدراج العناية بالصحة النفسانية ضمن العناصر الأساسية لخطط مواجهة «كوفيد - 19»، بعد النتائج التي أظهرتها دراسات عدة حول التداعيات النفسية الخطيرة التي تنشأ عن الوباء. وقالت إتيان إن القارة الأميركية هي المنطقة التي تتحمّل العبء الأكبر للجائحة في العالم، بعد أن بلغت نسبة الوفيّات فيها 64 في المائة من المجموع العالمي، علما بأن سكان القارة لا يزيدون على 13 في المائة من عدد سكان العالم. وكان عدد الإصابات في بلدان القارة الأميركية قد بلغ 11.5 مليون، فيما زاد عدد الوفيّات على 400 ألف.
وتتابع المنظمة الأميركية بقلق تطورات الوباء في البيرو، حيث بلغ عدد الوفيّات 26658، وزاد عدد الإصابات عن نصف مليون، فيما سُجّلت 177 حالة وفاة و4565 إصابة جديدة في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة. وفي المكسيك تجاوزت الإصابات عتبة نصف المليون وزادت الوفيات عن 60 ألفا، كما أعلنت وزارة الصحة أن نسبة الإصابات الجديدة من مجموع الفحوصات بلغت 45 في المائة.
وفي كوبا، أعلنت وزارة الصحة أن مرحلة الاختبارات السريرية في المشروع المحلي لتطوير لقاح ضد «كوفيد - 19» ستبدأ مطلع الأسبوع المقبل وينتظر أن تكون النتائج النهائية جاهزة في فبراير (شباط) القادم.
وكانت منظمة الصحة الأميركية قد نوّهت بإدارة سلطات الأوروغواي لأزمة «كوفيد - 19» بينما كانت حكومة هذا البلد تعلن عن فتح حدودها أمام السيّاح الأوروبيين بعد أشهر من الإغلاق التام. وكانت أوروغواي قد أقفلت حدودها كليّاً منتصف مارس (آذار) الماضي، ولم تسمح سوى بتسيير بعض الرحلات الجوية لأغراض إنسانية.
ومع اقتراب مواعيد عودة الطلاب إلى المدارس، وما يثيره هذا الموضوع من حذر ونقاش في معظم البلدان، وجّه المبعوث الخاص للأمم المتحدة لشؤون التعليم ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق غوردون براون رسالة موقّعة من حوالي 300 شخصيّة سياسية وأكاديمية وفنّية عالمية إلى مجموعة العشرين ومجموعة الدول الصناعية السبع وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، تطالب الحكومات والمنظمات الدولية والإقليمية تخصيص موارد إضافية لضمان التربية والتعليم لجميع الأطفال، خاصة في البلدان النامية وتلك الأكثر تضرّراً جراء الجائحة.



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.