العلاقات مع إسرائيل تطيح المتحدث باسم «الخارجية السودانية»

مظاهرة في الخرطوم أمام مقر الحكومة للمطالبة باستكمال أهداف الثورة (إ.ب.أ)
مظاهرة في الخرطوم أمام مقر الحكومة للمطالبة باستكمال أهداف الثورة (إ.ب.أ)
TT

العلاقات مع إسرائيل تطيح المتحدث باسم «الخارجية السودانية»

مظاهرة في الخرطوم أمام مقر الحكومة للمطالبة باستكمال أهداف الثورة (إ.ب.أ)
مظاهرة في الخرطوم أمام مقر الحكومة للمطالبة باستكمال أهداف الثورة (إ.ب.أ)

أعفت وزارة الخارجية السودانية، المتحدث باسمها، حيدر بدوي صادق، على خلفية تصريحاته بإقامة علاقات مع إسرائيل، والتي أثارت ضجة واسعة داخل أروقة الحكومة الانتقالية، ورحّبت بها الحكومة الإسرائيلية على الفور.
وأصدر وزير الخارجية المكلف، عمر قمر الدين، أمس، بياناً مقتضباً نقلته وكالة أنباء السودان الرسمية، بقرار إقالة «صادق» من منصبه متحدثاً باسم الوزارة ومديراً لإدارة الإعلام. وكانت «الخارجية» عبّرت عن دهشتها من تصريحات المتحدث باسمها، عن سعي السودان لإقامة علاقات مع إسرائيل، وأوجدت وضعاً ملتبساً يحتاج لتوضيح.
وأكدت في بيان، أول من أمس، أن أمر العلاقات مع إسرائيل لم تتم مناقشته في وزارة الخارجية بأي شكل كان، ولم يتم تكليف المتحدث باسمها للإدلاء بأي تصريحات بهذا الشأن. وكلّف قمر الدين للقيام بأعباء «الخارجية»، بعد التعديل الوزاري الذي أطاح بوزيرة الخارجية أسماء عبد الله في يوليو (تموز) الماضي.
ومن ناحيته، قال «صادق»: «تمت إقالتي من منصب الناطق الرسمي، وسيتم تعييني مديراً لإدارة التخطيط، وكنت قد طالبت بها من قبل لأنها تتناسب مع تأهيلي». وأضاف: «ما زلت أعمل سفيراً في الوزارة، وأرجو نقل هذا الخبر لجميع المشفقين».
وكان وزير الخارجية الإسرائيلي، غابي أشكنازي، رحّب في تدوينة على «تويتر» بحديث المتحدث باسم «الخارجية السودانية»، باعتباره خطوة تعزز التطبيع واتفاقات السلام والاعتراف بين الدول.
وأضاف أن النشاط الدبلوماسي الإسرائيلي بقيادة وزارة الخارجية سيستمر في خلق مزيد من الفرص المهمة، مثل الروابط بين إسرائيل والسودان.
وتسبب لقاء رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان، برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في أوغندا، مطلع فبراير (شباط) الماضي، في أزمة سياسية مع الحكومة التنفيذية برئاسة عبد الله حمدوك.
ونفت الحكومة حينها علمها باللقاء، وقالت إنها تفاجأت به، إلا أن البرهان أكد إبلاغه رئيس الوزراء باللقاء قبل يومين من سفره. وتم اللقاء السوداني الإسرائيلي عقب اتصالات أجراها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، برئيس مجلس السيادة الانتقالي.
وعزا المتحدث باسم الخارجية (المقال) تصريحاته إلى صمت الحكومة وعدم تعليقها على حديث مسؤول إسرائيلي بأن السودان سيكون ثالث دولة عربية تطبع علاقاتها مع إسرائيل. وكان عبد الفتاح البرهان، في حديث سابق لـ«الشرق الأوسط» كشف عن تكوين لجنة مشتركة بين مجلس السيادة والوزراء لمواصلة النقاش في ملف العلاقات مع إسرائيل.
ورأى حزب الأمة القومي، بزعامة الصادق المهدي، إحدى فصائل التحالف الحاكم في السودان، أن إقامة علاقات مع إسرائيل من صميم اختصاص الحكومات الوطنية المنتخبة. وأضاف، في بيان، أن أي علاقة مع إسرائيل في ظل عدم استرداد الأراضي العربية المحتلة بتسوية مقبولة، والالتزام بقرارات الشرعية الدولية، لا مبرر لها.
وأشار البيان إلى دور السودان التاريخي بالعمل المشترك مع الأشقاء في العالمين العربي والأفريقي، ورعاية السلم وبناء المصالحات المتوافق عليها. وأشعلت تصريحات المتحدث باسم الخارجية المقال، مواقع التواصل الاجتماعي، بين مؤيد ومعارض، وعبّر كثير من الناشطين في «فيسبوك» عن مواقف مساندة لعلاقات تقوم على المصالح المشتركة بين البلدين.
وكان تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير، المرجعية السياسية للحكومة الانتقالية، رفض لقاء «البرهان ونتنياهو»، مستندة إلى الوثيقة الدستورية التي نصّت على أن العلاقات الخارجية من اختصاص السلطة التنفيذية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».