حلفاء إيران في العراق يستنفرون بالتزامن مع زيارة الكاظمي لواشنطن

TT

حلفاء إيران في العراق يستنفرون بالتزامن مع زيارة الكاظمي لواشنطن

بدأت في واشنطن، أمس، المباحثات الرسمية بين الوفد العراقي برئاسة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وكبار المسؤولين في الإدارة الأميركية. ويلتقي الرئيس الأميركي دونالد ترمب رئيس الوزراء العراقي، اليوم، وسط توقعات متباينة بشأن ما سيتمخض عنه اللقاء.
وإضافة إلى تركيز المباحثات العراقية - الأميركية على التعاون في مجالات الاقتصاد والطاقة والصحة والاستثمار، سيخصص جانب كبير منها للجولة الثانية من الحوار الاستراتيجي الذي انطلقت جولته الأولى في يونيو (حزيران) الماضي على مستوى الخبراء.
ويهدف الحوار الاستراتيجي إلى إعادة النظر في الاتفاقية الأمنية والسياسية الموقعة بين العراق والولايات المتحدة في 2008، إضافة إلى تحديد الإطار المستقبلي للعلاقة بين البلدين. وفيما يحاول الكاظمي الحصول على دعم أميركي في مواجهة الأزمة الاقتصادية والصحية الخانقة التي يمر بها العراق، فإن أطرافاً سياسية في العراق مقربة من إيران تطالبه بمناقشة بند واحد مع ترمب؛ هو الانسحاب الأميركي من العراق. وبينما افتتح الكاظمي مباحثاته مع المسؤولين الأميركيين، تستمر صواريخ «الكاتيوشا» في استهداف السفارة الأميركية بالمنطقة الخضراء، ومحيط مطار بغداد الدولي ومعسكر التاجي.
وفي هذا السياق، حذر «تحالف الفتح» بزعامة هادي العامري القريب من إيران، من «الإملاءات الأميركية التي يمكن أن تفرض» على الكاظمي. وقال النائب عن «الفتح» مختار الموسوي إن «أغلب الكتل السياسية سترفض أي إملاءات أميركية تكبل الاقتصاد العراقي وتجعل القرار السياسي في البلاد رهين السياسات الأميركية». ورأى أن «واشنطن لم تعمل على إعمار البلاد أو مساعدة الحكومة العراقية في تجاوز الأزمات السياسية أو الاقتصادية التي مرت بها».
من جهته، أكد الخبير القانوني، علي التميمي، أن الكاظمي يملك صلاحية إبرام الاتفاقيات مع الجانب الأميركي من دون الرجوع إلى البرلمان. وقال التميمي في تصريح له إن «المادة (80) من الدستور العراقي قالت إن مجلس الوزراء يتفاوض بشأن المعاهدات والتوقيع عليها، وكذلك في النظام الداخلي لمجلس الوزراء رقم (2) لسنة 2019، قالت المادة (2) منه نفس ما نص عليه الدستور». ولفت إلى أن «المادة (61) من الدستور قالت إن البرلمان ينظم عملية المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات بقانون يسن بأغلبية الثلثين من الأعضاء... وقانون الاتفاقيات (35) لسنة 2015 أوجب إرسال الاتفاقية من وزارة الخارجية إلى مجلس شورى الدولة للتدقيق وفق المادة (4) من هذا القانون».
وبشأن ما يمكن أن يحققه الكاظمي خلال زيارته الحالية إلى واشنطن في ظل الصعوبات التي يواجهها في الداخل، يقول الأستاذ في الجامعة العراقية الدكتور فاضل البدراني لـ«الشرق الأوسط» إن «الوضع العراقي بشكل عام يؤرق الأميركيين ولا يمثل حالة انتصار بالنسبة للرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي يعيش الآن جواً انتخابياً يحتاج معه إلى تحقيق انتصار». وأضاف البدراني أن «ملف العراق يزداد تعقيداً، وهو ما يزعج ترمب، بعكس ملفات أخرى؛ من أبرزها الآن ملف التطبيع مع إسرائيل الذي شكل انتصاراً له».
وبشأن الزيارة الحالية للكاظمي، يقول البدراني إن «ما سيحصل في الغالب هو مجرد إعلان دعم شخصي للكاظمي، وهذا ما يختلف عن سلفه عبد المهدي».
في السياق نفسه، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكوفة الدكتور إياد العنبر، أن «زيارة الكاظمي لواشنطن من حيث المبدأ ضرورية لإعادة العلاقات بين العراق والولايات المتحدة إلى دائرة اللقاءات الرسمية والمباشرة على أعلى المستويات بعد أن أصابها الفتور في زمن الحكومات السابقة».
وأضاف العنبر لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه الزيارة يمكن النظر إليها من جهة توثيق العلاقات بين البلدين». غير أنه رأى أن «من الصعب الحديث عن إمكانية تحقيق نتائج ملموسة؛ لأن إدارة ترمب مشغولة في قضية الانتخابات وتبحث عن فرص الفوز، وبالتالي لا ضمانات ولا وعود إضافية يمكن أن يقدمها الرئيس ترمب على الالتزامات الأميركية السابقة تجاه العراق، وعلى رأسها استمرار التعاون العسكري لمحاربة تنظيم (داعش) الإرهابي».
ولفت إلى أن «الوضع الداخلي في العراق لا يسمح للكاظمي بهامش من المناورة في رسم وتنفيذ السياسة الخارجية مع دولة مثل الولايات المتحدة، فهو لا يملك كتلة برلمانية يمكن أن تشكل له سنداً في تمرير الاتفاقيات، كما أن الكتل السياسية تنظر إلى حكومته على أنها مؤقتة مهمتها التهيئة للانتخابات المقبلة».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.