محكمة الحريري تدين أحد كوادر «حزب الله» وتبرّئ ثلاثة لـ«عدم كفاية الأدلة»

حددت 21 سبتمبر موعداً لإصدار العقوبة

القاضية جانيت نوسورثي والقاضي ديفيد ري والقاضية ميشيلين بريدي خلال تلاوة الحكم في قضية الحريري أمس (أ.ف.ب)
القاضية جانيت نوسورثي والقاضي ديفيد ري والقاضية ميشيلين بريدي خلال تلاوة الحكم في قضية الحريري أمس (أ.ف.ب)
TT

محكمة الحريري تدين أحد كوادر «حزب الله» وتبرّئ ثلاثة لـ«عدم كفاية الأدلة»

القاضية جانيت نوسورثي والقاضي ديفيد ري والقاضية ميشيلين بريدي خلال تلاوة الحكم في قضية الحريري أمس (أ.ف.ب)
القاضية جانيت نوسورثي والقاضي ديفيد ري والقاضية ميشيلين بريدي خلال تلاوة الحكم في قضية الحريري أمس (أ.ف.ب)

أدانت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، في جلسة النطق بالحكم يوم أمس، سليم عياش، المتهم الرئيسي باغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، فيما أعلنت براءة المتهمين الآخرين الثلاثة، وهم حسن حبيب مرعي وأسد حسن صبرا وحسين حسن عنيسي «لعدم كفاية الأدلة»، بعدما كانت المحكمة قد توقفت عن تعقب المتهم الخامس مصطفى بدر الدين بعد إعلان «حزب الله» مقتله في سوريا عام 2016، وحددت المحكمة يوم 21 سبتمبر (أيلول) موعداً لإصدار العقوبة بحق عياش الذي حوكم غيابياً كبقية المتهمين الآخرين.
ورغم اعتراف رئيس الحكومة اللبناني السابق سعد الحريري، نجل رفيق الحريري، بأن «توقعات الجميع كانت أكبر مما صدر» في حكم المحكمة الخاصة بلبنان المنتظر منذ 15 عاماً لإدانة من قتل والده، إلا أنه أكد قبوله بالحكم الذي لم يدن إلا متهما واحدا من الأربعة، فيما برأ الثلاثة الآخرين.

وخرج الحريري من قاعة المحكمة بعد الانتهاء من تلاوة ملخص الحكم الصادر عن الغرفة الأولى، إلى الساحة الخارجية، حيث كان يتجمع الصحافيون، ليرمي الكرة في ملعب «حزب الله» ويدعو التنظيم إلى تسليم المتهم سليم عياش، المدان الوحيد باغتيال والده عام 2005، وقال الحريري الذي بدا مسالما ولكن بحزم إن «التضحية يجب أن تكون اليوم من (حزب الله) الذي أصبح واضحا أن شبكة القتلة خرجوا من صفوفه»، مضيفا أنه «لن يستكين قبل أن يسلموا للعدالة وينفذ فيهم القصاص».
وكانت المحكمة الخاصة بلبنان والتي تتخذ من لايدشندام الواقعة في ضواحي لاهاي مقرا لها، قد أصدرت حكمها أمس على المتهمين الأربعة في جريمة اغتيال الحريري بعد 11 عاما على بدء عملها في عام 2009 ووجدت المحكمة أن سليم عياش المتهم الرئيسي بعملية الاغتيال مذنب في كل الاتهامات الموجهة له والتي تتعلق بالتخطيط لتنفيذ عمل إرهابي وقتل رفيق الحريري و21 شخصاً آخرين، وأيضا محاولة قتل أكثر من 220 شخصا آخر أصيبوا خلال التفجير.
وبرأت المحكمة في حكمها الذي امتد على 2600 صفحة، المتهمين الثلاثة الآخرين حسين عنيسي وحسن مرعي وأسد صبرا المتهمين بالتواطؤ لتنفيذ الجريمة، وقالت في مقتطفات تليت في جلسة أمس، بأن قضاة غرفة البداية وجدوا أن الأدلة المقدمة من الادعاء لم تكن كافية لإثبات تورطهم في الجريمة.
واعتمد المدعي العام بشكل أساسي على بيانات هواتف خلوية من مكان الاغتيال وفي الأسابيع والأشهر التي سبقت الاغتيال ليبني قضية على أساس أن الحريري كان مراقبا لأشهر من عناصر في «حزب الله» وبأنهم نفذوا عملية الاغتيال في 14 فبراير (شباط) 2005.
وقبلت المحكمة بالدوافع التي حددها الادعاء والتي دفعت المتهمين، أو المتهم المدان في تنفيذ عملية الاغتيال، والتي تتعلق بدافع سياسي. وقال القاضي إنه «لا دوافع شخصية» في عملية الاغتيال تلك. ورغم أن قضاة الغرفة الأولى اعترفوا كذلك بأنه كانت هناك «دوافع لسوريا و(حزب الله) باغتيال الحريري»، إلا أنهم قالوا بأن «لا أدلة تثبت تورط قيادة (حزب الله) أو سوريا بعملية الاغتيال».
وأمضى قضاة الغرفة الأولى البالغة عددهم 3.5 منهم ثابتون و2 من المناوبين، عامين تقريبا في دراسة الأدلة التي قدمها الادعاء خلال المحاكمة التي تمت بشكل غيابي وانتهت في صيف العام 2018، وتضم غرفة الدرجة الأولى قاضيين دوليين وقاضية لبنانية وتوصلت لقرارها الذي أدان عياش وبرأ عنيسي وصبرا ومرعي بالإجماع.
وكانت المحكمة الخاصة بلبنان قد بدأت عملها عام 2009 بعد عامين على قرار مجلس الأمن تأسيسها تجاوبا مع طلب الحكومة اللبنانية. وأصدر المدعي العام قراره الاتهامي عام 2011 والذي ضم في الأساس القيادي في «حزب الله» مصطفى بدر الدين ولكنها أسقطت ملاحقته عام 2016 بعد أن أعلن «حزب الله» مقتله في سوريا أثناء قتاله إلى جانب قوات النظام السوري. وفي العام 2012 قررت المحكمة محاكمة المتهمين غيابيا بعد تعذر القبض على أي منهم وتواريهم عن الأنظار، وانطلقت المحاكمة بعد عامين من ذلك لتنتهي عام 2018، ولكن في حكم أمس، تلا القاضي أيضا التهم الموجهة لبدر الدين وقال بأن الأدلة لم تثبت بأنه كان «العقل المدبر» للعملية كما قال الادعاء. وبهذا، أسقطت المحكمة الخاصة بلبنان مذكرات التوقيف الدولية عن المتهمين الثلاثة الذين تمت تبرئتهم، فيما سترسل نسخة عن الحكم للسلطات القضائية اللبنانية بحق المتهمين الأربعة. وكانت السلطات اللبنانية القضائية ما زالت تقدم تقارير شهرية للمحكمة الخاصة في لبنان تتعلق بجهودها للعثور على المطلوبين. ورغم أن المدعي العام تحدث عن تورط أكثر من ثلاثين شخصا في اغتيال الحريري، إلا أنه لم يصدر إلا 5 مذكرات توقيف أسقطت واحدة منها كانت بحق بدر الدين بسبب مقتله.
ويمكن للمحامين الذين عينهم مكتب الدفاع أن يستأنفوا القرار الصادر لدى غرفة الاستئناف خلال شهر، وفي هذه الأثناء يدرس القضاء العقوبة التي سيتم إنزالها بعياش ويعلن عنها في جلسة خلال الأسابيع المقبلة. وتعتمد المحكمة بجزء منها على القانون اللبناني وهي ستطبق قانون العقوبات اللبناني من دون عقوبة الإعدام. ويمكن أن تصل عقوبة عياش للسجن مدى الحياة، ولكنها عقوبة مثل المحاكمة ستبقى غيابية طالما يبقى «حزب الله» متمسكا بقراره رفض تسليمه.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.