جدل متواصل حول سلامة الأغذية المعدّلة وراثياً

مخاوف من تسببها بالحساسية أو انتقال جيناتها إلى الإنسان

جدل متواصل حول سلامة الأغذية المعدّلة وراثياً
TT

جدل متواصل حول سلامة الأغذية المعدّلة وراثياً

جدل متواصل حول سلامة الأغذية المعدّلة وراثياً

الكائنات المعدّلة وراثياً هي النباتات والحيوانات أو الأحياء الدقيقة التي تمّ تعديل موادها الجينية بطريقة غير طبيعية

هندسة جينية
يهدف التعديل الوراثي، الذي يُعرف أيضاً بالهندسة الجينية للنباتات إلى تعزيز صمودها لجهة مقاومة الجفاف والأمراض، أو تحسين قيمتها الغذائية. كما تهدف هذه التعديلات إلى زيادة كمية المحصول وتخفيض الكلفة.
يسعى المزارعون دائماً إلى زراعة نباتات أفضل عبر اعتماد طرق تقليدية كالتلقيح الخلطي للنباتات للحصول على مجموعة الخصائص المبتغاة. ولكنّ هذه العملية قد تدخل عدداً من الجينات التي قد تحتوي على خصائص غير مرغوبة إلى النبتة.
تعزل الهندسة الجينية، جين الخاصية المرغوبة وتضيفه إلى نبتة مؤلّفة من خلية واحدة في المختبر، ومن ثمّ تدفع نحو تكوين نبتة جديدة من هذه الخلية. ويأمل الباحثون في أن ينجحوا من خلال إدخال جينة واحدة بتجنّب نقل الخصائص غير المرغوبة من جينات أخرى. وتؤكّد إدارة الغذاء والدواء الأميركية أنّ الأغذية المصنوعة من نباتات معدّلة وراثياً التي بيعت كمواد استهلاكية حتّى اليوم، آمنة كالأطعمة غير المعدّلة وراثياً.

تأثيرات صحية
ولكن توجد بعض الخلافات حول الأغذية المعدّلة وراثياً وتأثيرها على صحّة الناس:
• الحساسية: تنطوي عملية التعديل الوراثي على احتمال نقل جينة من نبتة مسبّبة للحساسية إلى نبتة غير مسبّبة للحساسية. وقد وضعت منظّمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، بروتوكولات لاختبار الأطعمة المعدّلة وراثياً. ولم يرصد العلماء حتّى اليوم أيّ تأثيرات مرتبطة بالحساسية في الأطعمة المعدّلة وراثياً المباعة في الأسواق.
• النقل الجيني: تعتبر نسبة انتقال الجينات من الأطعمة المعدّلة وراثياً إلى خلايا الجسم أو البكتيريا الموجودة في الجهاز الهضمي منخفضة. ولكن توجد مخاوف حول نقل جينات مقاومة لمضادات الالتهابات وتأثيرها على صحة البشر.
• التهجين: تُعرف عملية انتشار جينات التعديل الوراثي في النباتات العادية بالتهجين. ويثير إدخال الجينات إلى الأطعمة التي يتناولها البشر بعض المخاوف بسبب تأثيراته المحتملة على السلامة والأمن الغذائيين. لهذا السبب، عمدت بعض الدول إلى اعتماد استراتيجيات لفصل محاصيل النباتات المعدّلة جينياً عن المحاصيل الطبيعية.
طوّرت كلّ من منظمة الأغذية والزراعة ومنظّمة الصحة العالمية قواعد إرشادية للأطعمة المعدّلة وراثياً. ولا تعتبر هذه القواعد ملزمة، ولكنّها تدخل في اتفاق منظّمة التجارة العالمية بين الشركاء التجاريين لتوحيد تقييمات سلامة الأطعمة المعدّلة وراثياً المُتاجر بها بين الدول.
في الولايات المتحدة، تعمل إدارة الغذاء والدواء على وضع قوانين لسلامة الغذاء للبشر والحيوانات تشمل الأغذية المعدّلة وراثياً. تشجّع الإدارة مطوّري الأطعمة المعدّلة وراثياً على استشارة الوكالة قبل تسويق منتجاتهم. خلال عملية الاستشارة، يجري المطوّر تقييماً لسلامة منتجه ويقدّمه إلى إدارة الغذاء والدواء.
ولكنّ المجموعات المتخوّفة من التعديل الوراثي للأغذية تشكّك في موثوقية التقييمات فيما يتعلّق بالصحة البشرية والسلامة البيئية، لا سيّما تأثيرات هذه الأغذية على المدى الطويل. ودفعت هذه المخاوف بعض المجموعات المعنية إلى الدعوة إلى وضع ملصقات خاصة على الأطعمة المعدّلة وراثياً لمساعدة الزبائن في الحصول على المعلومات الكافية أثناء التبضّع.
- خدمات «تريبيون ميديا»



«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً