هيل: المساعدات للبنان مرتبطة بتشكيل حكومة حيادية

لوّح بعقوبات جديدة وأكد التطابق مع مبادرة ماكرون

رئيس الحكومة السابق سعد الحريري لدى استقباله هيل (الوكالة المركزية)
رئيس الحكومة السابق سعد الحريري لدى استقباله هيل (الوكالة المركزية)
TT

هيل: المساعدات للبنان مرتبطة بتشكيل حكومة حيادية

رئيس الحكومة السابق سعد الحريري لدى استقباله هيل (الوكالة المركزية)
رئيس الحكومة السابق سعد الحريري لدى استقباله هيل (الوكالة المركزية)

حذر وكيل وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد هيل من التداعيات السلبية المترتبة على التفريط بالاهتمام الدولي بلبنان الذي تجلى في تقديم مساعدات إنسانية فورية للذين تضرروا من النكبة التي حلت بلبنان من جراء الانفجار المدمر الذي أصاب بيروت، داعياً إلى الإفادة من الفرصة التي توافرت له وتوظيفها للنهوض من أزماته المالية والاقتصادية وهذا لن يتحقق - كما نقل عنه عدد من النواب الذين التقوه فور وصوله إلى بيروت - ما لم تشكل حكومة حيادية مستقلة من التكنوقراط.
وأكد الذين التقوه لـ«الشرق الأوسط» أن الكارثة التي ألحقها الانفجار في بيروت أعادت الاهتمام الدولي بلبنان، وقالوا إن المساعدات الاقتصادية والمالية مرتبطة بتشكيل حكومة حيادية - بحسب قوله - وإنما يجب أن لا تكون على شاكلة حكومة حسان دياب التي اضطرت للاستقالة من دون أن تخطو أي خطوة لفتح الباب أمام المفاوضات الجدية مع صندوق النقد الدولي للحصول على مساعدات لدعم خطة التعافي المالي. ولاحظ الذين التقوا هيل من نواب حاليين وسابقين وشخصيات سياسية، أن ما طرحه هيل يتطابق كلياً مع الأفكار التي طرحها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في خلال زيارته لبيروت، وقالوا إنه نُقل عن الأخير بأنه لم يطرح تشكيل حكومة وحدة وطنية وإنما طرح قيام حكومة حيادية مستقلة تستجيب لطروحات الشعب اللبناني في تحقيق الإصلاح والتغيير.
وأوضح هؤلاء أن هيل أبلغهم بأن ما قصده ماكرون بدعوته للتفاهم على عقد سياسي جديد، لا يتناول اتفاق الطائف أو تعديله، وإنما هناك ضرورة ملحة للتفاهم على جميع القضايا المطروحة لتسهيل الطريق أمام حكومة مستقلة لتلبية تطلعات الشعب اللبناني.
وأكدوا أنهم لم يلمسوا من خلال الحوار مع هيل، وجود أي تنافس مع المبادرة التي أطلقها ماكرون من بيروت، لا بل إنه شدد على التطابق، وصولاً إلى توفير كل الدعم لها. وكشفوا أنه شدد على ضرورة استكمال تطبيق اتفاق الطائف بإنشاء مجلس شيوخ وبوضع قانون انتخاب جديد وتحقيق اللامركزية الإدارية على أن يتلازم مع تنقية ما طُبق منه من الشوائب.
ولفت هؤلاء إلى أن هيل شدد على تجنب الخوض في مغامرة تعيد الوضع إلى المربع الأول، وذلك في حال أصر البعض على استنساخ الصيغ التي اتبعت في السابق لتشكيل الحكومات، ونقلوا عنه قوله إن إبقاء القديم على قدمه سيحرم لبنان الإفادة من الفرصة التي أُتيحت له من خلال عودة الاهتمام الدولي به، وهذا ما يسمح له أيضاً بإعادته إلى الخريطة الدولية بعد أن تراجع منسوب الاهتمام به.
ورأى هيل - بحسب هؤلاء - أن مجرد التفكير بتعويم الصيغ السابقة التي كانت معتمدة لتشكيل الحكومات سيدفع المجتمع الدولي إلى حجب المساعدات المالية والاقتصادية التي من دونها سيتدحرج نحو قعر الهاوية.
واعتبر أن هذه الصيغ لم تعد قابلة للحياة أو التسويق لدى الحراك الشعبي وهيئات المجتمع المدني، وأيضاً المجتمع الدولي الذي ينظر إليها من دون تردد على أن هذه الصيغ لم تعد ذات فعالية وأن وعودها فارغة من أي مضمون، مؤكداً أن على القوى السياسية أن توفر الدعم لتشكيل حكومة حيادية إفساحاً في المجال أمام منحها فرصة لإنقاذ البلد.
لكن هيل - كما يقول الذين التقوه - لم يسمح لنفسه بالتدخل في لعبة الأسماء أكانت تتعلق بالمرشحين لتولي رئاسة الحكومة أو بالشخصيات المرشحة لدخول الحكومة، وإن كان شدد على تحييد لبنان في موقف لافت لدعم ما طرحه البطريرك الماروني بشارة الراعي في هذا الشأن.
وفي المقابل، كشف هؤلاء أن هيل لمح إلى إمكانية فرض عقوبات على عدد من الشخصيات اللبنانية الحليفة لـ«حزب الله»، وقال إنها ما زالت مطروحة، لكنه لم يدخل في الأسماء لأنه ليس في وارد أن يستبق إمكانية صدور اللائحة عن السلطات الأميركية المعنية بها.
كما تطرق هيل إلى استعداد واشنطن لتجديد وساطتها بين بيروت وتل أبيب للوصول إلى تسوية تتعلق بترسيم الحدود البحرية بين البلدين على قاعدة التوصل إلى تفاهم لحل النقاط المختلف عليها، وهذا ما ناقشه في اجتماعه برئيس المجلس النيابي نبيه بري لاعتقاده بأنه يبدي انفتاحاً لحل هذه المشكلة، خصوصا أن رئيس الجمهورية ميشال عون كان طلب من الرئيس الأميركي دونالد ترمب التدخل في هذا المجال.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».