عودة التوتر إلى سرت تُربك مسار المفاوضات الدولية

مصادر عسكرية تعلن تصدي «الوطني الليبي» لـ«أهداف معادية»

إنقاذ 141 مهاجراً غير شرعي قبالة السواحل الليبية من طرف المنظمة الدولية للهجرة مساء أول من أمس (رويترز)
إنقاذ 141 مهاجراً غير شرعي قبالة السواحل الليبية من طرف المنظمة الدولية للهجرة مساء أول من أمس (رويترز)
TT

عودة التوتر إلى سرت تُربك مسار المفاوضات الدولية

إنقاذ 141 مهاجراً غير شرعي قبالة السواحل الليبية من طرف المنظمة الدولية للهجرة مساء أول من أمس (رويترز)
إنقاذ 141 مهاجراً غير شرعي قبالة السواحل الليبية من طرف المنظمة الدولية للهجرة مساء أول من أمس (رويترز)

عاد التوتر العسكري نسبياً إلى مدينة سرت الليبية، أمس، في وقت بدأ فيه نواب موالون لحكومة «الوفاق»، التي يترأسها فائز السراج في العاصمة طرابلس، مناقشة مبادرة سياسية جديدة لحل الأزمة الليبية، ترفض مشاركة المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، في أي تسوية محتملة.
وقال أسعد الشرتاع، المتحدث باسم مجلس المنشقين في طرابلس، الذي شكله أعضاء منشقون عن البرلمان الليبي غير المعترف به دوليا، في مؤتمر صحافي مساء أول من أمس، إن مشروع المبادرة يسعى إلى إنجاز مشروع مصالحة وطنية شاملة، شريطة «عدم الإفلات من العقاب على الجرائم التي ارتُكبت بحق الليبيين». وأوضح الناطق باسمه أن المبادرة تهدف لإنهاء الفترات الانتقالية، والدعوة لانتخابات رئاسية وبرلمانية، بالتنسيق مع بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا.
ميدانياً، التزم «الجيش الوطني» الصمت حيال إعلان مصادر عسكرية ومحلية أن قواته أحبطت محاولة تسلل جديدة لميليشيات «الوفاق»، المدعومة من تركيا في محيط مدينة سرت، بعدما قصفت مقاتلات الجيش رتلاً مسلحاً لعدد من «المرتزقة» والعناصر الإرهابية، التابعة لميليشيات حكومة السراج في منطقة وادي بي، غرب سرت.
ولم تعلن قوات «الوفاق» عن أي تحرك لها في هذه المنطقة، التي تعد نقطة استراتيجية نحو خط سرت والجفرة من الجهة الشمالية الغربية لدفاعات «الجيش الوطني». لكن وكالة «الأنباء الليبية»، الموالية لـ«الجيش الوطني»، نقلت عن مصدر عسكري قوله إن سلاح الجو التابع للجيش شن طلعات قتالية، استهدفت «أهدافا معادية» في منطقتي وادي بي، وبونجيم جنوب شرقي مدينة مصراتة، موضحا أن الغارة كانت في الطريق المؤدي إلى بلدة أبو نجيم في بلدية الجفرة، فيما قال سكان محليون إنهم سمعوا صوت انفجارات شديدة من جهة بلدة وادي بي.
وظهر اللواء علي القطعاني، آمر «اللواء 73 مشاة» بالجيش الوطني، وهو يقوم بما وصفه مكتبه بـ«جولة ميدانية تعبوية لوحدات اللواء في محيط سرت».
وفي تطور لافت للانتباه كلف إبراهيم بوشناف، وزير الداخلية بالحكومة المؤقتة، الموالية للجيش الوطني، والتي تدير شؤون المنطقة الشرقية والمناطق الخاضعة لسيطرة «الجيش الوطني» بما فيها مدينة سرت، الإدارة العامة للدعم المركزي بالتمركز في المدينة وتأمينها. وتزامن ذلك، مع إعلان عيسى العريبي، رئيس لجنة الطاقة والموارد الطبيعية بمجلس النواب الليبي، تأييده لمقترح رئيس المجلس المستشار عقيلة صالح للسفير الأميركي خلال اجتماعهما مؤخرا في القاهرة، بأن تكون سرت تحت حماية وزارة الداخلية، ممثلة في جميع مديريات الأمن من جميع أنحاء ليبيا.
في المقابل، قال عبد الباسط تيكة، آمر عمليات الدعم بقوة مكافحة الإرهاب، إن قوات «الوفاق» جاهزة للحرب بمحاور غرب سرت، بينما أعلن العميد عبد الهادي دراة، الناطق باسم غرفة عمليات تحرير سرت الجفرة التابعة لقوات حكومة «الوفاق»، عن تحليق طيران حربي في سماء جنوب منطقة بوقرين أمس؛ نافيا انسحاب «مرتزقة فاغنر» من مدينتي سرت والجفرة.
إلى ذلك، قدمت إيطاليا عبر جوزيبي بوتشينو، سفيرها لدى ليبيا، مقترحا لحكومة «الوفاق» بطرابلس بشأن تعديل مذكرة الهجرة بين البلدين. وتستهدف إيطاليا عبر تجديد الاتفاقية تحسين أوضاع المهاجرين على المديين القصير والمتوسط، من أجل التغلب تدريجياً على نظام المراكز، بالإضافة إلى تعزيز سيادة القانون وحماية حقوق الإنسان للمهاجرين، فضلاً عن مشاركة الأمم المتحدة في إدارة شؤون المهاجرين.
وقال محمد سيالة، وزير الخارجية بحكومة «الوفاق»، إنه ناقش مع السفير الإيطالي بطرابلس جوزيبي بوتشين، أول من أمس، ملف الهجرة غير النظامية، وإمكانية تفعيل المعاهدات الليبية - الإيطالية، المبرمة عام 2008 فيما يتعلق بإنشاء الطريق السريع الرابط بين رأس أجدير (غرباً) وأمساعد (شرقاً).
من جهة أخرى، أعلنت المنظمة الدولية للهجرة إنقاذ 141 مهاجرا غير شرعي قبالة السواحل الليبية، مساء أول من أمس. وأوضح مكتب المنظمة في ليبيا عبر بيان أن المهاجرين من جنسيات مختلفة، بينهم نساء وأطفال، تم إنقاذهم من قبل دوريات خفر السواحل، وإعادتهم إلى ليبيا عبر أربع عمليات إنقاذ منفصلة، قبالة ساحل بلدية قريبة من شرق العاصمة طرابلس، وقبالة ساحل مدينة زوارة، التي تبعد 120 كيلومترا غربها.
وأكدت المنظمة أن إجمالي من تم إنقاذهم منذ بداية العام الحالي، بلغ 6989 مهاجرا، مع تسجيل وفاة 123 مهاجرا قبالة السواحل الليبية، فيما اعتبر 180 مهاجرا في عداد المفقودين.
ومن بين 48 ألف لاجئ على الأراضي الليبية، لا يتجاوز عدد المهاجرين داخل مراكز الإيواء الحكومية ثلاثة آلاف شخص، بينما تحظى أعداد بسيطة من المهاجرين بفرصة لإعادة توطينهم في بلد ثالث بـ«صفة لاجئ»، إذ يتم إعادة معظمهم إلى بلدانهم الأصلية عن طريق المنظمة الدولية للهجرة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».