عندما نتحدث عن وصول الأطفال إلى عالم التقنية الرقمية، فإننا غالبا ما نركز على «وقت الشاشة»، أي الوقت المتاح لهم لاستخدام الكومبيوتر، لكن التعبير أصبح قديما ومتحجرا نوعا ما، لأن الإنترنت شرع يتهرب من هذه القيود. فاليوم يمكن ضبط مجسات الحرارة، وموازين الحمامات، والسيارات، وحتى مواقد الطبخ، وتحديثها، عن طريق تواصلها الحي مع الإنترنت. وغدا سيكون لألعابنا القوة ذاتها أيضا. ومثل هذا التواصل الرقمي قد يغير للأبد كيفية تفكيرنا في ما يخص اللعب واللهو.
ويقول فيكاس غوبتا أحد مؤسسي شركة «وندر وركشوب» والرئيس التنفيذي: «إننا راغبون في سحب أولادنا من الشاشة الثنائية الأبعاد، وجعل أياديهم تمتزج في تجارب طبيعية عن طريق تطبيق ما، بغية جلب شيء جديد إلى حياتهم». وهذه الشركة الناشئة تصنع «داش آند دوت» الروبوتين اللعبتين الذين يمكن برمجتهما، واللذين سيجري شحنهما إلى أولئك الداعمين الأولين لهما في موسم الأعياد المقبل.
* روبوتات ألعاب
* و«داش آند دوت» Dash and Dot يجري التحكم فيهما عبر تطبيق على جهاز جوال، ويمكن تعليمهما استيعاب الأحداث التي تجري يوميا والتي تحصل في العالم الفعلي والتفاعل معها، مثل عزف لحن حقيقي على آلة موسيقية مثلا، أو النباح ردا على تصفيق الطفل.
ويعتبر توجه «وندر وركشوب» طليعة اتجاه يهدد باكتساح الكثير من الشركات والأعمال التقليدية التي تتعاطى مع الإنتاج التجاري للألعاب. فالإنترنت شرع يتسلل إلى كل الأشياء التي يلعب بها الطفل، ابتداء من الكرة، إلى الألعاب المتنوعة، متعهدا بجعل الألعاب الطبيعية أكثر تسلية واستجابة للعواطف.
ولكون الألعاب الموصولة يمكنها اكتساب قدرات جديدة بمرور الزمن، فقد يتمكن الإنترنت من إنتاج حتى ألعاب أقل قابلية للتخلص منها وطرحها بعد الاستخدام. فحالما يضجر الطفل من اللعبة فقد يمكنها القيام بشيء مختلف.
ويقول بعض منتجي الألعاب، بما فيهم «غوبتا»، إن الألعاب الرقمية من شأنها أيضا تطوير التعليم والتثقيف بشكل ثوري. فهي تحت ستار اللعب واللهو يمكنها، مثل روبوت «داش»، تعليم الأطفال أسس برمجة الكومبيوتر. لكن الأهم فإن إنترنت الألعاب قد يفضي في نهاية المطاف إلى التخلص من سحر الشاشة وأسرها. فعندما تكون هنالك لعبة عامة، كالكرة المرشوشة بغبار رقمي ساحر كالجن، تصبح أشبه بلعبة فيديو، ولكن في عالم الواقع. لكن لكون هذه الآلات الطبيعية التي تتحرك في العالم الحقيقي أمام الطفل، فإن تأثيرها يكون إشد وقعا من لعبة تجري بالبيكسلات فقط على جهاز لوحي ثنائي الأبعاد.
وفي هذا الصدد، يقول ريتشارد غوتليب، كبير المديرين التنفيذيين في شركة «غلوبال توي إكسبرتس» الاستشارية: «أعتقد أن صلب صناعة الألعاب سيتحول من ألعاب محض طبيعية، إلى ما يسمى الألعاب الطبيعية الرقمية». وهذا التلاقي والتقارب بين الطبيعي والرقمي الذي يصفه غوتليب، هو قوة كبيرة، وبات يشعر بها قطاع واسع من الصانعين.
وكنت ألعب مع ابني (4 سنوات)، وابنتي (11.5 سنة)، بألعاب حديثة مثل هذه متصلة بالإنترنت، مثل الروبوتين «داش آند دوت» اللذين يباعان بسعر 228 دولارا، أو بـ169 دولارا لروبوت «داش» الكبير، ومثل «أنكي درايف» Anki Drive اللعبة الروبوتية التي هي عبارة عن حلبة لسباق السيارات بذكاء صناعي، التي تكلف الرزمة الابتدائية منها 149.99 دولار، و«سفيرو 2.0» Sphero 2.0، و«أولي Ollie» التي هي كرة، وربوت متدحرج، بتحكم من تطبيق يباع بـ99 دولارا لكل منهما. وقد وجدت أن هذه الألعاب تستحوذ على المرء تماما. والذي لاحظته أولا هنا، أنه لكون هذه الألعاب تعمل بالبرمجيات، فهي قادرة على أن تقدم خبرات مختلفة لكل الأعمار. ومثال على ذلك، يأتي روبوت «داش» بـ4 تطبيقات مختلفة، كل واحد منها، يستهدف سنا مختلفة. وتعمل التطبيقات البسيطة كأدوات تحكّم عن بعد، متيحة لأي طفل يمكنه الرسم على الشاشة تحريك «داش» عبر ممر، أو إصدار أمر للروبوت لأن يغير ألوانه، أو أن يصدر أصواتا للحيوانات.
* تطبيقات وبرمجيات
* أما التطبيقات الأكثر تطورا، فتقدم قدرات قريبة من لغة البرمجة العاملة، إذ سيتمكن الأطفال الأكبر سنا، من جعل الروبوت يفسر بيانات المستشعر وهو يجتاز الغرفة، وليقوم بأعمال مختلفة تعتمد على تلك البيانات.
وقد لا يبدو ذلك مسليا كثيرا، لكن «داش» يقوم بتزيين قدراته وتجميلها بشكل مسل. وعندما قام طفلاي بقضاء وقت في اللهو بالتطبيق الموسيقي للروبوت، دفعت النوتات الموسيقية على الشاشة بالروبوت ليعزف لحنا حقيقيا على آلته الموسيقية «إكسيليفون»، وكان واضحا لهم تماما أنه لعبة، وليس مجرد وسيلة تعليمية.
وابني كان مأسورا تماما بلعبة سيارة السباق «أنكي درايف» التي تستخدم برنامجا يعطي لكل سيارة في حلبة السباق شخصية مختلفة مميزة، مع مجموعة من القدرات أشبه بالشخصيات التي تراها في ألعاب الفيديو على الشاشة. فهنالك السيارة الشريرة، والسيارة الحكيمة، وأخرى مجهزة بأسلحة خاصة، وهكذا دواليك. «فهنا توجد تلك الهوة بين اللعب وألعاب الفيديو، حيث هنالك عمق الشخصية والتفاعل في الجانب الافتراضي الذي لم يكن ممكنا في الألعاب الطبيعية»، كما يقول بوريس سوفمان أحد مؤسسي «أنكي» ورئيسها التنفيذي.
وإحدى الوسائل التي قام بها صانعو اللعب في مكافحة قوة ألعاب الفيديو وتأثيراتها، هو عن طريق الترخيص والترويج التجاري. فقد صنعوا لعبا على صورة شخصيات تلفزيونية وسينمائية لإضفاء بعض الشخصية على الأشكال الساكنة. لكن سوفمان يقول إن التطبيقات أتاحت لصانعي اللعب إنتاج لعب طبيعية ذات شخصيات خاصة بها، وليست بالضرورة مقتبسة من الوسائط الأخرى. ويضيف: «يمكن التفكير في هذا الأمر على أنه لعبة ثلاثية الأبعاد، فهنالك تلك المساحة الخالية التي يمكن أن تشيد فيها ما تشاء، لأنك تملك البرنامج الذي يتحكم في ذلك».
* خدمة «نيويورك تايمز»