توتر حول سرت... وحفتر بصدد زيارة الجفرة

نائب السراج يعمّق الخلافات المتصاعدة داخل حكومة «الوفاق»

جانب من عمليات نزع الألغام في العاصمة الليبية طرابلس (أ.ف.ب)
جانب من عمليات نزع الألغام في العاصمة الليبية طرابلس (أ.ف.ب)
TT

توتر حول سرت... وحفتر بصدد زيارة الجفرة

جانب من عمليات نزع الألغام في العاصمة الليبية طرابلس (أ.ف.ب)
جانب من عمليات نزع الألغام في العاصمة الليبية طرابلس (أ.ف.ب)

استمر التوتر العسكري، أمس، حول مدينة سرت الليبية، حيث أنهت قوات الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، مناورات وتدريبات عسكرية بالذخيرة الحية على تخوم المدينة، بينما قالت مصادر بالجيش الوطني، طلبت عدم تعريفها، إن «المشير حفتر يستعد للقيام بزيارة وشيكة إلى مدينة الجفرة».
ورغم نفيها «وجود أي مؤشرات على اعتزام قوات الجيش الانسحاب من سرت والجفرة»، فإنها ألمحت إلى «وجود مخاوف من صدور قرار لاحق بهذا الخصوص، دون أن تكشف مزيداً من التفاصيل».
وبدورها، نشرت عملية «بركان الغضب»، التي تشنها قوات «الوفاق»، بقيادة فائز السراج، صوراً قالت إنها «تظهر رتلاً مكوناً من 70 آلية مسلحة، وشاحنات ذخيرة لمرتزقة موالين للجيش، خلال مروره بمنطقة البريقة إلى الغرب باتجاه سرت»، فيما قال المسؤول الإعلامي لغرفة عمليات سرت والجفرة، التابعة لحكومة الوفاق، إن قواتها ما زالت ترصد تحشيدات عسكرية في غرب سرت وشمال الجفرة، مبرزاً أنها «ما زالت في انتظار التعليمات، وجاهزة للرد على أي تحرك في اتجاهها»، مشيراً إلى أن قوات الوفاق تواصل دوريات حفظ الأمن بجنوب الوشكة لملاحقة من وصفها بالعصابات الإجرامية.
إلى ذلك، عمق أحمد معيتيق، نائب السراج، من هوة الخلافات المتصاعدة وتيرتها داخل حكومة الوفاق، بعدما أكد لدى لقائه، مساء أول من أمس، العميد الفيتوري غريبيل، آمر القوة الأمنية المشتركة، أهمية الدور الذي ستقوم به القوة لحفظ الأمن والاستقرار في المواقع الحيوية.
وقال بيان لمعيتيق إن الفيتوري أطلعه على احتياجات القوة التي ستؤهلها لأداء المهام الموكلة لها في تأمين محطات الكهرباء، بهدف منع تعرضها للتخريب، وغيرها من المواقع الحيوية، وآليات التنسيق بين الأجهزة الأمنية للعمل وفق المهام المكلفين بها.
وجاء الاجتماع بعد انتقاد اللواء أسامة جويلي، آمر غرفة العمليات المشتركة بالمنطقة الغربية أحد أبرز القادة العسكريين بقوات الوفاق، للبيان الذي أصدرته القوة المشتركة، حيث عد جويلي أنه ليس من شأن القوة المشتركة بأي حال من الأحوال التدخل فيما يحدث من اختلاف في وجهات النظر بين القيادات السياسية، مبرزاً أن مهام القوة «واضحة محددة في قرار تشكيلها».
وفي إطار المساعي الخجولة الرامية إلى الحد من نفوذ الميليشيات المسلحة في العاصمة طرابلس، قالت وسائل إعلام محلية موالية لحكومة الوفاق إن «كتيبة ثوار طرابلس»، إحدى أبرز الميليشيات المسلحة في المدينة، الموالية للحكومة، قامت أمس بتسليم مقر إدارة التوجيه المعنوي بالفرناج إلى اللجنة المكلفة بحكومة الوفاق.
وميدانياً، اندلعت في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس اشتباكات، للمرة الرابعة على التوالي خلال أسبوع واحد، بين الميليشيات المسلحة الموالية لحكومة الوفاق داخل مدينة ترهونة، ما أدى إلى مقتل شخص، وإصابة 9 أشخاص. والتزمت حكومة الوفاق التي تسيطر قواتها حالياً على المدينة الصمت، بينما رفضت مديرية الأمن التعليق.
وفي غضون ذلك، برزت خلافات جوهرية على السطح، أمس، بين المشير خليفة حفتر والمستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي الذي يزور مصر حالياً. وتحدثت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، طلبت عدم تعريفها، عن «اعتراض حفتر على المطالب الأميركية بسحب قوات الجيش من مدينتي سرت والجفرة، وإخلاء منطقة الهلال النفطي، من دون الحصول على ضمانات دولية»، مشيرة إلى أن «صالح يواجه ما وصفته بضغوط أميركية لإخراج حفتر من المشهد السياسي». وقالت المصادر إن المفاوضات الدولية والإقليمية التي يجريها صالح بهذا الخصوص «لا تحظى برضا حفتر»، لافتة إلى أن «الطرفين لم يجتمعا قبل وصول صالح في زيارة عمل رسمية إلى مصر».
وأكد صالح، لدى اجتماعه أمس في القاهرة مع السفير الأميركي لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، أهمية «التوزيع العادل للثروة»، في إشارة إلى استمرار الجدل حول مطالبة الجيش الوطني بضمانات دولية لتوزيع عائدات النفط بشكل عادل، وعدم تسربها إلى الميليشيات الموالية لحكومة «الوفاق»، أو المرتزقة الذين جلبتهم تركيا من سوريا للقتال إلى جانب الحكومة.
وناقش صالح مع السفير الأميركي تفاصيل مبادرته للحل في ليبيا، والخطوات الفعلية المتخذة للمضي قدماً في العمل بمبادرة صالح التي توجت بإعلان القاهرة، وفقاً لمخرجات مؤتمر برلين، بالإضافة إلى نزع المظاهر المسلحة في سرت والجفر، في إشارة إضافية إلى احتمال انسحاب قوات الجيش الوطني من المدينتين. كما نقل عن السفير الأميركي تأكيده «ضرورة الحل السلمي في ليبيا، وموقف أميركا من ضرورة وقف القتال في ليبيا، وأنه لا وجود لحل عسكري للأزمة»، مشيرا إلى أنه تم الاتفاق على «استمرار وقف إطلاق النار، والإبقاء على مدينتي سرت والجفرة منزوعتي السلاح لحين استئناف الحوار السياسي، والعودة إلى طاولة الحوار».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.