تركيا تتحدى التحذيرات الدولية وتواصل انتهاك حظر السلاح إلى ليبيا

موقع عسكري يكشف عن «جسر جوي جديد» إلى الوطية

TT

تركيا تتحدى التحذيرات الدولية وتواصل انتهاك حظر السلاح إلى ليبيا

على الرغم من التحذيرات الدولية من خرق حظر السلاح المفروض على ليبيا، تواصل تركيا إرسال الأسلحة والمرتزقة إلى ليبيا، دعماً لحكومة الوفاق الوطني الليبي، التي يرأسها فائز السراج.
فبحسب موقع الرصد العسكري الإيطالي «إيتميل رادار»، المتخصص في متابعة حركة الملاحة الجوية العسكرية وأعمال التجسس والاستطلاع، هبطت طائرة شحن تابعة للقوات الجوية التركية من طراز «لوكهيد سي - 130. بي» بقاعدة الوطية الجوية، ثم غادرت متجهة إلى تركيا.
وقال الموقع إن الطائرة غادرت صباح أول من أمس، عائدة إلى تركيا، بينما ذكرت تقارير أن الشحنة الجديدة تضمنت 4 طائرات مسيرة حديثة، وأسلحة متوسطة وخفيفة متطورة، منها بنادق «إم 4»، لافتاً في خبر تحت عنوان «الجسر الجوي بين تركيا وليبيا مستمر»، إلى أنه «من المثير للاهتمام أن نلاحظ أنه في الأسابيع الأخيرة، يتم توجيه الرحلات الجوية للطائرات العسكرية التركية دائماً إلى قاعدة الوطية الجوية، وليس إلى طرابلس أو مصراتة، كما حدث خلال الأسابيع الأولى من الجسر الجوي التركي».
في الوقت ذاته، كشفت تقارير تركية أن تركيا أعادت ترميم وتطوير قاعدة الوطية العسكرية غرب ليبيا، وذلك بعد شهر على تدميرها في ضربة لـ«طائرات مجهولة»، وجهزتها لاستقبال طائرات «إف 16»، استعداداً لشن هجمات وقصف جوي على تمركزات قوات الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، في سرت والجفرة. بينما نشر الجيش الوطني منظومة «إس 300» الروسية لإحباط أي هجمات للمقاتلات التركية.
ولم يتم، حتى الآن، الكشف عن منفذ القصف الجوي لقاعدة الوطية، الذي جاء بعد إعلان تركيا تزويد القاعدة العسكرية بمنظومات دفاع جوي صاروخية.
وبحسب التقارير ذاتها، فقد أرسلت تركيا منظومة الحرب الإلكترونية «كورال» إلى ليبيا، بالإضافة إلى منظومات دفاع جوي جديدة لم يتم الكشف عن نوعها حتى الآن إلى قاعدة الوطية. فيما تواصل إرسال أسلحة إلى حكومة الوفاق، بينما تتهم دولاً أخرى بينها روسيا والإمارات بإرسال الأسلحة إلى الجيش الوطني الليبي بقيادة الجنرال خليفة حفتر.
ويوم الخميس الماضي، هاجم وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، خلال زيارة إلى طرابلس عملية «إيريني» الأوروبية لمراقبة حظر دخول السلاح إلى ليبيا، ووصفها بـ«المتطرفة»، مشيراً إلى أن فرنسا تتغاضى عن وصول أسلحة إلى حفتر، ولمح إلى أن ألمانيا قد تفقد حيادها بعد مشاركتها في عملية «إيريني».
وقال جاويش أوغلو إن حالة من الهدوء الحذر تخيم على الساحة في ليبيا، غير أن الأزمة لم يتم حلها بعد، بل إن الوضع بات معقداً جداً، مشيراً إلى أن هناك عرضاً بتسليم سرت والجفرة لحكومة الوفاق، لم يكشف عن فحواه، وأن المفاوضات مع روسيا لا تزال مستمرة.
وكان الرئيس المصري عبد القتاح السيسي قد حذر في وقت سابق من تجاوز محور سرت - الجفرة، الذي حدده كخط أحمر لمصر في ليبيا، ومنحه البرلمان المصري صلاحية إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا لحماية أمن مصر القومي وحدودها الغربية، كما طالب البرلمان الليبي الشرعي، مصر، رسمياً، بالتدخل حال استشعار وجود خطر على أمنها القومي وأمن الشعب الليبي.
وتثير التدخلات التركية وعمليات نقل المرتزقة السوريين والأسلحة إلى ليبيا قلق المجتمع الدولي. وفي هذا السياق، كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، أن تركيا تكثف عمليات تجنيد المرتزقة في المناطق، التي تسيطر عليها الفصائل السورية المسلحة الموالية لها في محافظتي حلب وإدلب، لإرسالهم للقتال إلى جانب حكومة الوفاق في ليبيا.
وقال المرصد إنه «رغم أعداد المقاتلين الهائلة في ليبيا، فإن عمليات التجنيد تتم بإقناع سماسرة لرجال وشباب من المخيمات ومقاتلين، بالذهاب إلى ليبيا للقتال، تحت العباءة التركية، مقابل الحصول على مبالغ مادية ضخمة، على أن يأخذ السمسار مقابل ذلك مبلغاً مادياً لمرة واحدة عن كل فرد يتراوح بين 100 و300 دولار». وكان المرصد قد كشف مؤخراً عن وصول دفعات جديدة من فصائل «السلطان مراد» و«فرقة الحمزة» و«السلطان سليمان شاه»، وهي أبرز الفصائل الموالية بشدة لتركيا في سوريا، إلى الأراضي الليبية، وذلك في إطار استمرار عملية نقل المرتزقة التي تقوم بها الحكومة التركية إلى ليبيا.
وأحصى المرصد أعداد المرتزقة الذين أرسلوا إلى ليبيا، حتى الآن، بـ17300 مرتزق من الجنسية السورية، من بينهم 350 صبياً دون سن 18 عاماً، وعاد من مرتزقة الفصائل الموالية لتركيا نحو 6000 إلى سوريا، بعد انتهاء عقودهم والحصول على مستحقاتهم المالية، في حين تواصل تركيا جلب مزيد من عناصر الفصائل المرتزقة إلى معسكراتها وتدريبهم، وقد وصل عدد المرتزقة الموجودين في ليبيا حالياً، ممن أرسلتهم تركيا، إلى 10 آلاف، بينهم 2500 من حملة الجنسية التونسية.
كما وثق المرصد مزيداً من القتلى في صفوف مرتزقة الحكومة التركية، لتبلغ حصيلتهم في صفوف الفصائل الموالية لتركيا جراء العمليات العسكرية في ليبيا، 481 مرتزقاً، بينهم 34 دون سن 18 عاماً، وقادة مجموعات من تلك الفصائل.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».