الدعوات تتسع في لبنان للمطالبة بتحقيق دولي في الانفجار

TT

الدعوات تتسع في لبنان للمطالبة بتحقيق دولي في الانفجار

تتوالى المطالبات اللبنانية بإجراء تحقيق دولي في انفجار مرفأ بيروت لعدم الثقة في التحقيقات اللبنانية، وهو ما دعا إليه يوم أمس مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط، ورئيس «حزب القوات اللبنانية» سمير جعجع، بعدما كان أطلق الدعوة نفسها يوم أول من أمس رؤساء الحكومة السابقون، كما دعت أيضاً منظمة العفو الدولية إلى إنشاء آلية دولية للتحقيق في الكيفية التي حدث بها الانفجار.
ورغم إعلان الحكومة عن تشكيل لجنة تحقيق لبنانية، ارتفعت الأصوات المطالبة بتحقيق دولي. وكان أول من دعا إليه رؤساء الحكومة السابقون، سعد الحريري، وفؤاد السنيورة، ونجيب ميقاتي، وتمام سلام، يوم أول من أمس، ليعود أمس ويطلق الدعوة نفسها جنبلاط، والمفتي دريان.
وقال دريان، خلال تفقده الأضرار في وسط العاصمة: «بيروت أصبحت عاصمة منكوبة وجريحة، وهي تنزف، وعلى جميع اللبنانيين أن يتكاتفوا لمواجهة تداعيات هذه الكارثة الكبيرة».
وناشد دريان الدول الصديقة «ألا يتركوا لبنان»، مشدداً على «وقوف الأشقاء والأصدقاء مع لبنان ومع الشعب اللبناني كله»، ومطالباً بـ«تحقيق دولي لتحديد المسؤوليات من أجل الشفافية»، ومؤكداً: «لفلفة الأمر مرفوض من قبل اللبنانيين، ولا نؤمن من قريب ولا من بعيد بلجنة تحقيق محلية، ولا ثقة أصلاً بالحكومة».
في الوقت عينه، قال جنبلاط إن «اللقاء الديمقراطي» قرر البقاء في المجلس النيابي، لأن مجرد استقالتنا سيفتح مجالاً لمحور «التيار الوطني الحر - حزب الله» للسيطرة على كل مجلس النواب، مشدداً على أنه «لا بد من السيطرة الفعلية على المرافق والمعابر، ونحن بحاجة لحكومة حيادية، لا معادية، لنخرج لبنان من سياسة المحاور».
كذلك، قال رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع: «انطلاقاً من فقداننا الكامل للثقة بالمجموعة الحاكمة وعلمنا الأكيد بأنها تتدخل بالقضاء ولأن السلطة السياسية في لبنان بالإضافة إلى الإدارات القضائية والعسكرية والأمنية والإدارية جميعها في موضع الاتهام، وانطلاقاً من فداحة الكارثة التي وقعت، نطالب بلجنة تقصي حقائق دولية توفدها منظمة الأمم المتحدة في أقرب وقت ممكن، سنداً لميثاق الأمم المتحدة، وإنشاء صندوق دولي لإغاثة المنطقة المنكوبة والقطاعات الإنتاجية المتضررة في لبنان، تحت إشراف الأمم المتحدة مباشرة، لأنه لا ثقة لدينا بالسلطات القائمة في الوقت الحاضر في لبنان».
ويجمع كل من الوزير السابق ونقيب محامي الشمال السابق رشيد درباس، ورئيس مؤسسة «جوستيسيا» الدكتور بول مرقص، على أن التجارب اللبنانية السابقة هي التي جعلت اللبنانيين يفقدون الثقة في إمكانية التوصل إلى الحقائق.
ويقول درباس لـ«الشرق الأوسط»: «إن الانفجار الناتج عن مواد متفجرة وما أحدثه من كارثة في لبنان، بحاجة على الأقل في المرحلة الأولى إلى خبرات فنية عالية وآليات للفحص وخبرات دولية قد لا يملكها لبنان للتدقيق في الأمور الفنية وتحديد أسباب الانفجار»، معتبراً أن هذا الأمر إذا حصل من شأنه أن يشكل قاعدة أساسية لتحقيق القضاء اللبناني.
بدوره، تحدث رئيس منظمة جوستيسيا الدكتور بول مرقص عن الخطوات القانونية للتحقيق في الانفجار، مميزاً بين ما يمكن أن يكون تحقيقاً وطنياً وتحقيقاً دولياً. ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «كان يفترض على القضاء اللبناني العادي أن يتحرك فوراً ويعلن ذلك ويطلب مثول المسؤولين الحكوميين والإداريين والأمنيين أمامه وهو ما لم يظهر أنه حصل»، منتقداً في الوقت عينه تشكيل لجنة حكومية وهي ليست قضائية للتحقيق في الانفجار، ومؤكداً أنه على البرلمان اللبناني أن يجتمع لتكليف لجنة تحقيق برلمانية، ولافتاً إلى أن قرار وضع مسؤولين في المرفأ في الإقامة الجبرية، كان يفترض أن يصدر من قبل الجيش اللبناني بعد إعلان حالة الطوارئ ولا يعود للحكومة.
وبين التحقيق المحلي والدولي، يحبذ مرقص اللجوء إلى تطعيم لجنة التحقيق بخبراء دوليين، وهو ما اقترحته نقابة المحامين عندما أخذت صفة الادعاء الشخصي، وهو ما من شأنه أن يمنح بعض المصداقية للتحقيق لأنه لطالما كان التحقيق الوطني فاقداً للمصداقية مع التدخلات السياسية، وخير دليل على ذلك اغتيالات عدة وقعت في سنوات سابقة ولم يصل التحقيق فيها إلى نتيجة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».