إعدام الجنرال التركي الذي اكتشف تمويل قطر للمتطرفين وتهريب «داعش» للنفط

عناصر من تنظيم «داعش»
عناصر من تنظيم «داعش»
TT

إعدام الجنرال التركي الذي اكتشف تمويل قطر للمتطرفين وتهريب «داعش» للنفط

عناصر من تنظيم «داعش»
عناصر من تنظيم «داعش»

أفاد تقرير صحافي بأن ضابطاً كبيراً اكتشف تحويل التمويل القطري غير المشروع للمتطرفين في سوريا عبر تركيا، تم إعدامه بناء على أوامر من فريق (ضابط) تحول إلى مستغل للحروب تبيّن أنه يعمل مع الاستخبارات التركية لتعميق الصراع في سوريا.
وجاء هذا الكشف الصادم من قبل العقيد فرات ألاكوش، الذي عمل بقسم الاستخبارات في قيادة القوات الخاصة، في جلسة محاكمة، حصل موقع «نورديك مونيتور» على وثائقها. وكشف ألاكوش في شهادته أمام المحكمة الجنائية العليا بالعاصمة التركية في 20 مارس (آذار) 2019، أن الفريق زكاي أكسكالي، رئيس قيادة القوات الخاصة آنذاك قد أمر باغتيال العميد سميح ترزي، لأن ترزي اكتشف أن أكسكالي كان يعمل سراً مع جهاز الاستخبارات الوطنية في إدارة العمليات السرية غير المشروعة في سوريا، بهدف تحقيق مكاسب شخصية وجر تركيا بشكل أعمق في الحرب الأهلية السورية.
وقال ألاكوش: «كان (ترزي) يعرف مقدار التمويل مما تم تسليمه (إلى تركيا) من قبل قطر بغرض شراء أسلحة وذخيرة للمعارضة الذي تم استخدامه في الواقع لهذا الغرض، ومقدار التمويل الذي استخدمه المسؤولون الحكوميون بالفعل، ومقدار ما تم اختلاسه»، مشيراً إلى أن الحالة القطرية ليست سوى مثال واحد على كيفية إساءة توجيه الأموال، وأن هنالك دولاً أخرى اختُلست أموالها أيضاً بعد تحويلها إلى تركيا.
وأضاف أن ترزي كان يعلم بشأن كل العمليات القذرة للاستخبارات التركية وعن عصابة داخل الجيش قادها أكسكالي بعيداً عن التسلسل القيادي، كانت تفتقر إلى تفويض كبار الضباط بهيئة الأركان العامة. وأكد أن هذه كانت الخلفية والسبب الفعلي وراء توجيه أكسكالي أوامر متعددة لإعدام ترزي، الذي تم استدعاؤه إلى أنقرة من مقاطعة حدودية بحجة توفير الأمن في المقر ضد تهديد إرهابي في العاصمة التركية.
كما قام ألاكوش، الذي كان في منصب يتيح له معرفة المعاملات السرية كرئيس لوحدة الاستخبارات في قيادة القوات الخاصة، بتقديم ادعاءات أخرى. حيث قال العقيد: «كان (ترزي) على علم بهوية الشخصيات الحكومية المتورطة في عمليات تهريب النفط من سوريا، وكيف تم تقاسم الأرباح وما الأنشطة التي قاموا بها»، مضيفاً أن العميد ترزي كان على علم أيضاً بأنشطة بعض المسؤولين الحكوميين الذين جلبوا كبار قادة الجماعات المتطرفة والجهادية المسلحة لتلقي العلاج في تركيا تحت ستار قوات «الجيش السوري الحر» ومقدار الأموال التي تلقوها رشاوى مقابل الخدمات المقدمة، ما يعد خرقاً للقانون التركي.
ووفق التقرير، فقد كان ألاكوش ضابطاً مخضرماً عمل رئيساً لمكتب الاستخبارات بقيادة القوات الخاصة بين عامي 2014 و2016. كما كان مكلفاً بالعمل في فريق تم تشكيله لمكافحة تنظيم «داعش» في العراق منذ ديسمبر (كانون الأول) عام 2015، وخدم هناك لستة أشهر. وفي 8 يونيو (حزيران)، تم تعيينه قائداً للوحدة الثالثة ضمن لواء القوات الخاصة الثاني في أنقرة. وكان من بين مسؤولياته حماية كبار الضباط وتنظيم استجابة سريعة للتهديدات الإرهابية المباشرة والناشئة ونشر القناصين والقوات في المهام الخاصة.
وطبقاً لشهادة ألاكوش، كلفت الهيئة العامة للأركان ترزي بالعمل على الملف السوري، وكان يعلم جميع تفاصيل العمليات التي تجريها الحكومة التركية عبر الحدود. كما كان مسؤولاً عن قاعدة عسكرية تسمى رمزياً ÖKİ-2 تقع في مقاطعة كيليس الحدودية جنوب شرقي تركيا.
وتابع ألاكوش خلال جلسة محاكمة: «حضرة القاضي، لقد جرى استهداف سميح ترزي بسبب معرفته العميقة بالشؤون المتعلقة بسوريا. ما هذه المعلومات؟ إذا أردت، يمكنني الاستطراد فيها، التي تعد بعضها حساسة». ومضى بقول إن ترزي كان يعلم كمية الأسلحة والذخيرة المقدمة لعدة جماعات إرهابية في سوريا تحت ذريعة تقديم الدعم للجيش السوري الحر. وصرّح بقوله: «كان (ترزي) على علم بهوية المسؤولين الحكوميين الذين كانوا يساعدون في تهريب الأسلحة إلى سوريا والغرض من أجل ذلك».
وقال ألاكوش في شهادته: «(مقتل ترزي) كان له علاقة بفخّ ابتدعه زكاي أكسكالي، الذي لم يُرد أن تخرج مثل هذه الحقائق في العلن».
ووفقاً لألاكوش، كان ترزي أيضاً يعلم الكثير ممّا يجري في العراق. وقال إن العميد كان على علم وثيق بمفاوضات الرهائن مع «داعش» التي أجراها جهاز الاستخبارات الوطنية من أجل الإفراج عن الرهائن الأتراك الذين جرى احتجازهم عندما اقتحمت «داعش» القنصلية التركية في الموصل. وقال إن بعض الأموال التي منحتها تركيا لـ«داعش» قد أخذها في الواقع مسؤول تركي استخدم الأموال المختلسة لشراء ما يقرب من عشرين شقة في أنقرة. إلا أنه لم يذكر اسم المسؤول في شهادته.
وأوضح ألاكوش أن «سميح ترزي كان يعرف جيداً كيف تم تحويل مسار النفط المأخوذ من داعش (في سوريا)، (إلى تركيا) من خلال حكومة إقليم كردستان العراقية بمساعدة سياسي محلي بارز (في كردستان)، وبالتعاون مع مسؤولين حكوميين (أتراك) وباستخدام قدرات وكالة حكومية (تركية) ومقدار العمولة التي أخِذَت»، حسب قوله. وأضاف ألاكوش: «لهذا السبب كان هو الهدف، يا حضرة القاضي».
وخلال محاولة انقلاب جرت في 15 يوليو (تموز) 2016، تلقى ترزي دعوة إلى أنقرة من قبل أكسكالي على الرغم من حظر الطيران الذي فرضته عليه هيئة الأركان العامة، وسُمح لرحلة ترزي بالإقلاع من مدينة سيلوبي بإذن خاص. وفي غضون ذلك، أمر أكسكالي ضابطَ صف اسمه عمر خالص دمير، وهو أحد مساعدي الفريق أكسكالي، بقتل ترزي لدى وصوله إلى مقر قيادة القوات الخاصة. فأطلق خالص دمير النار على ترزي وأصابه بجروح بينما كان على وشك الدخول إلى المقر. ثم أُخِذ ترزي إلى أكاديمية جولهان الطبية العسكرية ولكنه قضى نحبه متأثراً بجروح الرصاص.
وفي 20 يونيو (حزيران) 2019، أدين ألاكوش وحُكم عليه بالسجن المشدد مدى الحياة على خلفية اتهامات بالتآمر للانقلاب استناداً إلى أدلة مشكوك فيها. أما أكسكالي الذي أصدر أمراً مباشراً إلى ألاكوش بالذهاب إلى هيئة الأركان العامة، فلم يُذكر اسمه كمشتبه به في القضية، وذلك لأنه لعب دوراً في تنفيذ محاولة الانقلاب الزائفة بالتعاون مع وكالة الاستخبارات التركية. وكوفئ لاحقاً بترقيته إلى رتبة فريق في عام 2016. وكان قائد إحدى العمليات العسكرية التركية في سوريا في شهر أغسطس (آب) من عام 2016. كما تم تعيينه قائداً لفيلق الجيش الثاني، ثم تقاعد في يوليو 2020.


مقالات ذات صلة

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

الولايات المتحدة​ أحمد الشرع مجتمعاً مع رئيس حكومة تسيير الأعمال محمد الجلالي في أقصى اليسار ومحمد البشير المرشح لرئاسة «الانتقالية» في أقصى اليمين (تلغرام)

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

وجهت الإدارة الأميركية رسائل سريّة الى المعارضة السورية، وسط تلميحات من واشنطن بأنها يمكن أن تعترف بحكومة سورية جديدة تنبذ الإرهاب وتحمي حقوق الأقليات والنساء.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي مواطنون من عفرين نزحوا مرة أخرى من قرى تل رفعت ومخيمات الشهباء إلى مراكز إيواء في بلدة الطبقة التابعة لمحافظة الرقة (الشرق الأوسط)

ممثلة «مسد» في واشنطن: «هيئة تحرير الشام» «مختلفة» ولا تخضع لإملاءات تركيا

تقول سنام محمد، ممثلة مكتب مجلس سوريا الديمقراطي في واشنطن، بصفتنا أكراداً كنا أساسيين في سقوط نظام الأسد، لكن مرحلة ما بعد الأسد تطرح أسئلة.

إيلي يوسف (واشنطن)
المشرق العربي مقاتلون من المعارضة في حمص يتجمعون بعد أن أبلغت قيادة الجيش السوري الضباط يوم الأحد أن حكم بشار الأسد انتهى (رويترز)

«داعش» يعدم 54 عنصراً من القوات السورية أثناء فرارهم

أعدم تنظيم «داعش» 54 عنصراً من القوات الحكومية في أثناء فرارهم في بادية حمص وسط سوريا، تزامناً مع سقوط الرئيس بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عنصر من المعارضة السورية المسلحة في حمص يحتفل بدخول العاصمة دمشق (إ.ب.أ)

الأردن ومخاوف من خلط أوراق المنطقة والخشية من فوضى سوريا

يبدي أمنيون أردنيون مخاوفهم من عودة الفوضى لمناطق سورية بعد الخروج المفاجئ للأسد إلى موسكو، وان احتمالات الفوضى ربما تكون واردة جراء التنازع المحتمل على السلطة.

محمد خير الرواشدة (عمّان)

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)

دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرار غير ملزم صدر بغالبية ساحقة وصوّتت ضدّه خصوصا الولايات المتحدة وإسرائيل إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في قطاع غزة.

والقرار الذي صدر بغالبية 158 دولة مؤيدة في مقابل 9 دول صوّتت ضدّه و13 دولة امتنعت عن التصويت، يدعو إلى "وقف لإطلاق النار فوري وغير مشروط ودائم" وكذلك أيضا إلى "الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن"، وهي صيغة مشابهة لتلك التي وردت في مشروع قرار استخدمت ضدّه واشنطن في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الفيتو في مجلس الأمن الدولي.

واستخدمت الولايات المتحدة يومها حق النقض لحماية إسرائيل التي تشن منذ أكثر من سنة هجوما عسكريا في قطاع غزة ردا على هجوم غير مسبوق نفذته حركة حماس على جنوب الدولة العبرية. وعطّل الأميركيون في حينها صدور قرار في مجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق نار "فوري وغير مشروط ودائم" في غزة، مشترطين من أجل إقرار أي هدنة إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في القطاع منذ هجوم حماس.

وقبيل التصويت على النصّ، قال نائب السفيرة الأميركية في الأمم المتّحدة روبرت وود إنّه سيكون من "المخزي" تبنّي مشروع القرار لأنّه "قد يوجّه إلى حماس رسالة خطرة مفادها أنّ لا حاجة للتفاوض أو لإطلاق سراح الرهائن"، في وقت تحدّثت فيه وزارة الدفاع الإسرائيلية عن "فرصة" لإبرام اتفاق لاستعادة الرهائن.

بدوره قال السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة داني دانون إنّ "تصويت اليوم ليس تصويت رحمة، بل هو تصويت تواطؤ" و"خيانة" و"تخلّ" عن الرهائن المحتجزين في القطاع الفلسطيني.