الرئيس الأميركي يؤكد بقاء الشرطة الفيدرالية في بورتلاند حتى «تطهيرها»

رغم الاتفاق مع سلطات المدينة على الانسحاب التدريجي

محتجون في بورتلاند يحرقون أمس السبت العلم الأميركي أمام المحكمة الفيدرالية (أ.ف.ب)
محتجون في بورتلاند يحرقون أمس السبت العلم الأميركي أمام المحكمة الفيدرالية (أ.ف.ب)
TT

الرئيس الأميركي يؤكد بقاء الشرطة الفيدرالية في بورتلاند حتى «تطهيرها»

محتجون في بورتلاند يحرقون أمس السبت العلم الأميركي أمام المحكمة الفيدرالية (أ.ف.ب)
محتجون في بورتلاند يحرقون أمس السبت العلم الأميركي أمام المحكمة الفيدرالية (أ.ف.ب)

منذ وصول عناصر الشرطة الفيدرالية، مدينة بورتلاند بولاية أوريغون، تصاعد التوتر في التظاهرات التي يجري تنظيمها منذ شهرين، وأصبحت الصدامات أمراً اعتيادياً كل ليلة في محيط المحكمة الفيدرالية. في أوائل يوليو (تموز)، أرسلت إدارة الرئيس دونالد ترمب، فرق تدخل فيدرالية إلى بورتلاند بعد أسابيع من الاحتجاجات ضد العنصرية وعنف الشرطة. كانت سلطات ولاية أوريغون اتفقت مع إدارة دونالد ترمب، الأربعاء، على الانسحاب التدريجي للشرطة الفيدرالية اعتباراً من الخميس، شرط أن تحقق الشرطة المحلية استقرار الوضع حول المحكمة الفيدرالية في المدينة وغيرها من المباني الرسمية التي استهدفتها التظاهرات.
ورغم ذلك، قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إنه مصمم على إبقاء الشرطة الفيدرالية في المدينة إلى أن يتم تطهيرها من العناصر اليسارية. وكتب الرئيس في تغريدة في وقت متأخر من الجمعة - السبت أن «الأمن الوطني لن يغادر بورتلاند حتى تتمكن الشرطة المحلية من تطهيرها من الفوضويين ومثيري الشغب بشكل كامل». وتجمع مئات المتظاهرين في شوارع وسط المدينة في وقت مبكر من صباح أمس السبت. وفي وقت سابق، قامت الشرطة المحلية بإخلاء المنتزهات والطرق الرئيسية في المدينة تحضيراً للانسحاب التدريجي للقوات الفيدرالية.
ودعا عشرات العناصر من شرطة بورتلاند (شمال غرب) السكان إلى مغادرة حدائق وسط المدينة وشوارعها على الفور، واصطفوا أمام المحكمة الفيدرالية قبل تطويق المحيط، وفق ما أفاد صحافي من وكالة الصحافة الفرنسية. ولم يترك إلا حوالي خمسين متظاهراً فقط، في مشهد اختلف عن المشاهد الليلية حين كان يتجمع الآلاف منذ وصول الشرطة الفيدرالية إلى بورتلاند. وقالت إميلي (35 عاماً) لوكالة الصحافة الفرنسية، «نريد التغيير، نريد تحريك الأمور»، مضيفة أن سحب العملاء الفيدراليين لن يقلل من عزيمة الأشخاص الذين تظاهروا لأسابيع ضد التمييز العنصري ووحشية الشرطة.
وأكد رئيس بلدية بورتلاند الديموقراطي تيد ويلر، أن عملية الإخلاء هي جزء من الاتفاق بين السلطات المحلية والحكومة. وشكر عبر «تويتر» المتظاهرين السلميين، مساء الجمعة، على «استعادة مساحة كانت مسرحاً للعنف من أجل مشاركة رسالتهم القوية للإصلاح والعدالة».
واتهمت حاكمة ولاية أوريغون الديموقراطية كايت براون، على «تويتر»، الرئيس دونالد ترمب، بتوجيه ضربة «سياسية» من خلال إرسالهم.
وقالت: «اليوم، القوات الفيدرالية تستعد لمغادرة وسط بورتلاند. سنحمي حرية التعبير والحق في التظاهر السلمي»، مؤكدة أن «خطة الرئيس للسيطرة على شوارع المدن الأميركية باءت بالفشل».
وأثارت وفاة الأميركي الأسود جورج فلويد، اختناقاً تحت ركبة شرطي أبيض في 25 مايو (أيار)، مظاهرات كبيرة في الولايات المتحدة ضد العنصرية. وقد تراجعت بشكل كبير، لكنها لم تتوقف بالكامل في بعض المناطق. لكن اتسع نطاق التظاهرات في بورتلاند المعروفة بتاريخها الاحتجاجي الطويل مع نشر القوات الفيدرالية من جمارك وشرطة حدود، مع كامل عتادهم العسكري، خصوصاً بعد بث مقاطع فيديو تظهر عناصر بزيهم العسكري لكنهم يتجولون بسيارات عادية لتوقيف متظاهرين في الشوارع.
ويرى الديموقراطيون أن هذه التدخلات توحي بتصرفات تحدث في «دولة بوليسية»، وتشكل جزءاً من استراتيجية سياسية لمنح ترمب الذي يتراجع في استطلاعات الرأي قبل الانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) صورة الرئيس الذي يريد الحفاظ على النظام.
وأكّد وزير العدل الأميركي بيل بار، الثلاثاء، أنّ الاحتجاجات العنيفة في بورتلاند وعدد من المدن الأميركية الأخرى لا علاقة لها بحركة «حياة السود مهمة»، ودافع عن حملة قمع المحتجين. وأصر على أنّ قوات الأمن والقوات شبه العسكرية من وزارتي الأمن الداخلي والعدل أرسلت إلى بورتلاند لمواجهة ما اعتبره «هجوماً على حكومة الولايات المتحدة». وتابع أن «التغاضي عن التدمير والفوضى يعني التخلي عن مبادئ سيادة القانون الأساسية التي يجب أن توحدنا حتى في مرحلة انقسام سياسي». وأدان الرئيس السابق باراك أوباما، الخميس، إرسال الشرطة الفيدرالية ضد «محتجين سلميين». وناشد أول رئيس أسود للولايات المتحدة، مواطنيه، خلال تشييع جون لويس، أحد أهم الشخصيات في حركة الدفاع عن حقوق الإنسان، الحقوق المدنية، في أتلانتا، المشاركة في انتخابات الثالث من نوفمبر. وقال أوباما إنه رغم التقدم المحرز منذ ستينات القرن الماضي الذي تميز بالقمع ضد ناشطين مثل جون لويس، «ما زلنا نرى حكومتنا الفيدرالية ترسل عملاء لاستخدام الغاز المسيل للدموع والهراوات ضد المتظاهرين السلميين». وأضاف أوباما: «بينما نحن نجلس هنا، يبذل الذين هم في السلطة قصارى جهدهم لثني الناس عن التصويت» ذاكراً «إغلاق مراكز الاقتراع» و«القوانين المقيدة» التي تعقّد عملية تسجيل «الأقليات والطلاب» و«إضعاف الخدمات البريدية» التي تسمح بإرسال التصويت عبر البريد. وقال الرئيس الديموقراطي السابق، الذي خاض حملة علنية، قبل أسابيع قليلة، من أجل نائبه السابق في البيت الأبيض جو بايدن، «انتخابات قليلة كانت بأهمية هذه الانتخابات، على عدة أصعدة».
وتأتي تصريحاته بعد ساعات من تغريدة استفزازية من الرئيس ترمب طرح خلالها فكرة تأجيل الانتخابات الرئاسية. ومنذ أسابيع يتحدث دونالد ترمب الذي تبدو استطلاعات الرأي غير مواتية له، عن تزوير كبير. وفي هذا السياق، سأل ترمب في تغريدة «ألا يمكن تأجيل الانتخابات إلى أن يتمكن الناس من التصويت بشكل مناسب وبسلام وأمان؟». وترغب ولايات أميركية عدة في تيسير التصويت عن طريق البريد من أجل الحد من انتشار الوباء قدر الإمكان. وقد سمح الكثير منها بنظام التصويت هذا لسنوات، ولم تتحدث أي دراسة جادة حتى الآن عن أي مشكلات رئيسية، باستثناء عدد قليل من الحوادث المعزولة. وأضاف أوباما أنّ التصويت عبر المراسلة «سيكون حاسماً في هذا الاقتراع»، مندداً بموقف دونالد ترمب من دون أن يسميه. وتابع من كنيسة إبنيزر المعمدانية، حيث كان يعظ مارتن لوثر كينغ منذ عام 1960 حتى اغتياله في عام 1968، «مثل جون، سيتعين علينا أن نقاتل بقوة أكبر للدفاع عن أقوى أداة لدينا: الحق في التصويت». وقبل أوباما، أثنى رئيسان سابقان آخران على أعمال هذا الناشط الدؤوب والنائب البرلماني الديموقراطي الذي توفي في 17 يوليو بمرض السرطان عن عمر 80 عاماً. وقال الجمهوري جورج دبليو بوش، «لقد آمن بالإنسانية وآمن بأميركا». وأضاف الديموقراطي بيل كلينتون: «لقد قاتل بشكل جيد» وأعطانا «تعليماته للمستقبل: استمر في التحرك».
كما أرسل الرئيس السابق جيمي كارتر (95 عاماً) غير القادر على القيام بالرحلة ملاحظاته بالبريد. وقد رفض ترمب الذي قاطع لويس احتفال تنصيبه رئيساً، تقديم تحية لنعشه الذي عرض الاثنين والثلاثاء في واشنطن.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».