كشفت بيانات أولية، الجمعة، عن أن اقتصاد منطقة اليورو سجل أكبر انكماش على الإطلاق في الربع الثاني، بينما ارتفع التضخم في التكتل على نحو غير متوقع في يوليو (تموز).
وقال مكتب إحصاءات الاتحاد الأوروبي (يوروستات) في تقديرات مبدئية، إنه في الأشهر من أبريل (نيسان) إلى يونيو (حزيران)، انكمش الناتج المحلي الإجمالي في منطقة العملة الموحدة التي تضم 19 دولة 12.1 في المائة مقارنة مع الربع السابق. كما تراجع الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي ككل بنسبة أقل، وإن كانت تظل نسبة مرتفعة، حيث بلغت 11.9 في المائة.
ومقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، تراجع الناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو بنسبة 15 في المائة، وفي الاتحاد الأوروبي بنسبة 14.4 في المائة. وذكر مكتب إحصاء الاتحاد الأوروبي، أن هذه البيانات تستند إلى «مصادر غير مكتملة، وهي عرضة للتعديل في ظل إجراءات احتواء جائحة (كوفيد – 19)». ويتزامن أكبر انخفاض في الناتج المحلي الإجمالي منذ بدأت السلسلة الزمنية في 1995 مع إجراءات العزل العام التي فُرضت لاحتواء جائحة «كوفيد – 19» والتي بدأ تخفيفها في الكثير من دول منطقة اليورو اعتباراً من مايو (أيار) فقط. والانكماش يزيد قليلاً على توقعات السوق بتراجع 12.1 في المائة، ويأتي بعد هبوط الناتج المحلي 3.6 في المائة في الربع الأول من العام. وكتب المفوض الاقتصادي للاتحاد الأوروبي باولو جينتيلوني عبر موقع «تويتر»، الجمعة، إن أحدث الأرقام الفصلية الرسمية في منطقة اليورو والاتحاد الأوروبي للناتج المحلي الإجمالي تؤكد أن جائحة كورونا لها «عواقب غير مسبوقة على جميع الدول الأوروبية».
وتحدث المسؤول الكبير أيضاً عن خطة التحفيز المتفق عليها مؤخراً، التي لم يتم التوقيع عليها رسمياً بعد، لإعادة إطلاق الاقتصادات المنكوبة بالفيروس في التكتل، وكتب في تغريدة عبر موقع «تويتر» «نيكست جينيراشن إي يو»، وهو الاسم الرسمي لحزمة الإنقاذ التي تقدر بـ750 مليار يورو (888 مليار دولار).
وواصل التضخم اتجاهه الصعودي، متحدياً توقعات بالتباطؤ، مما يدعم توقعات البنك المركزي الأوروبي بأنه ربما يجري تجنب تسجيل قراءات سلبية للتضخم. وقال «يوروستات»، إن أسعار المستهلكين في التكتل ارتفعت 0.4 في المائة على أساس سنوي في يوليو من 0.3 في المائة في يونيو، و0.1 في المائة في مايو. وكان خبراء اقتصاد استطلعت «رويترز» آراءهم توقعوا ارتفاع الأسعار 0.2 في المائة في يوليو.
كما تسارعت ضغوط الأسعار الأساسية. وتظهر البيانات المبدئية لـ«يوروستات»، أنه باستثناء أسعار الأغذية والطاقة المتقلبة، وهو مقياس رئيسي يتابعه البنك المركزي الأوروبي، ارتفع التضخم 1.3 في المائة من 1.1 في المائة في يونيو. وقفز مؤشر أضيق نطاقاً، يستبعد أسعار المشروبات الكحولية والتبغ، إلى 1.2 في المائة من 0.8 في المائة في يونيو.
وأعلنت ألمانيا والنمسا أول من أمس بالفعل تسجيل تراجع اقتصادي بنسب تاريخية خلال الفترة من أبريل إلى يونيو، الفترة التي بدأت معظم دول الاتحاد الأوروبي في نهايتها في إلغاء أشد إجراءات الحد من انتشار فيروس كورونا... وبالأمس توالت الإعلانات الأوروبية الصادمة.
وسجلت فرنسا تراجعاً تاريخياً تبلغ نسبته 13.8 في المائة في إجمالي ناتجها الداخلي في الفصل الثاني من العام الحالي، حسبما أعلن المعهد الوطني للإحصاءات (إينسي) الجمعة.
وقال المعهد، إنه لم يسجل منذ بدء قياس النشاط الاقتصادي الفرنسي الربعي، انهياراً كهذا. وقد أعاد النظر في أرقام النشاط الاقتصادي في الفصل الأول، موضحاً أنه تراجع 5.9 في المائة بدلا من 5.3 في المائة وردت في التقديرات السابقة.
والانكماش في ثاني أكبر اقتصاد بمنطقة اليورو يفوق المعدل البالغ 10.1 في المائة الذي سجلته ألمانيا، حيث سيطرت السلطات على ارتفاع في معدل الوفيات بـ«كوفيد – 19» ولم تضطر إلى فرض إجراءات عزل عام صارمة مثلما حدث في فرنسا.
وجرى فرض العزل العام الصارم في فرنسا حتى 11 مايو، مع إغلاق المتاجر غير الأساسية، والرفع التدريجي للإجراءات خلال الربع الثاني، مع السماح للمقاهي والمطاعم بالفتح في الثاني من يونيو.
لكن الانكماش لم يكن حاداً بالحد الأقصى؛ إذ توقع المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية انكماشاً بنسبة 17 في المائة في وقت سابق من الشهر الحالي، في حين حدد محللون استطلعت «رويترز» آراءهم انخفاضاً بنسبة 15.3 في المائة. وقال لودوفيك سوبران، كبير الاقتصاديين لدى «أليانز»، «ليس سيئاً!... كنا نتوقع - 16 في المائة، لكن فك العزل أنقذ الأمر».
وذلك هو الانخفاض الثالث على التوالي للناتج المحلي الإجمالي، في ركود بدأ في الربع الأخير من العام الماضي، حين خصمت إضرابات على مستوى البلاد 0.2 في المائة من الناتج القومي. وأظهرت بيانات الجمعة، أن إنفاق الأسر تراجع 11 في المائة، وأن استثمارات الشركات انخفضت 17.8 في المائة، وأن الصادرات هبطت 25.5 في المائة والواردات 17.3 في المائة.
ودخل الاقتصاد الإسباني في حالة ركود في الفصل الثاني من 2020 مع تراجع إجمالي الناتج الداخلي للبلاد بنسبة 18.5 في المائة بسبب وباء «كوفيد – 19»، حسب معطيات نشرها الجمعة المعهد الوطني للإحصاء.
وبذلك يكون رابع اقتصاد في منطقة اليورو قد سجل تراجعاً لفصلين متتاليين في إجمالي الناتج الداخلي الذي تدهور بنسبة 5.2 في المائة في الربع الأول من العام الحالي.
وكان مصرف إسبانيا المركزي توقع انكماشاً لإجمالي الناتج الداخلي بين 16 و22 في المائة في الفصل الثاني الذي شهدت خلاله إسبانيا عزلاً صارماً في شهر أبريل وأسبوعين من وقف الأنشطة غير الضرورية، وتلاه رفع تدريجي للعزل بين مايو وأواخر يونيو.
وتلقت قطاعات التجارة والنقل والفنادق ضربة قاسية مع تراجع قدرتها على توليد الدخل بنسبة 40 في المائة، مقارنة مع الفصل السابق. وخسر قطاع البناء 24 في المائة وتراجعت الصناعة بنسبة 18.5 في المائة.
وتضرر قطاع السياحة الأساسي للاقتصاد الإسباني والذي يشكّل 12 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي، بشكل كبير أيضاً، فقد تراجعت عائداته بنسبة 60 في المائة مقارنة مع الفصل الثاني من عام 2019، كما تراجع استهلاك الأسر نحو 21 في المائة مقارنة بالفصل السابق، واستثمارات الشركات بنسبة 22 في المائة، بينما تدهورت الصادرات بأكثر من الثلث خلال فصل واحد. وتتوقع الحكومة الإسبانية تراجع إجمالي الناتج الداخلي لعام 2020 بنسبة 9.2 في المائة، لكن مصرف إسبانيا ينتظر أن يبلغ هذا التراجع 15 في المائة.
وإسبانيا واحدة من أكثر دول أوروبا تضرراً من الوباء مع 28400 وفاة، لكنها أيضاً من المستفيدين من خطة الإنعاش الأوروبية الاستثنائية التي أقرها أعضاء الاتحاد الأوروبي الـ27 في 21 يوليو. ويفترض أن تستفيد إسبانيا من 140 مليار يورو من بين 750 مليار يورو مخصصة لخطة الإنقاذ، بينها نحو 73 ملياراً على شكل إعانات مباشرة.
وبحسب وزيرة الاقتصاد ناديا كالفينيو، فإن التدابير التي اتخذتها الحكومة لدعم الاقتصاد، مثل تمديد البطالة الجزئية ومنح قروض تضمنها الدولة وتقديم مساعدات لأصحاب المهن الحرة، سمحت بتفادي «انهيار لإجمالي الناتج المحلي بأكثر من 25 في المائة». وتساوي تكلفة هذه الإجراءات «20 في المائة من إجمالي الناتج المحلي المتوقع عام 2020». وأدى الوباء إلى إلغاء مليون وظيفة في إسبانيا في الفصل الثاني، غالبيتها في الخدمات والسياحة. وارتفع معدل البطالة بنسبة 15.3 في المائة أواخر يونيو. ويتوقع أن يبلغ 19 في المائة أواخر 2020. وفق الحكومة، بينما يتوقع صندوق النقد الدولي أن يبلغ 20.8 في المائة.
«متوالية دومينو» غير مسبوقة لاقتصادات أوروبا
الركود يغزو القارة مع تراجعات فصلية تاريخية
«متوالية دومينو» غير مسبوقة لاقتصادات أوروبا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة