مصر: رحيل «طبيب الغلابة» بعد رحلة طويلة من العطاء

الطبيب الراحل محمد مشالي الملقب بـ«طبيب الغلابة» (فيسبوك)
الطبيب الراحل محمد مشالي الملقب بـ«طبيب الغلابة» (فيسبوك)
TT

مصر: رحيل «طبيب الغلابة» بعد رحلة طويلة من العطاء

الطبيب الراحل محمد مشالي الملقب بـ«طبيب الغلابة» (فيسبوك)
الطبيب الراحل محمد مشالي الملقب بـ«طبيب الغلابة» (فيسبوك)

بعد رحلة طويلة من العطاء وخدمة الفقراء، حط الطبيب المصري محمد عبد الغفار مشالي رحاله، وفارق الحياة بعد أن أتم مهمته الإنسانية في تقديم الخدمات الطبية بأسعار زهيدة حتى أشتهر بلقب «طبيب الغلابة»، بإحدى محافظات دلتا مصر.
مشالي الذي غيبه الموت صباح اليوم الثلاثاء، عن عمر يناهز (76 عاما)، طبيب بشري تخصص في الأمراض الباطنة وأمراض الأطفال والحميات، بدأ رسالته الإنسانية بعد أن تخرج من كلية الطب قصر العيني بالقاهرة عام1967. وفي عام 1975 افتتح عيادته الخاصة في مدينة طنطا بمحافظة الغربية، وظل لسنوات طويلة يخصص قيمة كشفه الطبي في عيادته لا تزيد عن 5 جنيهات، وزادت مؤخرا لتصل إلى 10 جنيهات، ووسط جدران عيادته البسيطة، وبحجرته الصغيرة، التي تأخذ مكتبا وسريرا للكشف بالكاد، أمضى مشالي سنواته وكثيرا ما كان يرفض تقاضي قيمة الكشف من المرضى الفقراء، بل ويشتري لهم العلاج في كثير من الأحيان.

وأثارت وفاة طبيب الغلابة، تعاطف وحزن المصريين، وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، دفاتر العزاء ونقاشات حول إنسانيته في مساعدة الفقراء والدعاء للطبيب الراحل بالرحمة، التي وصفه البعض أنه كان يقدمها بكل حب لمن تعامل معه.

وكان أحد أبنائه الثلاثة، قد أعلن وفاته عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، ونعى شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب، «طبيب الغلابة» في تدوينة عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «رحم الله طبيب الغلابة الدكتور محمد مشالي، وأسكنه فسيح جناته، ضرب المثل في الإنسانية، وعلم يقيناً أن الدنيا دار فناء، فآثر مساندة الفقراء والمحتاجين والمرضى، حتى في آخر أيام حياته».
وأضاف شيخ الأزهر: «اللهم اخلف عليه في دار الحق، وأنزله منزلة النبيين والصديقين والشهداء، إنا لله وإنا إليه راجعون».
https://www.facebook.com/GrandImam/posts/168399798137329
وفي العام الماضي، أثارت صور للطبيب الراحل ضجة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بعد أن ظهر في حفل تكريم له بملابس تبدو بسيطة، وعلق الراحل في مداخلة هاتفية بأحد البرامج المصرية: «هذه ملابس العمل، وقد ذهبت من العيادة إلى الحفل على الفور بدون فرصة لارتداء بذلة مناسبة»، وأضاف «معنديش وقت للمظاهر الكدابة دي، المهم الجوهر». وأكد قائلا: «أنا في عيادتي أكون معرضاً للمتاعب، وتعودت أن أنظفها بنفسي، وأكشف بنفسي، وأنا أتعامل كالميكانيكي في عمله، وأرتدي ملبساً كالأفارول الخاص به، وأيضاً أمتلك بعض الملابس المشرفة».


وكُرم الدكتور مشالي، بإطلاق اسمه على أحد شوارع مدينة طنطا؛ تقديرا لجهوده في خدمة أهالي محافظة الغربية، كما أهداه نادي الزمالك عضويته الشرفية تقديرا لدوره الإنساني، وذلك بعد أن أعلن أنه يشجع الزمالك منذ أكثر من 40 عاما.

وخلال شهر رمضان الماضي، رفض مشالي، تبرعا ماليا كبيرا من أحد البرامج التي تقدم المساعدات للمحتاجين بالوطن العربي، ورفض مقابلة مقدم البرنامج لأكثر من مرة، الأمر الذي دفع الأخير إلى انتظاره بالساعات أمام عيادته، وتحدث معه أنه مريض وطلب منه كشفا مجانيا، فوافق الطبيب الراحل على الفور، ثم عرض عليه المساعدة التي رفضها قائلا: «جميلك على رأسي، الناس غلابة وأنا نشأت فقيرا، والدي أوصاني بالفقراء خيراً، وأنا مش عايز عربية 10 متر ولا عايز بدلة بمليون و10 آلاف، أنا زاهد، أنا أي حاجة بتكفيني».
وعندما سأل مقدم البرنامج عن كيفية مساعدة الفقراء بعد رفض الطبيب المبلغ المالي، رد الطبيب محمد مشالي: «ممكن تروح تعمل تبرع في جمعية خيرية أو تتبرع لمؤسسة الملاجئ في شارع بورسعيد... أنا مش موافق، أنا مش هنتقل من العيادة دي إلى أن يتوفاني الله، أنا ممكن أعمل عيادة تانية بس أنا سعيد بهذه، بتقرب إلى الله بعمل الخير».



مصر تُكرّم فنانيها الراحلين بالعام الماضي عبر «يوم الثقافة»

مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية
مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية
TT

مصر تُكرّم فنانيها الراحلين بالعام الماضي عبر «يوم الثقافة»

مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية
مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية

في سابقة جديدة، تسعى من خلالها وزارة الثقافة المصرية إلى تكريس «تقدير رموز مصر الإبداعية» ستُطلق النسخة الأولى من «يوم الثقافة»، التي من المقرر أن تشهد احتفاءً خاصاً بالفنانين المصريين الذي رحلوا عن عالمنا خلال العام الماضي.

ووفق وزارة الثقافة المصرية، فإن الاحتفالية ستُقام، مساء الأربعاء المقبل، على المسرح الكبير في دار الأوبرا، من إخراج الفنان خالد جلال، وتتضمّن تكريم أسماء عددٍ من الرموز الفنية والثقافية الراحلة خلال 2024، التي أثرت الساحة المصرية بأعمالها الخالدة، من بينهم الفنان حسن يوسف، والفنان مصطفى فهمي، والكاتب والمخرج بشير الديك، والفنان أحمد عدوية، والفنان نبيل الحلفاوي، والشاعر محمد إبراهيم أبو سنة، والفنان صلاح السعدني، والفنان التشكيلي حلمي التوني.

أحمد عدوية (حساب نجله محمد في فيسبوك)

وقال الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة المصري في تصريحات الأحد، إن الاحتفال بيوم الثقافة جاء ليكون مناسبة وطنية تكرم صُنّاع الهوية الثقافية المصرية، مشيراً إلى أن «هذا اليوم سيُعبِّر عن الثقافة بمعناها الأوسع والأشمل».

وأوضح الوزير أن «اختيار النقابات الفنية ولجان المجلس الأعلى للثقافة للمكرمين تم بناءً على مسيرتهم المميزة وإسهاماتهم في ترسيخ الهوية الفكرية والإبداعية لمصر». كما أشار إلى أن الدولة المصرية تهدف إلى أن يُصبح يوم الثقافة تقليداً سنوياً يُبرز إنجازات المتميزين من أبناء الوطن، ويحتفي بالرموز الفكرية والإبداعية التي تركت أثراً عظيماً في تاريخ الثقافة المصرية.

وفي شهر أبريل (نيسان) من العام الماضي، رحل الفنان المصري الكبير صلاح السعدني، الذي اشتهر بلقب «عمدة الدراما المصرية»، عن عمر ناهز 81 عاماً، وقدم الفنان الراحل المولود في محافظة المنوفية (دلتا مصر) عام 1943 أكثر من 200 عمل فني.

صلاح السعدني (أرشيفية)

كما ودّعت مصر في شهر سبتمبر (أيلول) من عام 2024 كذلك الفنان التشكيلي الكبير حلمي التوني عن عمر ناهز 90 عاماً، بعد رحلة طويلة مفعمة بالبهجة والحب، مُخلفاً حالة من الحزن في الوسط التشكيلي والثقافي المصري، فقد تميَّز التوني الحاصل على جوائز عربية وعالمية عدّة، بـ«اشتباكه» مع التراث المصري ومفرداته وقيمه ورموزه، واشتهر برسم عالم المرأة، الذي عدّه «عالماً لا ينفصل عن عالم الحب».

وفي وقت لاحق من العام نفسه، غيّب الموت الفنان المصري حسن يوسف الذي كان أحد أبرز الوجوه السينمائية في حقبتي الستينات والسبعينات عن عمر ناهز 90 عاماً. وبدأ يوسف المُلقب بـ«الولد الشقي» والمولود في القاهرة عام 1934، مشواره الفني من «المسرح القومي» ومنه إلى السينما التي قدم خلالها عدداً كبيراً من الأعمال من بينها «الخطايا»، و«الباب المفتوح»، و«للرجال فقط»، و«الشياطين الثلاثة»، و«مطلوب أرملة»، و«شاطئ المرح»، و«السيرك»، و«الزواج على الطريقة الحديثة»، و«فتاة الاستعراض»، و«7 أيام في الجنة»، و«كفاني يا قلب».

الفنان حسن يوسف وزوجته شمس البارودي (صفحة شمس على فيسبوك)

وعقب وفاة حسن يوسف بساعات رحل الفنان مصطفى فهمي، المشهور بلقب «برنس الشاشة»، عن عمر ناهز 82 عاماً بعد صراع مع المرض.

وجدّدت وفاة الفنان نبيل الحلفاوي في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، الحزن في الوسط الفني، فقد رحل بعد مسيرة فنية حافلة، قدّم خلالها كثيراً من الأدوار المميزة في الدراما التلفزيونية والسينما.

السيناريست المصري بشير الديك (وزارة الثقافة)

وطوى عام 2024 صفحته الأخيرة برحيل الكاتب والمخرج بشير الديك، إثر صراع مع المرض شهدته أيامه الأخيرة، بالإضافة إلى رحيل «أيقونة» الأغنية الشعبية المصرية أحمد عدوية، قبيل نهاية العام.