جلسة استثنائية للبرلمان التونسي الخميس لبحث سحب الثقة من الغنوشي

TT

جلسة استثنائية للبرلمان التونسي الخميس لبحث سحب الثقة من الغنوشي

قرر مكتب مجلس النواب التونسي، رسمياً، عقد جلسة عامة استثنائية الخميس المقبل، لبحث مطلب تقدم به 89 برلمانياً لسحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي، احتجاجاً على ما وصفوه بـ«سوء إدارة مجلس النواب»، وتوظيف رئاسة المجلس خدمةً لأجندات بعض القياديين في حزب النهضة وحلفائها في البرلمان، خصوصاً حزب «قلب تونس»، وائتلاف «الكرامة» وحلفاءهم.
واتهم عدد من نواب الائتلاف في الحكومة المستقيلة، برئاسة إلياس الفخفاح، رئاسة البرلمان بـ«الفشل في تجميع أغلب النواب حولها، والخلط بين أولوياتها الحزبية ومسؤولياتها البرلمانية الوطنية».
وبعد يومين من الاجتماعات المتواصلة والمشحونة الأجواء، قرر مكتب البرلمان ليلة أول من أمس، أن تكون جلسة الخميس القادم للتصويت على لائحة سحب الثقة من الغنوشي «دون نقاش عام»، وأن «يجري التصويت سراً»، احتراماً للنظام الداخلي للبرلمان، حسب بلاغ رسمي صدر عن الإدارة العامة للإعلام في مجلس النواب.
وصادق مكتب المجلس على عقد هذه الجلسة العامة بعد جدل طويل ميّز جلساته المغلقة، وذلك بسبب كثرة الخلافات حول شرعية بعض التوقيعات، وخلافات بين ممثلي نواب الحزب الدستوري، الذي تتزعمه عبير موسى، مع 73 نائباً من اليساريين والليبراليين، الذين رفضوا إدراج أسماء نواب الحزب الدستوري، بعد أن اتهموها بـ«تعطيل السير العادي لأعمال البرلمان، والتورط في جريمة تعطيل واحدة من مؤسسات الدولة»، حسب تعبير سامية عبو، البرلمانية عن «الكتلة الديمقراطية»، التي تضم 40 نائباً من اليسار الاشتراكي والقومي.
وتخشى الكتل البرلمانية المعارضة لنظام الحكم قبل 2011، بقيادة زين العابدين بن علي، أن تخسر سياسياً بسبب اصطفافها وراء عبير موسى، التي باتت تتزعم منذ أشهر التيار المعارض بقوة لمن تصفهم بـ«إخوان تونس»، وزعيمهم راشد الغنوشي.
وصادقت أغلبية أعضاء مكتب البرلمان على قبول توقيعات نواب كتلة عبير موسى، وطلبت غض الطرف عن بقية الطعون الشكلية، ومن بينها غموض توقيع نائبين من بين الـ73 نائباً، وردوا في العريضة الأولى. كما وافق الغنوشي على عقد الجلسة العامة للتصويت على مشروع لائحة سحب الثقة منه، قائلاً: «لن أبقى في رئاسة البرلمان إذا لم أحصل على دعم غالبية الزملاء النواب».
وانتقد عدد من أعضاء البرلمان ما وصفوه بتغيير رئاسة البرلمان طبيعة لائحة سحب الثقة من الغنوشي إلى ما يشبه «لائحة تجديد الثقة»، وذلك من خلال «توريط النواب المعارضين السابقين لحكم بن علي في أجندات حزب عبير موسى ورفاقها»، بسبب قبول توقيعات نوابهم الـ16 مع النواب، الذين تقدموا باللائحة الأصلية، والذين ينتمون غالباً إلى كتل يسارية وقومية وليبرالية.
في المقابل، قال نور الدين العرباوي، البرلماني عن حزب «النهضة»، إنه يتوقع أن تسقط لائحة سحب الثقة المرتقبة الخميس القادم، مرجحاً أنها «لن تحصل في كل الحالات على تزكية من 109 نواب، رغم كل الجهود التي بُذلت من معارضي بن علي السابقين، ومسؤولي الحزب الدستوري الذين تحالفوا لأول مرة في محاولة لإبعاد حركة النهضة من رئاسة البرلمان».
لكنّ المديرة العامة السابقة لكلية الإعلام التونسية، الكاتبة اليسارية سلوى الشرفي، استبعدت مصادقة أغلبية برلمانية على اللائحة، وعلّقت على هذه التطورات قائلة: «مهما كانت نتيجة التصويت على مشروع سحب الثقة من الغنوشي فإن الأهم هو أنه ورفاقه في حزب النهضة سمعوا الانتقادات، التي أصبحت تُوجَّه إليهم من النخب والمواطنين بسبب أخطائهم السياسية والأخلاقية المتعاقبة منذ 2011».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.