رسم الحزب الديمقراطي الأميركي سياسته الخارجية تجاه الشرق الأوسط لانتخابات عام 2020 على مبدأين اثنين: الانسحاب العسكري الأميركي، وإعادة النقاش والحوار إلى الاتفاق النووي الإيراني الذي انسحبت منه إدارة الرئيس ترمب. هذه المبادئ الديمقراطية تعني أن يتخلى الحزب بالكامل عن الإرث والسياسة التي عمل بها الرئيس ترمب، والعودة إلى ما سمّوه «الدبلوماسية النووية».
المسودة الديمقراطية (اطلعت «الشرق الأوسط» عليها) التي بدأت وسائل الإعلام الأميركية والعالمية بالحديث عنها، تُعد خريطة طريق لما سترتكز عليه أجندة الحزب الذي يسيطر على مجلس النواب بالكونغرس، وسياسة البيت الأبيض إذا فاز المرشح الديمقراطي جو بايدن، إلا أنها خاضعة حتى الآن للتعديل والتغيير، حتى يتم طرحها للتصويت نهاية أغسطس (آب) الشهر القادم، في المؤتمر العام للحزب قبل بداية الانتخابات الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني).
وتوضح المسودة بكل وضوح معارضتها لـ«تغيير النظام» في طهران، وهو ما يخالف مبادئ الإدارة الأميركية الحالية التي طالما قالت إن تغيير سلوك وسياسة النظام الإيراني هو الهدف من حملة الضغط القصوى، والعقوبات الاقتصادية المفروضة على النظام في طهران، مؤكدة على أهمية تقييد «العدوان الإقليمي، وبرنامج الصواريخ الباليستية، والقمع المحلي»، وإطلاق الجهود للعمل الدبلوماسي في المنطقة، وهو ما يعني عودة الأمور إلى ما كانت عليه خلال إدارة الرئيس باراك أوباما السابقة.
واختصرت الوثيقة التي جاءت في 80 صفحة خطتها في الشرق الأوسط في صفحة واحدة فقط، وهي الصفحة الأخيرة، وتعاملت مع الملف الإيراني بفقرة واحدة طويلة، قالت فيها: «سوف يلغي الديمقراطيون سياسة إدارة ترمب للحرب مع إيران، ويعطون الأولوية للدبلوماسية النووية، وخفض التصعيد، والحوار الإقليمي. كما نعتقد نحن الديمقراطيين أن الولايات المتحدة يجب ألا تفرض تغيير النظام على دول أخرى، وأن ترفض ذلك كهدف لسياسة الولايات المتحدة تجاه إيران».
كما ترى الوثيقة أيضاً أن الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 الذي وقعته إدارة أوباما لا يزال أفضل وسيلة لقطع جميع مسارات إيران التي يمكن التحقق منها للحصول على قنبلة نووية، وأنه كان من الخطأ أن ينسحب ترمب منها، معتقدين أن الرئيس ترمب عزل واشنطن عن حلفائها، أي الدول الأوروبية، وفتح الباب أمام إيران لاستئناف مسيرتها نحو الحصول على قدرة أسلحة نووية، والتي أوقفتها خطة العمل الشاملة المشتركة، ولأجل هذه الأسباب يرى الديمقراطيون أن العودة إلى الامتثال المتبادل للاتفاقية «أمر ملح للغاية».
وأضافت الوثيقة: «كان القصد من الاتفاق النووي دائماً أن يكون بداية، وليس نهاية لدبلوماسيتنا مع إيران، إذ يدعم الديمقراطيون جهوداً دبلوماسية شاملة لتوسيع القيود على برنامج إيران النووي ومعالجة أنشطة إيران الأخرى المهددة، بما في ذلك عدوانها الإقليمي وبرنامجها للصواريخ الباليستية، والقمع المحلي».
وأكدت أنه حان الأوان لقلب الصفحة على عقدين من الانتشار العسكري الواسع النطاق والحروب المفتوحة في الشرق الأوسط، وهذا لا يعني أن الولايات المتحدة ستتخلى عن منطقة لا يزال لديها فيها شركاء ومصالح دائمة؛ لكنه حان الوقت لإعادة موازنة أدواتها ومشاركتها، وعلاقاتها في الشرق الأوسط، بعيداً عن التدخل العسكري، وستنتج عن ذلك «دبلوماسية براغماتية»، تسعى إلى إرساء الأساس لمنطقة أكثر سلاماً، واستقراراً، وحرية.
وفيما يختص بالعلاقة بدول مجلس التعاون الخليجي، يعتقد الديمقراطيون أيضاً أنهم بحاجة إلى إعادة ضبط علاقاتهم مع «شركائنا الخليجيين» وذلك لتحسين مصالحها وقيمها، إذ إن الولايات المتحدة لديها مصلحة في مساعدة شركائها في التعامل معها، ومواجهة التهديدات الأمنية المشروعة، وأشارت الوثيقة إلى دعم ما سمّته «التحديث السياسي»، ولم تشرح ما هو ذلك التحديث، إضافة إلى التحديث الاقتصادي، وتشجيع الجهود المبذولة للحد من التوترات الإقليمية.
وعلقت على تعامل الإدارة الأميركية الحالية مع دول الشرق الأوسط بـ«عصر الشيكات الفارغة»، أو الانغماس في الاندفاعات الاستبدادية والخصومات الداخلية، وإنهاء حروب الوكالة، والجهود الرامية إلى دحر الانفتاحات السياسية عبر المنطقة، معتبرة أن العلاقات الفعالة مع دول الخليج ستساعدها على إعادة ربط العراق بجيرانه، وحماية استقرار البلاد وأمنه وسيادته.
وفيما يختص ببرامج التدريب العسكري والوجود العسكري في العراق، فسوف يبقيان، وذلك لتدريب شركائها العراقيين حتى يتمكنوا من ضمان الهزيمة الدائمة لتنظيم «داعش»، معلنة تأييدها مواصلة الهجوم على «داعش» في سوريا، لمنعه من استعادة موطئ قدم له هناك. كما أعلنت الدعم والوقوف بجانب الأكراد والشركاء المهمين الآخرين في تلك المعركة، وإعادة المعتقلين المقاتلين الأجانب إلى أوطانهم، وتنشيط الدبلوماسية لحماية الاحتياجات الإنسانية لجميع السوريين، إضافة إلى إيجاد حل سياسي لهذه الحرب السورية المروعة.
أما فيما يختص بالجانب الإسرائيلي، فيعتقد الديمقراطيون أن وجود إسرائيل قوية وآمنة وديمقراطية هو أمر حيوي لمصالح الولايات المتحدة، مؤكدين التزامهم بأمن إسرائيل، ووحدتها العسكرية، وحقها في الدفاع عن نفسها.
وأضافت الوثيقة الديمقراطية لعام 2020: «إن مذكرة التفاهم لعام 2016 كانت صارمة فيما يخص الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، إذ يعترف الديمقراطيون بقيمة كل إسرائيلي وكل فلسطيني، ولهذا السبب سنعمل للمساعدة في إنهاء الصراع الذي جلب كثيراً من الآلام، ودعم حل الدولتين المتفاوض عليه، والذي يضمن مستقبل إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية ذات حدود معترف بها، ويدعم بالمقابل حق الفلسطينيين في العيش بأمان وحرية، في دولة قابلة للحياة خاصة بهم».
ويعارض الديمقراطيون أي خطوات أحادية الجانب من قبل أي من الجانبين، مثل عمليات الضم والتوسع الاستيطاني، معتبرين أنها تقوض احتمالات قيام دولتين. وسيستمر الديمقراطيون في الوقوف ضد التحريض والإرهاب، إلا أن الوثيقة لم تعلق على خطوة الرئيس ترمب فيما يخص القدس، حيث قالت الوثيقة إن القدس ستظل عاصمة إسرائيل، وستكون هناك مفاوضات على الوضع النهائي لها، إذ إنها مدينة غير مقسمة في متناول الناس من جميع الأديان.
وتعهدت الوثيقة الديمقراطية التي ستطرح للتصويت، بعودة العلاقات الدبلوماسية الأميركية – الفلسطينية، والمساعدة الحيوية للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وغزة، وذلك بما يتفق مع القانون الأميركي، كما تعارض أي جهد لتمييز إسرائيل ونزع الشرعية عنها بشكل غير عادل، بما في ذلك في الأمم المتحدة أو من خلال حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات.
الديمقراطيون يتعهدون في «وثيقة 2020» بالعودة إلى «الاتفاق النووي» وإنهاء «العقوبات»
وضعت خطوطها العريضة للمنطقة بالتخلي عن إرث ترمب وتبني «الدبلوماسية البراغماتية»
الديمقراطيون يتعهدون في «وثيقة 2020» بالعودة إلى «الاتفاق النووي» وإنهاء «العقوبات»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة