غموض حول ملابسات «خطف» ناقلة إيرانية

خلاف حول ملكيتها... وأميركا تتهمها بالتحايل على العقوبات

صورة أرشيفية لناقلة إيرانية تحمل نفطاً إلى فنزويلا في مايو الماضي (أ.ب)
صورة أرشيفية لناقلة إيرانية تحمل نفطاً إلى فنزويلا في مايو الماضي (أ.ب)
TT

غموض حول ملابسات «خطف» ناقلة إيرانية

صورة أرشيفية لناقلة إيرانية تحمل نفطاً إلى فنزويلا في مايو الماضي (أ.ب)
صورة أرشيفية لناقلة إيرانية تحمل نفطاً إلى فنزويلا في مايو الماضي (أ.ب)

نقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن منظمة معنية بشؤون البحارة أن ناقلة نفط تتهمها الولايات المتحدة بالتحايل على العقوبات المفروضة على إيران، تعرضت لـ«الخطف» في 5 يوليو (تموز) الحالي قبالة سواحل الإمارات العربية المتحدة. لكن صور أقمار صناعية أظهرت أن السفينة كانت موجودة، أول من أمس، في المياه الإيرانية، فيما كان اثنان من بحارتها الهنود موجودَين في العاصمة الإيرانية.
ولم يكن واضحاً بشكل فوري ماذا حدث على متن الناقلة «إم تي غلف سكاي» التي ترفع علم الدومنيكان، لكن التقارير عن «خطفها» جاءت في ظل توتر مستمر منذ شهور بين إيران والولايات المتحدة.
وقال ديفيد هاموند، رئيس «منظمة حقوق الإنسان في البحر» (مقرها المملكة المتحدة)، إنه أخذ «إفادة شاهد» من قبطان الناقلة «غلف سكاي» يؤكد فيها تعرضها للخطف. وأضاف هاموند أن 26 من البحارة الهنود الـ28 على متنها تمكنوا من العودة إلى بلادهم، فيما بقي اثنان منهم في طهران. ولم يقدّم توضيحات إضافية، لكنه قال لـ«أسوشييتد برس»: «إننا مسرورون لسماعنا بأن أفراد الطاقم بخير، فهذا الأمر كان محور قلقنا الأساسي منذ البداية». وقال هاموند إنه لا يملك أي تفاصيل أخرى عن السفينة.
من جهته، أوضح موقع «تانكر تانكرز دوت كوم» الذي يرصد حركة التجارة بالنفط عبر البحار، إنه رصد من خلال صور أقمار صناعية وجود السفينة أمام جزيرة هرمز في المياه الإيرانية.
وكانت وزارة العدل الأميركية قد وجّهت في مايو (أيار) الماضي اتهامات جنائية ضد إيرانيين اثنين اتهمتهما بمحاولة تبييض نحو 12 مليون دولار من خلال شراء الناقلة التي كانت تُسمّى آنذاك «إم تي نوكيتا». وحمّلت الناقلة وقتها نفطاً من جزيرة «خرج» لبيعه في الخارج، حسبما قالت الحكومة الأميركية.
وتقول وثائق الدعوى الأميركية ضد الناقلة إن الخطة لها علاقة بـ«قوة القدس» التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني. وبحسب وزارة العدل الأميركية: «لم يحصل البائع على أي مدفوعات، لأن مصرفاً أميركياً جمّد الأموال المتعلقة ببيع الناقلة». وتابعت: «ونتيجة لذلك، أطلق البائع دعوى مدنية في الإمارات العربية المتحدة لاسترجاع الناقلة». وبحسب «أسوشييتد برس»، فإن هناك تساؤلات عن كيفية تمكن الناقلة من الإبحار إلى إيران إذا كانت الدعوى المدنية ما زالت مستمرة. ويزيد هذا الأمر من الغموض المحيط بملابسات الخطف المزعوم للناقلة. وبسبب هذه القضية؛ وجد البحارة الهنود الـ28 الذين كانوا على متنها أنفسهم بلا رواتب على مدى شهور، بحسب منظمة العمل الدولية التي قالت إن الناقلة وبحارتها جرى التخلي عنهم من قبل المالكين منذ مارس (آذار) الماضي.



إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
TT

إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)

إلى جانب الأهداف المتعددة، بما في ذلك الإقليمية والداخلية، التي حققتها الهجمات الإسرائيلية ضد القدرات العسكرية للجيش السوري، حقق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خطوة كبيرة نحو التحضير لهجوم واسع على إيران. فالحلم الذي راوده منذ 13 عاماً بتوجيه ضربة للمشروع النووي الإيراني أصبح، من وجهة نظره، أمراً واقعاً. ولديه شريك مهم يشجعه على ذلك، وهو الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

كان نتنياهو، ومن خلفه الجيش والمخابرات، مقتنعين بأن توجيه ضربة قاصمة للمشروع النووي الإيراني هو مشروع ضخم يفوق بكثير قدرات إسرائيل.

لذلك، حاول نتنياهو خلال الحرب جرّ أقدام الولايات المتحدة للقيام بالمهمة، لكنه فشل. فالرئيس جو بايدن ظل متمسكاً بموقفه مؤيداً للحوار الدبلوماسي مع طهران. غير أن الهجوم الذي شنته إسرائيل على إيران في 26 أكتوبر (تشرين الأول) غيّر القناعات. فقد كانت نتائج الهجوم قاسية على القدرات الدفاعية الإيرانية، وإيران أول من يعلم بذلك لكنها تفضل الصمت. وإذا أضفنا إلى ذلك أن خطة طهران لتطويق إسرائيل بأذرع عسكرية فتاكة تلقت ضربة قوية، حيث تم تدمير 60 إلى 70 في المائة من قدرات «حماس» العسكرية في غزة والضفة الغربية، وتدمير نصف قوة «حزب الله» على الأقل، فإنها قلّمت أظافر «الحرس الثوري» الإيراني.

طائرة مقاتلة إسرائيلية في مكان غير محدد في صورة نشرها الجيش في 26 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

ومع سقوط نظام بشار الأسد، أتيحت لإسرائيل فرصة مفاجئة ونادرة لضرب الجيش السوري، فاستغلتها دون تردد. وفي غضون أيام قليلة، دمرت سلاح الجو السوري وقواعده، وكذلك سلاح البحرية وموانئه، إلى جانب معظم الدفاعات الجوية وبطاريات الصواريخ. وكل ذلك دون أن تتعرض لإطلاق رصاصة واحدة، ليخرج الجيش الإسرائيلي من الهجوم بلا أي إصابة.

كما هو معروف، نفذ الجيش الإسرائيلي هذه العملية ليؤكد مكانته كأقوى جيش في المنطقة، ولإظهار أنه يرد على المساس به بمقاييس ضخمة غير مسبوقة في الحروب. كما كانت رداً على الانتقادات الداخلية في إسرائيل، خصوصاً بعد نقاط ضعفه التي ظهرت في 7 أكتوبر 2023 وخلال الحرب.

بالنسبة لنتنياهو، كانت العملية وسيلة لإثبات قوته السياسية لخصومه الذين يرونه «قائداً فاسداً ومحتالاً»، ولإظهار أنه يدير حرباً تحقق مكاسب هائلة. ومع سهولة انهيار نظام الأسد وتحطيم الجيش السوري، أصبحت هذه العملية تحقق مكسباً استراتيجياً لم تتوقعه أي مخابرات في العالم، ولم تتخيله أعتى الساحرات، حيث مهدت الطريق أمام نتنياهو للضربة التالية: إيران.

القبة الحديدية في إسرائيل تعترض الصواريخ الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

اليوم، تناقلت جميع وسائل الإعلام العبرية تصريحات صريحة لمسؤولين كبار في الحكومة والجيش الإسرائيليَّيْن، يؤكدون فيها أن «الهدف المقبل للجيش الإسرائيلي هو توجيه ضربة لإيران». وذكر هؤلاء المسؤولون أن العمليات العسكرية الجارية في سوريا تهدف إلى «تنظيف الطريق، جواً وبراً»؛ لتمهيد الطريق لضربة مباشرة ضد إيران. كما أشار البعض إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي يدرس توجيه ضربة قاصمة للحوثيين في اليمن كجزء من هذه الاستعدادات.

بالطبع، يعتقد الخبراء أن ضرب إيران «ليس بالمهمة السهلة. فهي لا تزال دولة قوية، تخصص موارد هائلة لتعزيز قدراتها العسكرية، وتتبع عقيدة لا تعترف بالهزيمة أو الخسارة».

بالنسبة لإيران، حسابات الربح والخسارة ليست محورية؛ إذ تحتفل بالنصر دون هوادة مهما كان الثمن الذي تدفعه باهظاً، خصوصاً عندما يكون الآخرون هم من يتحملون التكلفة.

وفي إسرائيل، كما في دوائر سياسية عديدة في الولايات المتحدة والغرب، يزداد الاقتناع بأن القيادة الإيرانية تدرك التحديات والأخطار المتراكمة ضدها. ويُعتقد على نطاق واسع أنها قد ترى الحل الوحيد أمامها يكمن في تسريع تطوير قدراتها النووية العسكرية، وصولاً إلى إنتاج قنبلتها الذرية الأولى.

صورة جوية تظهر سفناً للبحرية السورية استهدفتها غارة إسرائيلية في ميناء اللاذقية الثلاثاء (أ.ف.ب)

هذا الواقع يشجع إسرائيل على المضي قدماً في تدمير المنشآت النووية الإيرانية، ليس فقط دفاعاً عن نفسها، بل أيضاً نيابة عن دول الغرب وحماية لمصالحها المشتركة. تدعم دول الغرب هذا التوجه. وقد بدأت إسرائيل بطرح هذا الملف منذ عدة أشهر أمام حلفائها، لكنها تطرحه الآن بقوة أكبر بعد انهيار نظام الأسد وتدمير قدرات الجيش السوري.

رغم إعجاب الغرب بالقدرات الإسرائيلية وإشادته بجيشها، الذي استطاع قلب الموازين وتحقيق مكاسب عسكرية بعد إخفاقه المهين أمام هجوم «حماس» في 7 أكتوبر، حيث يُتوقع أن تصبح هذه المكاسب مادة دراسية في الكليات الحربية، فإن هناك تساؤلات ملؤها الشكوك: هل هذه الحسابات الإسرائيلية واقعية ودقيقة؟ أم أنها تعتمد بشكل كبير على الغرور والغطرسة أكثر من التحليل المهني والتخطيط الاستراتيجي؟

إعلان مناهض لإسرائيل في طهران يظهر صواريخ إيرانية أبريل الماضي (إ.ب.أ)

وماذا سيكون موقف إسرائيل إذا تبين أن القيادة الإيرانية بدأت بالفعل الاستعداد للتحول إلى دولة نووية منذ التهديدات الأولى لها، وقد تُفاجئ العالم اليوم بإعلان تجربة نووية ناجحة، على غرار ما فعلته كوريا الشمالية عام 2007؟

وفي الداخل الإسرائيلي، تُطرح تساؤلات صعبة؛ أبرزها: «هل نخوض مغامرة كهذه، نخدم فيها الغرب وكل خصوم إيران في المنطقة، بينما ندفع نحن الثمن كاملاً؟».