«كورونا» يُسجّل أرقاماً قياسية في أميركا ويؤجج حرب «فتح المدارس»

3.3 مليون إصابة و135 ألف وفاة

حارس مدرسة في فلوريدا يبعد متظاهرين عن مدخلها (أ.ب)
حارس مدرسة في فلوريدا يبعد متظاهرين عن مدخلها (أ.ب)
TT

«كورونا» يُسجّل أرقاماً قياسية في أميركا ويؤجج حرب «فتح المدارس»

حارس مدرسة في فلوريدا يبعد متظاهرين عن مدخلها (أ.ب)
حارس مدرسة في فلوريدا يبعد متظاهرين عن مدخلها (أ.ب)

رغم ضغوط إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإعادة فتح المدارس والجامعات في أواخر أغسطس (آب) المقبل، فقد أعلنت كبرى المدارس والجامعات في عدد من الولايات الأميركية معارضتها القرار، في خضم تزايد معدلات الإصابة بفيروس «كورونا» وظهور نقاط ساخنة جديدة في بعض الولايات. وقد سجّلت 36 ولاية ارتفاعات قياسية في أعداد الإصابات تصدرتها فلوريدا بارتفاع كبير بلغ 16 ألف حالة جديدة مؤكدة خلال 24 ساعة، فيما اتجهت 17 ولاية إلى إعداد خطط لعودة الإغلاق. وبصفة عامة، سجلت إحصاءات جامعة جونز هوبكنز ارتفاع الإصابات إلى 3.364 مليون حالة في الولايات المتحدة، بينما بلغت حالات الوفيات أكثر من 135 ألفاً.
وكانت إدارة ترمب كثّفت المساعي إلى عودة الحياة إلى طبيعتها، ودعوة الطلاب للعودة إلى الفصول الدراسية مع بداية العام الدراسي في الخريف وتضغط الإدارة الأميركية لإعادة فتح الشركات والمدارس في مواجهة اقتصاد مضطرب في محاولة لإعادة انتخابه في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
ويرجع قرار فتح المدارس لحاكم كل ولاية. وقد لوح الرئيس ترمب بزيادة المساعدات الفيدرالية والأموال المخصصة للمدارس التي تستجيب وتبدأ في إجراءات الفتح وهدد بقطع هذه المساعدات للمدارس التي تستمر في الإغلاق.
وروجت وزيرة التعليم بيتسي ديفوس أن الأبحاث تثبت أنه لا يوجد مخاطر على الأطفال بأي شكل من الأشكال إذا عاد الأطفال إلى المدارس، وهو ما تعارض مع تصريحات سابقة للدكتورة ديبورا بيركس، منسقة فريق مكافحة الفيروس في البيت الأبيض، التي أشارت فيها إلى أن الحكومة ليس لديها أي بيانات كافية لإظهار ما إذا كان الأطفال يمكن أن ينقلوا العدوى إلى الآخرين أم لا.
وقالت بيركس إن البيانات لديها تركز على الإصابة بين البالغين، بما يترك أسئلة كثيرة حول إمكانات انتقال العدوى للأطفال في المدارس. وبشكل عام يعتقد مسؤول الصحة أن الفيروس أقل خطورة على الأطفال من البالغين.
وفي المقابل، عارض العديد من المسؤولين المحليين والمتخصصين هذه العودة السريعة للطلبة مع القلق الذي يشكله فيروس «كورونا» على الطلبة والمدرسين والموظفين، خاصة بعد تحذيرات منظمة الصحة العالمية من أن إصابات (كوفيد 19) ستكون أسوأ خلال الفترة القادمة. ودعا عميد كلية الطب بجامعة ستانفورد إلى التراجع عن إعادة فتح المدارس والجامعات. وقال حاكم ولاية ميريلاند الديمقراطي لاري هوجان إن مدارس الولاية لن تستجيب إلى مطالب ترمب بإعادة الفتح.
وأعلنت 3 من أكبر المناطق التعليمية في الولايات المتحدة هي لوس أنجليس وسان دييجو وأتلانتا معارضتها لقرار ترمب، مؤكدة أن الدراسة خلال الفصل الدراسي المقبل ستكون فقط عبر الإنترنت. وقالت المناطق الثلاث في بيان مشترك أن معدلات الإصابة الصاروخية في الأسابيع الماضية توضح أن الوباء ليس تحت السيطرة ولذا ستستمر خطط التعليم عبر الإنترنت، ولن تتم العودة إلى التعليم المباشر، إلا بمجرد أن تسمح ظروف الصحة العامة بذلك. وجاء البيان في نفس اليوم الذي وضع فيه حاكم ولاية كاليفورنيا جافن نيوسوم الديمقراطي قيودا كثيرا، وأمر بإغلاق المطاعم والمسارح والحانات مرة أخرى.
وأعلنت مديرة المدارس العامة في أتلانتا ليزا هيرينج تأجيل بداية العام الدراسي من 10 أغسطس إلى 24 أغسطس، وطالبت إدارة التعليم في مدينة ميامي بولاية فلوريدا الآباء وأولياء الأمور إلى تحديد كيف يريدون عودة أبنائهم إلى المدارس وتقديم مقترحاتهم بحلول منتصف الشهر الجاري.
وتخطط العديد من المدن الكبرى لخطط مماثلة فيما أعلنت بعض المقاطعات خططا مزدوجة ما بين حضور الفصول الدراسة والدراسة عن بعد عبر الإنترنت. وتخطط ولاية أتلانتا لهذا المزج بين التعليم المباشر والتعليم عن بعد. وأعلن عمدة مدينة نيويورك بيل دي بلاسيو تقليل عدد الطلبة في المدارس ووضع قيود في المسافات بين الطلبة، وتقليل عدد أيام الذهاب إلى المدارس إلى ثلاثة أيام في الأسبوع، فيما قررت مدارس ولاية ديترويت فتح أبوابها والسماح للطلبة بالعودة إلى التعليم الشخصي.
وقد أخذ النقاش الوطني في قضية فتح المدارس منحى سياسيا كبيرا، حيث يعتقد أن كلا من الجمهوريين والديمقراطيين أن فتح المدارس ستكون له تداعيات سياسية كبيرة قبل إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر المقبل. ويعتقد خبراء التربية أن انتظام الطلبة في المدارس هو أمر تربوي جيد ومفيد. ويرى البعض أن تهديدات ترمب بإيقاف حنفية الدورات الفيدرالية المتدفقة إلى المدارس العامة لا يحمل سوى القليل من الوزن لأنه يفتقر إلى السلطة لحجب التمويل الذي أقره الكونغرس بالفعل.
وأوضح شون كوروكوران، الأستاذ بجامعة فاندربيلت المتخصص في اقتصادات التعليم لشبكة سي بي إس نيوز، أن مسألة التهديد بقطع التمويل عن المدارس ليست تهديدا حقيقيا لأن توفير التمويل هو مسؤولية الكونغرس وسيعارض أعضاء الكونغرس أي محاولات لحجب التمويل للمدارس في المقاطعات والمدن والولايات التي سيترشحون فيها ويخوضون معركة إعادة الانتخاب.
وتمول الحكومة الفيدرالية مراحل التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي وقد بلغت الميزانية في عام 2019 حوالي 16 مليار دولار توجه بشكل أكبر إلى المناطق المنخفضة الدخل والمقاطعات الأكثر فقرا ومدارس ذوي الاحتياجات الخاصة. وقد وافق الكونغرس بالفعل على تخصيص 13 مليار دولار في حزمة الإغاثة الاقتصادية التي أقرها في شهر مارس (آذار) الماضي والتي بلغت قيمتها تريليوني دولار. ومن المقرر أن يستأنف الكونغرس النقاشات الأسبوع القادم حول حزمة مساعدات أخرى لمواجهة الوباء. وقد وافق الديمقراطيون في مجلس النواب على ميزانية بلغت 100 مليار دولار للتعليم لكن مشروع القانون تعثر في مجلس الشيوخ.
من جانبها، هاجمت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي سعي ترمب لإعادة فتح المدارس وقالت إن ترمب يعبث بصحة الأطفال، وشددت بيلوسي في تصريحات لشبكة سي إن إن على أن العودة للمدارس تمثل أكبر خطر في انتشار (كوفيد 19). وأضافت «نريد جميعا أن يعود أطفالنا إلى المدرسة لكن يجب أن يعودوا بأمان».
وتزايدت الانقسامات مع هجوم ترمب على مسؤولي الصحة والخبراء في مركز مكافحة الأمراض الوبائية وتوجهات البيت الأبيض لإقصاء الدكتور أنتوني فاوتشي الذي صرّح علنا عدة مرات بخطوة تفشي الوباء وقصور الجهود التي تقوم بها إدارة ترمب، كما انتقد تصريحات ترمب بشأن الوباء وانتشاره وخطورته وما يتعلق باللقاح والأدوية المعالجة.
وفي تصريحات لشبكة فوكس نيوز، دافع ترمب عن علاقته الجيدة مع فاوتشي وادعى أن الولايات المتحدة لديها واحد من أدنى معدلات الوفيات من (كوفيد 19) وألقي باللوم على إدارة أوباما في نقص الاختبارات، مدعياً أن سلفه أوقف الاختبارات رغم مغادرة أوباما للبيت الأبيض قبل ثلاث سنوات من تفشي الوباء.
وخلال مناقشة على مائدة مستديرة في البيت الأبيض مع سلطات إنفاذ القانون مساء الاثنين، كرر ترمب أن اختبارات فيروس «كورونا» سيف ذو حدين، مشيرا إلى أن اكتشاف المرض وانتشاره يؤثر سلبا على أعداد المصابين.
وهاجم المرشح الديمقراطي جو بايدن هجوم ترمب على فاوتشي وقال في بيان: «محاولة الرئيس ترمب المثيرة للاشمئزاز لإلقاء اللوم على أكبر خبير في الأمراض الوبائية في البلاد هو فشل مروع، ويكشف انعدام القيادة مع استمرار حصيلة الوفيات المأساوية في الارتفاع».


مقالات ذات صلة

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))

أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
TT

أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)

أعلنت الحكومة الأسترالية اعتزامها فرض ضريبة كبيرة على المنصات ومحركات البحث التي ترفض تقاسم إيراداتها من المؤسسات الإعلامية الأسترالية مقابل نشر محتوى هذه المؤسسات.

وقال ستيفن جونز، مساعد وزير الخزانة، وميشيل رولاند وزيرة الاتصالات، إنه سيتم فرض الضريبة اعتباراً من أول يناير (كانون الثاني)، على الشركات التي تحقق إيرادات تزيد على 250 مليون دولار أسترالي (160 مليون دولار أميركي) سنوياً من السوق الأسترالية.

وتضم قائمة الشركات المستهدفة بالضريبة الجديدة «ميتا» مالكة منصات «فيسبوك»، و«واتساب» و«إنستغرام»، و«ألفابيت» مالكة شركة «غوغل»، وبايت دانس مالكة منصة «تيك توك». وستعوض هذه الضريبة الأموال التي لن تدفعها المنصات إلى وسائل الإعلام الأسترالية، في حين لم يتضح حتى الآن معدل الضريبة المنتظَرة، وفقاً لما ذكرته «وكالة الأنباء الألمانية».

وقال جونز للصحافيين إن «الهدف الحقيقي ليس جمع الأموال... نتمنى ألا نحصل عائدات. الهدف الحقيقي هو التشجيع على عقد اتفاقيات بين المنصات ومؤسسات الإعلام في أستراليا».

جاءت هذه الخطوة بعد إعلان «ميتا» عدم تجديد الاتفاقات التي عقدتها لمدة3 سنوات مع المؤسسات الإعلامية الأسترالية لدفع مقابل المحتوى الخاص بهذه المؤسسات.

كانت الحكومة الأسترالية السابقة قد أصدرت قانوناً في عام 2021 باسم «قانون تفاوض وسائل الإعلام الجديدة» يجبر شركات التكنولوجيا العملاقة على عقد اتفاقيات تقاسم الإيرادات مع شركات الإعلام الأسترالية وإلا تواجه غرامة تبلغ 10 في المائة من إجمالي إيراداتها في أستراليا.