موسكو تحذّر من تصاعد خطر اندلاع مواجهة نووية

اتهمت واشنطن بـ«تفكيك» نظم الرقابة على التسلح

مارشال بيلينغسلي المبعوث الخاص الأميركي لمحادثات سباق التسلح خلال جولة من المحادثات مع نظيره الروسي في فيينا الشهر الماضي (أ.ف.ب)
مارشال بيلينغسلي المبعوث الخاص الأميركي لمحادثات سباق التسلح خلال جولة من المحادثات مع نظيره الروسي في فيينا الشهر الماضي (أ.ف.ب)
TT

موسكو تحذّر من تصاعد خطر اندلاع مواجهة نووية

مارشال بيلينغسلي المبعوث الخاص الأميركي لمحادثات سباق التسلح خلال جولة من المحادثات مع نظيره الروسي في فيينا الشهر الماضي (أ.ف.ب)
مارشال بيلينغسلي المبعوث الخاص الأميركي لمحادثات سباق التسلح خلال جولة من المحادثات مع نظيره الروسي في فيينا الشهر الماضي (أ.ف.ب)

حذر وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، من «تدهور خطر» على صعيد الأمن والاستقرار الاستراتيجي في العالم، وقال إن مخاطر اندلاع مواجهة نووية «تزايدت بشكل ملموس في السنوات الأخيرة»، محملاً الولايات المتحدة المسؤولية عن تفاقم الوضع بسبب مواصلة سياسات «تفكيك» نظم الرقابة الدولية على التسلح.
ووجه لافروف الذي كان يتحدث أمس خلال مشاركته في أعمال «منتدى قراءات بريماكوف»، المتخصص بمناقشة القضايا الاستراتيجية في العالم، انتقادات قاسية إلى واشنطن، واتهمها بأنها تحاول استعادة الهيمنة على العالم، متبعة سياسة خطرة زادت من التهديدات على الأمن الدولي. وزاد أن «الولايات المتحدة تعمل بشكل ممنهج لتفكيك المنظومة العالمية للرقابة على التسلح».
وقال الوزير الروسي إنه يتفق مع الآراء التي باتت تحذر من تصاعد خطر اندلاع نزاعات نووية، لافتاً إلى أن «المخاطر النووية ازدادت بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة، ويشهد الوضع في مجال الأمن والاستقرار الاستراتيجي الدولي تدهوراً متواصلاً». وزاد أن «الأسباب التي تقف وراء ذلك واضحة للجميع (...) تتطلع الولايات المتحدة إلى استعادة الهيمنة العالمية، وتحقيق الانتصار فيما يسمونه بصراع الدول الكبرى».
وأوضح لافروف أن سياسات واشنطن ابتعدت تدريجياً عن مبدأ «الاستقرار الاستراتيجي»، لتضع بدلاً عنه مبدأ «الصراع الاستراتيجي». وقال: «إنهم يسعون لتحقيق انتصار». وفي إشارة إلى تراجع مستوى النقاشات حول قضايا الأمن الاستراتيجي، وانهيار الأسس التي كانت تشكل منطلقاً لهذه الحوارات، قال لافروف إن قلق موسكو تزايد خلال العامين الأخيرين بسبب امتناع الولايات المتحدة، خلال العامين الماضيين، عن تأكيد التزامها بالمبدأ الأساسي الذي كان مطروحاً في السابق، ويشكل قاعدة أساسية لضمان الأمن النووي القائم على أنه «لا يوجد طرف منتصر في أي مواجهة نووية، لذلك لا يمكن السماح بنشوب مواجهة من هذا النوع».
وقال الوزير إن «امتناع واشنطن عن تأكيد التزامها بهذا المبدأ الذي شكل دائماً أساساً للنقاشات بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي في القرن الماضي يزيد من المخاطر، ويدفع إلى التشاؤم» حيال سياسات واشنطن.
وشدد لافروف على التزام بلاده بمواصلة النقاشات حول هذا الملف، وسعيها لإعادة ترسيخ هذا المبدأ على الصعيد الدولي، في إطار القمة التي يجري العمل لعقدها لـ«الخماسي النووي» (روسيا والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين)، مشدداً على أن الأولوية لمنع تقويض الأسس التي تم الاتفاق عليها في الوثائق السوفياتية - الأميركية ذات الصلة.
وبرز التشاؤم الروسي حيال تحركات واشنطن في حديث لافروف مجدداً، عندما تطرق في حديثه إلى مستقبل معاهدة «ستارت» المبرمة بين موسكو وواشنطن في عام 2010، التي ترى موسكو أنها تشكل الحجر الأساس لاستقرار الأمن الاستراتيجي في العالم.
وتنقضي فترة سريان المعاهدة في فبراير (شباط) 2021، وفشلت موسكو وواشنطن حتى الآن في إطلاق مفاوضات بشأن احتمال تمديدها. ولفت لافروف، أمس، إلى «وجود مؤشرات واضحة إلى أن الولايات المتحدة قررت عدم تمديد هذه المعاهدة»، موضحاً أن «إصرار إدارة الرئيس دونالد ترمب على ضرورة الانتقال إلى صيغة ثلاثية للحوار، تشارك فيها الصين، يدل على أن مصير المعاهدة بات محتوماً». ومع التحفظ الروسي على انضمام الصين إلى المحادثات المنتظرة حول مستقبل «ستارت»، لفت لافروف إلى عنصر خلافي آخر يؤخر إطلاق هذه المفاوضات، مضيفاً أن «المطالب الأميركية بتوسيع المعاهدة كي تشمل أحدث الأسلحة الروسية هي بمثابة الطرق على باب مفتوح».
وفي المقابل، لوح الوزير الروسي بأن بلاده «مستعدة لأي سيناريو، في حال انهيار معاهدة ستارت»، وزاد: «لدينا قدرات كافية لضمان أمن بلادنا على المدى الطويل، سواء تم تمديد المعاهدة أم لم يتم ذلك». لكنه لفت إلى أن موسكو لا تريد التعجل في التوصل إلى استنتاجات، و«الأولوية حالياً لمواصلة الحوار مع الولايات المتحدة بشأن القضايا الاستراتيجية، ووضع آليات جديدة للرقابة على التسلح». ولفت الوزير إلى أن موسكو وواشنطن تقع عليهما مسؤوليات مشتركة لتمديد المعاهدة على قدم المساواة، مضيفاً أن «روسيا لا تنوي التوسل إلى الولايات المتحدة للمحافظة على المعاهدة إذا كانت ترفض ذلك قطعياً».
وكانت موسكو قد أعلنت في وقت سابق أنها «تتفهم» موقف بكين المعارض للانضمام إلى أي محادثات مقبلة بين موسكو وواشنطن بشأن التسلح، وزادت أن روسيا «لن تمارس ضغوطاً على بكين لتغيير موقفها».
وفي إشارة إلى المواجهة الأميركية - الصينية، لفت لافروف، أمس، إلى إن الولايات المتحدة «تستخدم في صراعها مع الصين أساليب ملتوية، وليست نظيفة»، موضحاً أنه «من الواضح أن الولايات المتحدة الآن تدير صراعها مع الصين بطرق غير نظيفة على الإطلاق. الجميع يرى، والجميع يعي هذا الشيء؛ يجري تقديم مطالب أحادية الجانب تضع في الحسبان مصالح الولايات المتحدة فقط. وإذا تم رفضها أو اقتراح مناقشتها، وإذا ما كان ينبغي مناقشة المقترح أو رفضه، سيجري التعامل مع هذا الرفض على أساس أنه غير مقبول، ويتم فرض عقوبات. وإذا كان هناك مجال لمناقشة الاقتراح، فإن النقاش يكون قصيراً، ويتحول بسرعة كبيرة إلى إنذار، وينتهي كذلك بعقوبات».
وزاد أن «الولايات المتحدة تهدد الصين بفرض عقوبات، متهمة إياها بقمع الأويغور والجماعات المسلمة الأخرى وانتهاك حقوق الإنسان، وتزعم واشنطن أن قانون الأمن القومي الذي أقرته الصين في العلاقة بهونغ كونغ يهدف إلى تقويض الحكم الذاتي لهونغ كونغ»، وقال إن الصين أكدت عدم صحة هذه الاتهامات.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».