خلافات الأحزاب تهدد بانشقاقات في البرلمان التونسي

TT

خلافات الأحزاب تهدد بانشقاقات في البرلمان التونسي

على أثر تقديم حركة «النهضة» التونسية (إسلامية) ثلاث لوائح إلى البرلمان، تقترح إدانة تمجيد الاستبداد، وطلب الاعتذار من ضحايا العهد البائد، ونشر قائمة شهداء وجرحى الثورة، وخلق التنمية وفرص التشغيل بشكل عادل في كل الجهات، رأى عدد من المراقبين أن حركة «النهضة»: «دخلت رسمياً حرب اللوائح بين الأحزاب الممثلة في البرلمان»، بهذه الخطوة، وقالوا إن مواقف الأحزاب السياسية المتباينة أصلاً ستحدث انشقاقات جديدة في المشهد البرلماني.
في هذا السياق، أكد أسامة الخليفي، رئيس كتلة حزب «قلب تونس» بالبرلمان، أن حزبه لن يوافق على تمرير اللوائح الثلاث التي تقدمت بها كتلة حركة «النهضة»، وذلك خلال اجتماع رؤساء الكتل بالبرلمان، واعتبر أن حزبه «غير معني بالمزايدات السياسية التي تفرزها اللوائح»، داعياً إلى النأي بالبرلمان عما اعتبره «مناكفات سياسية ومهرجان اللوائح التي لا تخدم مصالح التونسيين»، على حد تعبيره.
وأضاف الخليفي أن الموقف الذي اتخذته كتلته البرلمانية ينفي جذرياً ما تم تداوله حول وجود تحالف برلماني بين «قلب تونس» وحركة «النهضة» لمنع تصنيف «الإخوان» تنظيماً إرهابياً، بحسب المطلب الذي تقدم به «الحزب الدستوري الحر» المعارض، برئاسة عبير موسي.
في السياق ذاته، قال ناجي العباسي، المحلل السياسي التونسي، إن حركة «النهضة» قدمت مشروع لائحة لإدانة تمجيد الاستبداد، وطلب الاعتذار من ضحايا العهد البائد، وهي تعلم مسبقاً أنها تستهدف من ورائها عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» التي عُرفت بدفاعها عن حقبة بن علي.
وتنص الفقرة التاسعة من الفصل 148 من الدستور التونسي، على أن تلتزم الدولة بتطبيق منظومة العدالة الانتقالية في جميع مجالاتها، والمدة الزمنية المحددة بالتشريع المتعلق بها، ولا يقبل في هذا السياق الدفع بعدم رجعية القوانين، أو بوجود عفو سابق أو بحجية اتصال القضاء، أو بسقوط الجريمة أو العقاب بمرور الزمن، وهو ما يعني إمكانية العودة لإدانة بعض رموز النظام السابق.
يذكر أن عبير موسي كانت تشغل منصب أمين عام مساعد مكلف بالشباب والمرأة في حزب «التجمع الدستوري الديمقراطي» المنحل، وهو ما يؤكد انخراطها في المسؤولية عما وقع من انتهاكات لحقوق الإنسان في فترة حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي.
وكانت منظمات حقوقية تونسية ودولية قد أشارت إلى تضرر آلاف التونسيين المؤيدين لحركة «النهضة» من السجون والمنافي والتهجير القسري خلال فترة حكم بن علي التي امتدت على طول 23 سنة (من 1987 إلى 2011).
في غضون ذلك، من المنتظر أن تقدم نتائج لجنة التحقيق حول تضارب المصالح، المتعلقة بشركة رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ، تقريرها خلال مؤتمر صحافي بعد ثلاثة أسابيع. وفي هذا السياق، قرر رئيس الحكومة الاجتماع بأحزاب الائتلاف الحاكم من أجل مناقشة فحوى الاتهامات الموجهة إليه، خلال الأيام القليلة المقبلة، وتوضيح الأمر، مع الدعوة للتضامن ومواصلة العمل لمصلحة تونس، وإنعاش الاقتصاد الذي تضرر جراء تغيير الحكومات؛ مؤكداً أنه لن يتنحى عن منصبه، رغم مطالبة لجنة التحقيق البرلمانية بالتخلي عن منصبه إلى حين الانتهاء من التحقيق.
من ناحية أخرى، أصدر قاضي التحقيق بالقطب القضائي المالي بالعاصمة التونسية، أمراً بسجن متهمين اثنين في قضية فساد مالي في «الخطوط الجوية التونسية» (حكومية)، كما تم إطلاق سراح 5 متهمين آخرين.
وكانت النيابة العامة التونسية قد أصدرت يوم الأربعاء الماضي قراراً بالاحتفاظ بـ7 من المشتبه بهم يعملون في «شركة الخطوط التونسية»، من بينهم إطارات سابقة وحالية، قبل أن تعود وتطلق سراحهم في انتظار استكمال التحريات.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.