«حظر الكيماوي» تدعم «التحرك» ضد دمشق بعد هجمات حماة

إخفاق روسي ومحاولة أوروبية جديدة لإصدار قرار دولي حول المساعدات

TT

«حظر الكيماوي» تدعم «التحرك» ضد دمشق بعد هجمات حماة

صوّتت غالبية الدول الأعضاء في المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية، أمس (الخميس)، لصالح التحرك بناء على تحقيق حمّل لأول مرّة النظام السوري بشكل واضح مسؤولية شن هجمات بغاز للأعصاب، وفق ما أفاد به دبلوماسيون.
وتوصل التقرير الذي صاغه فريق تحقيق جديد في منظمة حظر الأسلحة الكيماوية إلى أن سلاح الجو السوري استخدم غازي السارين والكلور على بلدة اللطامنة في محافظة حماة في مارس (آذار) 2017.
ولم تصوّت إلا روسيا وإيران والصين ضد قرار المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيمياوية (وهو هيئة صنع القرار في المنظمة، يضم 41 من الدول الـ193 الأعضاء فيها). ويتّهم القرار سوريا بخرق معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية.
وقال المندوب البريطاني بيتر ويلسون على «تويتر» إن الدول صوتت لصالح «التحرّك بناء على تقرير فريق التحقيق والتحري»، متحدثاً عن «تصويت بأغلبية ساحقة لوضع حد لاستخدام الأسلحة الكيماوية». وحضّ القرار الذي اقترحته فرنسا الجانب السوري على «تصحيح الوضع»، وطالب مدير منظمة حظر الأسلحة الكيماوية بتقديم تقرير بشأن الملف، وفق ما أفاد به المندوب الفرنسي لوي فاسي في خطاب أمام المجلس هذا الأسبوع.
كما قضى برفع الملف إلى الاجتماع السنوي المقبل لجميع الدول الأعضاء في نوفمبر (تشرين الثاني)، مع «توصيات بشأن الإجراءات التي يمكن اتّخاذها... في حال لم يعالج الأمر».
وأُقر المقترح بـ29 صوتاً، بينما رفضته ثلاث دول، وامتنعت تسع عن التصويت. وتوصل أول تقرير يصدر عن فريق التحقيق الجديد التابع للمنظمة إلى أن مقاتلتين سوريتين ألقتا قنابل تحتوي على غاز الأعصاب «سارين» على اللطامنة، وأن مروحية ألقت برميلاً متفجراً مليئاً بالكلور على البلدة.
وتشكّل الفريق عام 2018 استجابة للضغوط الغربية من أجل تحديد منفّذي الهجمات. وكان دور المنظمة يقتصر في السابق على تحديد إن كان تم تنفيذ هجمات لا تسمية الجهة المسؤولية.
وأكّد المدير العام للمنظمة فرناندو أرياس في وقت سابق هذا الأسبوع أن الفريق يحقق بشأن حوادث أخرى وقعت في سوريا.
ونفت دمشق وحليفتها موسكو مراراً خلاصات التحقيق، وأصرّتا على أنه تم تزييف الهجمات بالأسلحة الكيميائية واتّهمتا القوى الغربية يتسييس منظمة حظر الأسلحة الكيماوية التي حصلت على جائزة نوبل للسلام عام 2013. وتواصل سوريا نفي استخدامها للأسلحة الكيماوية، وتؤكد أنها سلّمت جميع مخزوناتها من الأسلحة الكيميائية بموجب اتفاق عام 2013 الذي كان نتيجة هجوم يشتبه باستخدام غاز الساري فيه أودى بحياة 1400 شخص في الغوطة قرب دمشق.
إلى ذلك، قدمت ألمانيا وبلجيكا اللتان أفشلت روسيا والصين مشروعهما، لمجلس الأمن الدولي مسودة قرار جديد ينص عى إبقاء المساعدات الإنسانية التي تقدّمها الأمم المتّحدة لسوريا عبر الحدود، بلا تغيير تقريباً، بعد إخفاق روسيا في خفضها.
ولا يتوقع أن يجري تصويت جديد على المحاولة الأوروبية الجديدة التي يمكن أن تعرقلها موسكو مجدداً، قبل اليوم (الجمعة)، يوم انتهاء تفويض الأمم المتحدة في هذه المهمة.
وكان النص الألماني البلجيكي الأول يقضي بتمديد آليّة إيصال المساعدات عبر الحدود إلى سوريا لمدّة عام واحد عبر نقطتَي الدخول الحدوديّتَين في باب السلام المؤدية إلى منطقة حلب، وباب الهوى التي تسمح بالوصول إلى منطقة إدلب.
واستخدمت روسيا ومعها الصين الثلاثاء حقّ النقض (فيتو) ضدّ مشروع القرار، ثم قدمت موسكو اقتراحاً مضاداً ينصّ على إلغاء معبر باب السلام، والإبقاء على معبر باب الهوى فقط ولمدّة ستّة أشهر فحسب.
ولم تصوت سوى ثلاث دول، هي الصين وجنوب أفريقيا، لمصلحة النص، إلى جانب روسيا.
وصوّتت ضد النص سبع من الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي هي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وبلجيكا وإستونيا وجمهورية الدومينيكان، بينما امتنعت عن التصويت تونس والنيجر وإندونيسيا وسانت فنسنت – غرينادين.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».