جونسون: الضمّ يدمر عملية السلام

احتجاجات ضد حكومة نتنياهو الاثنين (د.ب.أ)
احتجاجات ضد حكومة نتنياهو الاثنين (د.ب.أ)
TT

جونسون: الضمّ يدمر عملية السلام

احتجاجات ضد حكومة نتنياهو الاثنين (د.ب.أ)
احتجاجات ضد حكومة نتنياهو الاثنين (د.ب.أ)

بعد البيان الذي أصدره وزراء خارجية مصر وفرنسا وألمانيا والأردن، أمس الثلاثاء، والموقف الذي أغضب إسرائيل من بلجيكا التي تمول منظمات تكافح الضم، كشفت مصادر سياسية إسرائيلية، أن رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، المعروف كصديق حميم لإسرائيل، تكلم مع نظيره في تل أبيب، بنيامين نتنياهو، وشدد لهجته ضد المخطط وقال إن «الضم في حال تنفيذه لا يلحق ضررا وحسب، بل يدمر عملية السلام المنشود بين إسرائيل والعرب».
وقالت هذه المصادر إن نتنياهو أبلغ جونسون، خلال المكالمة الهاتفية التي جرت ليل الاثنين - الثلاثاء، بأنه يرى في خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أفضل خطة لصنع السلام «لأنها بعيدة عن الشعارات القديمة وتطرح حلولا حقيقية تأخذ بالاعتبار كل الأطراف». وأنه مستعد لمباشرة مفاوضات فورية مع الفلسطينيين حولها. ورد جونسون، بالقول، إن الضم سيعرقل أيضا المفاوضات الممكنة. واتفقا في ختام المحادثة على مواصلة «حوار الأصدقاء» هذا، لاحقا، على مستوى وزيري الخارجية.
وفي لندن، قال بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء البريطاني إن جونسون شدد على مخاوفه بشأن مخطط الضم، ودعا نتنياهو إلى العودة إلى المفاوضات مع الفلسطينيين. وإن الاثنين اتفقا على «تعزيز العلاقات بين الدولتين» وخاصة التعاون في مكافحة فيروس كورونا.
وكان وزراء خارجية مصر وفرنسا وألمانيا والأردن، قد أدانوا، في جلسة مداولات عبر تقنية الفيديو، أمس الثلاثاء، مخطط الضم الذي تنوي إسرائيل تنفيذه، وقالوا إنه سيشكل انتهاكا للقانون الدولي ويهدد أسس عملية السلام، مشددين على أن دولهم لن تعترف بأي تغييرات في حدود 1967 لا يوافق عليها طرفا الصراع. وأوضح الوزراء الأربعة، أن هذه الخطوة ستكون لها عواقب خطيرة على أمن واستقرار المنطقة، وستشكل عقبة كبيرة أمام جهود تحقيق سلام شامل وعادل.
ومما جاء في بيانهم: «نؤكد التزامنا الشديد بحل الدولتين من خلال المفاوضات استنادا إلى القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة».
من جهة ثانية، أشارت مصادر في الخارجية الإسرائيلية، أمس، إلى «هبوب رياح سيئة» من أوروبا، بسبب موضوع الضم. وقال سفير سابق في إحدى عواصمها، إن قرار فتح الاتحاد الأوروبي السماء لرحلات جوية من عدة دول، واستثناء إسرائيل منها، ليس قرارا مرتبطا بانتشار فيروس كورونا، فحسب، بل له علاقة بالضم.
وطرح الموقع الإخباري «بوليتكو» تحقيقا صحافيا عن المساومة السياسية العسيرة من خلف كواليس هذا القرار، فقال، إن فرنسا مثلا، مارست ضغطا ونالت أذون دخول للوافدين من الجزائر والمغرب. وإن وضع إسرائيل، في فترة المداولات في بروكسل، لم يكن يبرر تصنيفها دولة «حمراء».
واعتبر الموقع هذا التصرف «مجرد مثل واحد عما ينتظر علاقات إسرائيل الخارجية عندما ينفذ نتنياهو وعده (بسط السيادة الإسرائيلية) على هذه المناطق أو تلك من الضفة الغربية».
على الصعيد ذاته، أشارت المصادر السياسية إلى أن الخارجية الإسرائيلية توجهت باحتجاج رسمي إلى الحكومة البلجيكية على قيامها بتخصيص مبالغ لدعم حركات ومنظمات إسرائيلية تعمل ضد الضم واعتبرتها تدخلا سافرا في شؤون إسرائيل الداخلية.
هذا، وتنص الخطة الأميركية المعروفة بخطب ترمب أو صفقة القرن، على أنه يمكن لإسرائيل ضم نحو 30 في المائة من الضفة الغربية التي تم احتلالها في عام 1967، على أن تصبح الـ70 في المائة المتبقية جزءا من الدولة الفلسطينية، ولكن وفق شروط صارمة. ويرفض الفلسطينيون هذه الخطة، التي تعد مثار جدل على مستوى عالمي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».