جبهة السراج تنفخ في نار الحرب... وعينها على الانتخابات

أوحيدة: {الوفاق} فقدت ما تبقى لها من إرادة... والقرار بات في أيدي أنقرة و«الإخوان»

TT

جبهة السراج تنفخ في نار الحرب... وعينها على الانتخابات

على وقع تمكنها من السيطرة على حدود العاصمة الليبية، تتمسك حكومة «الوفاق» الوطني، برئاسة فائز السراج، بكل أذرعها السياسية في غرب البلاد للمضي قدماً نحو استكمال طريق الحرب، بهدف إبعاد «الجيش الوطني» إلى خطوط ما قبل بدء العملية العسكرية على طرابلس.
ومنذ إطلاق «إعلان القاهرة» وجميع الأطراف السياسية، الداعمة لرئيس المجلس الرئاسي، تحثه على مواجهة عسكرية في محور (سرت - الجفرة) بدعوى ضرورة فرض حكومة «الوفاق» سطوتها على كامل التراب الليبي، سعياً لإحراج قوات الجيش، ومحاصرتها في أضيق نقطة.
والمحرضون على عدم التعاطي مع أي مبادرة سياسية كثيرون، بينهم عسكريون وسياسيون، وسط تحشيد عسكري كبير على جبهات القتال، وهو ما يرجعه متابعون لـ«الشرق الأوسط» إلى قوة الدعم التركي، الذي تتلقاه «الوفاق» من «عتاد ومقاتلين أجانب». لكن عضو مجلس النواب، جبريل أوحيدة، يرى أن ما يسمى بحكومة (الوفاق) «فقدت ما تبقى لها من إرادة؛ والقرار بات في يد أنقرة والتيار العالمي لتنظيم الإخوان».
وتابع أوحيدة، النائب عن مدينة الكفرة بجنوب البلاد، في حديث إلى «الشرق الأوسط» موضحا: «لو توقفت الحرب دون خط (سرت - الجفرة)، فإن قوات (الوفاق) في هذه الحالة لم تحقق شيئا، كون منابع وموانئ النفط خارج سيطرتها (...) فلا مكاسب سياسية أو اقتصادية باستطاعتهم تحقيقها على طاولة المفاوضات في أي تسوية سياسية، ولا حتى في حال تقسيم الموارد كما يهدفون».
وأضاف أوحيدة: «لذلك هم يضغطون بالتلويح بالحرب والمساومة بهدف تحييد روسيا وفرنسا، وربما حتى مصر. لكن ذلك يبدو صعب المنال حتى الآن»، مشيرا إلى أن «تركيا وحلفاءها وذيولهم في ليبيا أصبحوا بين خيارين أحلاهما مر: إمّا خوض مغامرة حرب غير مضمونة النتائج، وإما الركون لمفاوضات دون أوراق لعب حقيقية، مع احتمال ثالث وهو أنهم يحاولون السيطرة على الجنوب الغربي والشرقي بأكثر من وسيلة أهمها الاعتماد على ميليشيات تشادية، وأخرى قبائلية توجد بالجنوب لا تدين بالولاء للجيش الليبي، بقيادة المشير حفتر، معتقدين أن تركيز الجيش وحلفائه مُنصب فقط على منطقة (سرت والجفرة) لتحقيق مكاسب جغرافية، ووصولهم إلى مناطق أكثر قربا من منابع النفط والغاز».
وتأكيدا على هذا التوجه، تمسك عبد الرحمن السويحلي، الرئيس السابق للمجلس الأعلى للدولة، بضرورة استكمال المسار العسكري، وشدد خلال لقاء في منزله بالسفير الإيطالي لدى ليبيا، جوزيبي بوتشينو، على أن بسط سلطة الدولة على كامل البلاد «حق شرعي لا تفاوض عليه، وسيادة ليبيا وتضحيات أبنائها أمر لا تفريط فيه». مضيفا «لن نقبل باستغلال ثروات الليبيين (النفط) كورقة لابتزازنا من دول العدوان».
وسار على درب السويحلي في توجهه كثيرون من جبهة السراج، من بينهم الرئيس الحالي لمجلس الدولة خالد المشري، الذي سبق أن صرح بأنه «ضد الحرب من حيث المبدأ»، لكنه عاد ليؤكد بأنه «لا بد من فرض سيطرة حكومة (الوفاق) على كامل التراب الليبي، ثم الذهاب إلى الاستفتاء على الدستور، يليها الانتخابات، وهذا هو الحل الذي يجب أن يساعدنا به العالم».
من جهته، أرجع الناشط السياسي يعرب البركي إصرار حكومة «الوفاق» وعدم تعاطيها مع الحل السلمي لأسباب محلية، وأخرى دولية. الأولى تتمثل في «عجزها عن الوقوف أمام بارونات الفساد الذي لم يمكنها من تحسين الأوضاع المعيشية، التي تزداد سوءا كل يوم، ولذا فإن الميليشيات المحلية ترفض أي حل».
أما الأسباب الدولية فتتمحور حسب البركي في أن كل الحلول المطروحة ضمن قرارات مجلس الأمن الدولي، أو (إعلان القاهرة) «تحض على تفكيك الميليشيات وإخراج (المرتزقة) من البلاد، وتسليم السلاح وتوحيد المؤسسات، وهذا يعني خسارة التحالف (التركي - القطري) لكل أدواته في ليبيا»، لافتا إلى أن كل ما تسيطر عليه «الوفاق» وحليفتها تركيا الآن «ليست إلا أراضي شاسعة لا يوجد بها نفط، لذا فإن البقاء عند هذه النقطة يمثل خسارة مضاعفة، في ظل الإحراج الدولي الذي تعيشه تركيا بدعمها الميليشيات وجلبها للمرتزقة، ومع مرور الوقت سترهق اقتصاديا في ظل وقف ضخ إمدادات النفط، وتحويل أموالها لصالح مجاميع الوفاق».
وانتهى البركي قائلاً: «لذا لم يعد هناك أمام حكومة (الوفاق) وحليفتها أنقرة إلا خيار المغامرة والدخول في معركة».
في سياق موازٍ، بحث عماد السايح، رئيس مجلس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، مع السفير الإيطالي لدى ليبيا غوزيبي بوتشيني، أمس، جاهزية المفوضية لتنفيذ العمليات الانتخابية المستقبلية التي قد يتضمنها أي اتفاق سياسي، ومستوى استعداداتها لترجمة اتفاق الأطراف السياسية على إنهاء المرحلة الانتقالية من خلال عملية انتخابية.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.