«التنين في الضباب»... خبراء يكشفون أهداف بوتين من تعديل الدستور

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)
TT

«التنين في الضباب»... خبراء يكشفون أهداف بوتين من تعديل الدستور

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)

أصبح من حق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الترشح لفترتين إضافيتين بعد انتهاء فترة رئاسته الحالية في عام 2024؛ فترة حتى عام 2030 والأخرى حتى عام 2036؛ حيث سيكون عمره قد جاوز الثمانين عاماً، ولكن السؤال الآن هو: هل سيبقى بوتين حقاً في الكرملين بعد انتهاء فترة رئاسته الحالية؟
وحصل بوتين على تلك الميزة الجديدة بعد أن صوت الروس على مجموعة من التعديلات الدستورية في استفتاء استغرق أسبوعاً، شملت بين أمور أخرى حظر حمل كبار المسؤولين جنسية دولة أخرى، وحظر «نزع ملكية» الأراضي الروسية، وتحديد الزواج بأن يكون بين رجل وامرأة، و«حقوقاً اجتماعية» مثل ضمانات بأن يفوق الحد الأدنى للأجور الحد الأدنى للدخل الكافي للمعيشة وتعديل المعاشات وفقاً للتضخم.
ويقول الكاتب ديمتري ألكسندر سايمز، المهتم بالشأن الروسي لمجلة «ناشيونال إنتريست» الأميركية، إنه بعد إعلان لجنة الانتخابات المركزية في روسيا موافقة 77.9 في المائة من الناخبين على التعديلات المقترحة، تركزت كل الأنظار على مستقبل بوتين السياسي؛ حيث لا يعتقد بعض الخبراء والمطلعين على بواطن الأمور السياسية الروسية إلى حدٍ كبير أن بوتين سوف يستخدم هذا الحق الذي أصبح متاحاً له في ظل الدستور الجديد.
وقال أليكسى تشيسناكوف، وهو محلل سياسي عمل مديراً لمركز دراسة الأوضاع السياسية التابع للسلطات الرسمية الروسية، للمجلة إن خطط بوتين المستقبلية ليست واضحة تماماً، ومن المحتمل أن هذا هو ما يريده الرئيس الروسي. وأوضح أن هناك مفهوماً لدى الصينيين يعرف بـ«التنين في الضباب»: وهو ما يمثل لاعباً قوياً في مساحة غامضة يمكنه أن يضرب منافسيه في أي لحظة من زاوية غير متوقعة، ويمكن أن تساعد هذه الصورة في توضيح المنطق وراء سلوك بوتين: فهو يريد أن يظل «تنيناً في الضباب» حتى نهاية رئاسته. مبينا أن هدف بوتين من وراء ذلك هو عدم انشغال النخبة السياسية الروسية طوال السنوات المتبقية من فترة رئاسته في محاولة تملق من يحتمل أن يخلفوه، بدلاً من «العمل من أجل الاستقرار» كما أن الإبقاء على احتمال الترشح مرة أخرى عام 2024 مفتوحاً سوف يساعد في إحباط مثل هذا المناورات. وقال إن إلغاء القيود على الفترات الرئاسية سيبعث أيضاً برسالة للقادة الأجانب بأن بوتين يشعر بالثقة إزاء قدرته على البقاء رئيساً لروسيا طوال السنوات العشر المقبلة على الأقل.
ومن المكن أن يتساءل المرء هل هناك سبب آخر وراء قرار بوتين الدفع بدستور جديد، وفي هذا الإطار ذكر المحلل: «إذا ما نظرنا إلى هذا القرار من الناحية الاستراتيجية، فإنه لا شك أن بوتين أراد ليس فقط منح نفسه فرصة للترشح مرة أخرى، ولكن أيضاً أراد تحقيق تغييرات من شأنها تثبيت خطابه الآيديولوجي والسياسي في النظام السياسي الروسي».
وإذا ما قرر بوتين العودة إلى الكرملين في عام 2024. فإنه سيكون قادراً على ممارسة سلطة أكبر كرئيس، فالتعديلات الدستورية التي تمت الموافقة عليها الخميس الماضي عززت من نفوذ الرئيس على السلطة القضائية.
وعلى سبيل المثال، لم يعد الرئيس في حاجة لطلب الموافقة من مجلس الاتحاد، الغرفة الأعلى في البرلمان الروسي، بالنسبة لتعيين أو عزل النائب العام. كما أن باستطاعة الرئيس الآن أن يقترح على مجلس الاتحاد عزل كبار القضاة، بينما كان لا يمكن أن يتم هذا في ظل الدستور القديم إلا بتقديم القضاة الآخرين توصية بذلك، وفي الوقت نفسه، من حق الرئيس الآن تعيين ما يصل إلى 30 من أعضاء مجلس الشيوخ في مجلس الاتحاد، بما في ذلك تعيين سبعة منهم مدى الحياة.
وكان مسموحاً للرئيس في السابق تعيين ما يصل إلى 17 من أعضاء مجلس الشيوخ، لا يتم تعيين أي منهم مدى الحياة. وعلاوة على ذلك، من حق الرئيس الآن في حالة تركه منصبه أن يصبح عضواً في مجلس الشيوخ مدى الحياة.
واكتسب البرلمان وفقاً للتعديلات الأخيرة سلطات جديدة. فباستطاعة مجلس الدوما، الغرفة الأدنى في البرلمان الروسي الآن تأكيد أو رفض المرشحين لمنصب رئيس الوزراء وغيره من المرشحين للمناصب العليا في مجلس الوزراء.
ومع ذلك، يقول بعض الخبراء إن هذه التغييرات ليست ذات أهمية عملياً، فقد قالت تاتيانا ستانوفايا، وهي المؤسسة لمركز التحليلات السياسية «أر بوليتيك»: «إذا نظرنا إلى جوهر هذه الإصلاحات، فإننا نجد أن الرئاسة هي المؤسسة المهيمنة، بينما السلطات الجديدة التي تم منحها للبرلمان ليست مهمة، وهامشية، ولا تمدها بأي ميزة بشكل عام»، إذ إنه إذا فشلت الغرفة الأدنى في البرلمان في تأكيد تعيين مرشحي الحكومة ثلاث مرات، فإنه من حق الرئيس وفقاً للدستور الجديد تعيينهم بنفسه.
ويرى سايمز أن المعارضة الروسية فشلت في تحقيق أي زخم مهم ضد الإصلاحات الدستورية المقترحة من الكرملين، رغم أن انتشار فيروس «كورونا» والمتاعب الاقتصادية تسببا في انخفاض شعبية بوتين قبل الاستفتاء والتي وصلت إلى 59 في المائة، وهي أقل نسبة منذ عام 1999. وفقاً لاستطلاع رأى أجراه مركز «ليفادا» المستقل.
ورغم أن التعديل الخاص بزيادة الفترات الرئاسية قد أثار جدلاً كبيراً، حظيت الضمانات الاجتماعية الجديدة في الدستور الجديد برضا واسع النطاق من جانب الشعب الروسي.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.